أقام الملتقى الثقافي أمسية بعنوان "الفصحى الحديثة والذكاء الاصطناعي" للأديب محمد الشارخ، بحضور جمع كبير من الأدباء والمثقفين، منهم الكاتب والإعلامي القدير نجم عبدالكريم، والكاتب المسرحي الكبير عبدالعزيز السريع.وخلال الأمسية، قال مدير ومؤسس الملتقى، الروائي طالب الرفاعي إن "لقاءنا اليوم مع قامة ليست كويتية أو خليجية أو عربية، بل قامة عالمية، فهو أحد الناس الذين استطاعوا أن يتخذوا من التكنولوجيا مدخلاً لفكر أجيال"، مضيفاً أن "الشارخ عُرف كرجل أعمال، لكني أعرفه ككاتب ومتذوق وقصاص وعاشق للفن التشكيلي".
عقب ذلك، قال الكاتب عبدالمحسن تقي إن الشارخ هو الشخص الذي قامت على يديه التكنولوجيا العربية الحديثة عبر إدخال تطوير إيجابي هائل في عالم المعرفة العربية بصورة عامة. وقدم تقي مقتطفات من سيرة حياة الشارخ التعليمية، مبيناً أنه حصل على بكالوريوس في الاقتصاد من جامعة القاهرة، كما حصل على درجة الماجستير في التنمية الاقتصادية من كلية وليامز بولاية ماساتشوسيتس، وشغل عدة مناصب مهمة في القطاعين العام والخاص.
ثلاث نقاط
من جانبه، قال الشارخ: "سأتحدث في ثلاث نقاط عن اللغة، أولها في باب خدعوك فقالوا، وثانيها في تعريف المعجم، وثالثها في المقصود بتحديث العربية... ففي خدعوك فقالوا، هناك مشكلة للعربية مع اللهجات، وأنا أعتقد أن هذا الكلام مبالغ فيه، لأن اللهجات موجودة منذ القدم، واليوم في انكلترا مثلا يوجد أكثر من 34 لهجة على سبيل المثال، وفي انكلترا وأميركا وفرنسا يتكلم المتعلمون اللغة المعيارية، وهي اللغة التي نقرأها في الصحف، لغة الثقافة والكتابة، أما في الترفيه والكلام المنزلي فيستخدمون اللهجات، وهذا ليس بجديد".وأضاف: ربما يكون الفرق أن في "العربية" تبعد اللهجات عن اللغة المعيارية "الفصحى"، أي "اللغة التي أتكلم بها الآن، والتي يفهمني أي شخص في العالم العربي من خلالها، إذاً اللغة المعيارية standard مرتبطة بثقافة الأمة، واللهجات المحلية محدودة المفردات، وبالتالي فإن التعبير عن الأفكار فيها محدود، والتعبير عن الانفعالات فيها سهل، ولهذا نراها أكثر في الترفيه، أما في الثقافة فلا نجدها، وأعتقد أن هناك مبالغة في مسألة علاقة العامية باللغة، ولو كانت لها حضور قوي علمي ووجود لنجحت". وتابع: "أما النقطة الثانية التي يقال فيها لغط، وأنا أعتقد أنه غير صحيح، فهي أن التعليم العالي للعلوم باللغة العربية صعب، وأنا أعتقد أن في ذلك مغالطة، لأن في كتب الطب أو الهندسة، في أي لغة، المصطلحات العلمية التي تتعلق بهذا العلم لا تتجاوز 10 في المئة كما فهمت من حجم الكتاب".وزاد: "نحن نبالغ بسبب كسلنا، أو بسبب عدم وجود إدارة واعية لأهمية التعليم باللغة الوطنية"، لافتا إلى أن استخدام كلمات إنكليزية وفرنسية أثناء الحديث لا يضر اللغة كما يظن البعض، فتلاقح اللغات موجود من الأزل، "ولذلك علينا أن نستوعب هذه الكلمات وتلك المصطلحات الجديدة".منتج جديد
من ناحية أخرى، قال الشارخ إنه بصدد طرح منتج جديد للغة العربية، وهو "معجم" حديث للغة المتداولة اليوم، مبيناً أن "المعجم ليس قائمة إحصائية بالكلمات، بل هو انعكاس للفكر والثقافة القائمة، وإذا لم يتوفر تعريفات وتحديد لمعاني الكلمات والمفاهيم، فسيكون هناك اضطراب في الفهم".وأكد أنه لا توجد لغة حية في العالم من دون معجم حديث، إلا "العربية"، "وأنا أدرك أن المعاجم صنع الجامعات أو مؤسسات مختصة، ومع ذلك أقدمت على هذا العمل لسد فجوة في الثقافة العربية، إذ لا يوجد معجم حديث يعطينا معنى المصطلحات الفنية الحديثة على سبيل المثال". وقال الشارخ إن للمعاجم أنواعاً، منها التاريخي والحديث، موضحاً أن "المعجم الذي سنطرحه الآن إلكترونياً يحتوي على 125 ألف معنى و35 ألف مرادف".ولفت إلى أن ميزة هذه الطريقة أنها تسمح بالتصويب، وتنقيح ما يسمى في عمل الكمبيوتر بـ "Up grade"، "الذي يمكن عمله كل أربعة أو ثلاثة أشهر أو متى ما شئت، فهذا يسهل مواكبة المعجم لمتطلبات الحياة المختلفة.مشروع
وتابع: "مشروعي هو تحديث العربية، والأصولية اللغوية كما تعرفون تتشبث بالماضي، والحديث يريد الحاضر والمستقبل، ونحن في مشروعنا اخترنا كلام الناس العادي، الذي يكتب في الصحافة، والذي يكتب في الكتابة الحديثة، بعيداً عن العاميات واللهجات، فهي فصحى حديثة، وأعتقد أن تحديث العربية مهم، لأن الأمية في الوطن العربي في النهاية، بعد عشرين أو خمسين سنة، ستزول كما يحدث في كل العالم". ودعا الشارخ إلى أن "تكون هناك لغة معيارية نستطيع التواصل بها كما نتواصل الآن"، لافتاً إلى أن هذا الأمر هو ما يعد له للمستقبل، وهو مشروعه ببساطة.وأكد أن الأصولية اللغوية مضرة لتطوير العربية، فبعض الأصوليين يقولون إن اللغة مقدسة وهذا اعتقاد خاطئ، لافتاً إلى أن الحفاظ على اللغة يتطلب تحديثها.