أسرار العنصرية مع صندوق النفيسي
شخصياً لم أتمكن من متابعة كل حلقات الصندوق الأسود التي أجراها الإعلامي عمار تقي مع الدكتور عبدالله النفيسي رغم تكرار طلب ابنتي نور في رغبتها في مناقشة ما طرحه الدكتور النفيسي من قضايا لم تكن هي على دراية بها بحكم حداثة سنها، ولأسلوبه المثير في سرده لتلك الأحداث، وقدرته على الجذب والتنقل بينها رغم إنكار الكثيرين مما طرحه النفيسي لوقائع وشواهد تاريخية. رغم مشاهدتي بعض حلقات الصندوق الأسود فإنني لست بصدد الحكم أو الوقوف على حقيقة ما ذهب إليه، لكن هناك كلمة "عنصرية" استوقفتني، وهي التي كررها أكثر من مرة، ومنها عبارة "السياسات توضع على فكرة العنصرية والمجتمع الكويتي فيه الكثير من العنصرية"، ثم أردفها بكلمة "لفو" كدلالة على أن الحقوق والامتيازات للكويتيين تتفاوت بحسب انتماءاتهم، ثم تكلم عن أسباب عدم حل قضية البدون للسبب ذاته. هذه النقطة فعلًا تستحق الوقوف عندها وتفنيدها بالشكل المناسب، لما تشكله "العنصرية" من خطر حقيقي على المجتمع، ولكونها لا تقل خطورة عن الطائفية، فشواهدها كثيرة ومتعددة تلقى الكثير من الترحيب والقبول عند بعض مكونات المجتمع، رغم نهي الرسول الكريم، صلى الله عليه وعلى آله وسلم عنها "دعوها فإنها منتنة".
العنصرية ليست وليدة الساعة، فهي موجودة منذ الأزل، وقد لا يكون هناك مجتمع يخلو منها لكنها تقل حدتها واستخدامها في المجتمعات التي تحرص على تجريمها، والتي لديها قوانين فاعلة يمكن اللجوء إليها عند تعرض أحد أفراد المجتمع لأي أذى قد يصيبه منها، والكويت ليست مستثناة من مفردة "العنصرية"، فهي موجودة وحاضرة في القاموس الاجتماعي الكويتي.التصدي لهذه المفردة البغيضة واجب وطني تفرضه المصلحة الوطنية، لخطورتها على السلم الأهلي، خاصةً أن هناك من يستخدمها بين فترة وأخرى لدس السم بالعسل، وجعلها بوابة للدفاع عن الهوية الوطنية، كمسوق يمكن قبوله عند الحديث عن الجنسية الكويتية والولاء المزدوج وغيرها من التقسيمات العرقية. على سبيل الفرض في عام 2060 ذهب أحد الكويتيين إلى إدارة الجنسية والجوازات عند بلوغه الـ18 سنة ممن حصل أجداده على الجنسية، وفقا للمادة الثانية سنة 1960، والتي تغيرت فيما بعد إلى كويتي وفقا للمادة السابعة لاستخراج وثيقة الجنسية، ماذا سيكتب له في جنسيته؟ الإجابة وفقاً للقانون الحالي كويتي بصفة أصلية وفقاً للمادة السابعة أي بمعنى آخر ستظل هذه التصنيفات ملازمة للكل من تحصل أجداده على الجنسية الكويتية بالتجنس ما لم ينظر المشرع ويتعامل معها باعتبارها هوية ولاء للوطن قبل أن تكون هوية شخصية.مساجلات الصندوق الأسود كانت فعلاً مثيرة للجدل بين مؤيد معجب، وبين ناكر للوقائع التي سردها الدكتور النفيسي، ولكن غالبية هذه المساجلات فتحت المجال لرؤية الأحداث من زاوية أخرى، وفتحت الأعين على حقبة من الأحداث المحلية والإقليمية لم يجرؤ الكثيرون على الخوض فيها.ودمتم سالمين.