الصدر «يضبط» مليونيته ضد أميركا على إيقاع «تفاهمات صالح» في دافوس
ينظم التيار الصدري تظاهرات حاشدة في بغداد اليوم، ضد الوجود الأميركي في العراق، بعدما قدّم ضمانات بمنع الميليشيات من استغلال هذا الحدث لضرب حركة الاحتجاج الواسعة في البلاد ضد النظام السياسي.وفرض مقتدى الصدر على الميليشيات التي ستشاركه في التظاهرة، ألا يرفعوا سوى علم العراق، وأن يمتنعوا عن توزيع صور جنرال الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، الذي قُتل في غارة أميركية مطلع الشهر الجاري، كما نقل مقر المسيرات من قلب بغداد نحو منطقة الجادرية، أي بعيداً بنحو 10 كيلومترات عن ساحة التحرير، حيث الاحتجاجات المناوئة لإيران، وبعيداً أيضاً عبر الجهة الأخرى من النهر عن مقر السفارة الأميركية التي حاولت الميليشيات اقتحامها قبيل مقتل سليماني. وأعلن مقربون من الصدر، أن «القبعات الزرق»، الذين نزلوا لحماية الاحتجاجات، سيشاركون في حماية التظاهرات اليوم. وفي هذه الأجواء المتوترة، واصلت الميليشيات استغلال موقف الصدر المعادي لواشنطن لمهاجمة المحتجين والتهديد بطرد رئيس الجمهورية برهم صالح، الذي التقى الرئيس الأميركي دونالد ترامب على هامش منتدى دافوس أمس الأول، لكن الصدر قطع الطريق على هذه المحاولات أيضاً، وأعلن تأييداً كبيراً لصالح، واصفاً إياه بحامي السيادة والثوار.
وقالت مصادر مقربة من الصدر، رغم القلق الواسع من تحول التظاهرة إلى فعل ميليشياوي، إنه يحاول مستخدماً نفوذه الكبير، احتواء خطر الفصائل، ودعم تفاهمات داخلية يمكن أن تفضي إلى حوار متعقل بين بغداد وواشنطن، لضمان بقاء العراق أرضاً محايدة في المواجهة بين واشنطن وطهران، وخصوصاً أن هذا مطلب واضح لدى حركة الاحتجاج نفسها.وأضافت المصادر أن الأطراف السياسية المؤيدة لحركة الاحتجاج توافقت مع الصدر على منع استعداء أميركا على الطريقة التي تريدها إيران، وجعل الحوار مع واشنطن في إطار قانوني ودبلوماسي بحت، يسير بموازاة جهود تقيد تدريجياً وضع الميليشيات المتهمة بقتل المحتجين على نطاق واسع. وذكرت مصادر عراقية حضرت منتدى دافوس، لـ «الجريدة»، أن صالح أبلغ فريق الإدارة الأميركية أن العراق يريد ضمانات لعدم تحويله إلى ساحة قتال بين واشنطن وطهران، موضحة أن مبعوثي واشنطن تفهموا ذلك، وقدموا ضمانات من قبيل البدء بخفض عدد القوات وأنواع الأسلحة في العراق، وهو ما أشار إليه بيان الرئاسة العراقية أمس الأول.وأضافت المصادر أن ترامب أبلغ صالح بأن واشنطن لن تبقى إلى الأبد في العراق، لكنها لن تخرج بطريقة التهديدات الإيرانية، ولذلك تقبل الرئيس الأميركي مقاطعة نظيره العراقي له أثناء الحديث مع الصحافة عن تهديد واشنطن بعقوبات على العراق، حيث قال الأخير إن بين البلدين مصالح مشتركة عميقة، فهز ترامب رأسه موافقاً، وأنهى الحديث.وتركت المشاهد هذه رد فعل سلبياً عند الميليشيات الموالية لإيران نهار الأربعاء، لكن العديد من القادة أثنوا على موقف الرئيس العراقي ووصفوه بالمتوازن، مثل رجل الدين عمار الحكيم، ورئيس البرلمان السابق السياسي السني البارز أسامة النجيفي.ويوصف الموقف من صالح حالياً، بأنه يرسم مجدداً خريطة القوى المعتدلة التي ستخوض الانتخابات المبكرة التي يطالب بها المتظاهرون، والتي يتوقع أن تؤدي إلى تحجيم كبير لتمثيل الأجنحة الموالية لطهران في البرلمان المقبل.