غداة تظاهرة كبيرة لأنصار التيار الصدري ضد الوجود الأميركي بالعراق، كتفاً بكتف، إلى جانب أنصار قوى محسوبة على طهران، وانتهت بعتب رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر على المحتجين المشككين فيه وإعلانه سحب أنصاره من الاعتصامات، وبينما لا يزال خارج البلاد الرئيس العراقي برهم صالح، الذي أجرى محادثات جادة مع نظيره الأميركي دونالد ترامب في دافوس قبل أيام، شنّت قوات الأمن العراقية، أمس، حملة هي الأعنف على ساحات الاعتصام، من البصرة جنوباً وصولاً إلى ساحة التحرير وسط بغداد، قلب الحراك المطالب بالإصلاح والمتواصل منذ أكتوبر الماضي. وبدأت الحملة من البصرة، حيث هاجمت «قوات الصدمة» ساحة الاعتصام فجراً، وحرقت الخيام فيها، واعتقلت العشرات، محذرة من قطع الطرق في المحافظة النفطية، وخصوصاً تلك المؤدية إلى حقول النفط والموانئ.
وفي بغداد، فتحت قوات الأمن كل الطرق التي يقطعها المحتجون، وخصوصاً طريق محمد القاسم، واشتبكت بعد ذلك بساعات مع محتجين وسط العاصمة، بين مثلث ساحات التحرير والخلاني والوثبة، حيث أحرقت الخيام أيضاً. وجرت مواجهات عنيفة في الناصرية مركز محافظة ذي قار، أدت إلى جانب مواجهات بغداد إلى مقتل 4 محتجين على الأقل. وأصدرت «اللجنة التنسيقية لمظاهرات أكتوبر» بياناً شديد اللهجة ضد الصدر، اتهمته فيه بـ «خيانة الثوار» بعد تلقيه وعداً من طهران بدعم مرشحه لرئاسة الحكومة، في وقت اعتبر رئيس ائتلاف «الوطنية» إياد علاوي، أمس، أن «مشروع الإصلاح قرار شعب منتفض سلمياً لا قرار أشخاص، ولن يوقفه الإرهاب أو قمع السلطة أو الغدر أو الاتفاقات المذلة».وأضاف علاوي أن «القمع والعنف لن يُعفيا أحداً من الحكام من المسؤولية، ولو امتد الزمن، وهما في الوقت ذاته ــــ لو كنتم تعلمون ـــ وقود حماسة وإصرار جموع الشعب على المواصلة والاستمرار حتى تتحقق المطالب».
وتعززت المخاوف من صفقة، بعدما كشف تحالف «سائرون»، الذي يرعاه الصدر، عن «حسم مرشح رئاسة الوزراء بالتوافق»، حسبما أعلن النائب عن التحالف بدر الزيادي. وفي وقت لاحق أعلن المتظاهرون، الذين عادوا إلى نصب الخيام في بعص الساحات، أنهم يعدون لتظاهرة كبيرة في 31 الجاري، مؤكدين أن محاولات القمع لن تؤدي غرضها، وأنهم سيواصلون ضغوطهم حتى تعيين رئيس حكومة مستقل، وبدء إجراءات تنظيم انتخابات مبكرة.