في حي الدرب الأحمر بالقاهرة الإسلامية، يحافظ سلامة محمود، الذي يملك واحدة من آخر المصابغ اليدوية في العاصمة المصرية، على حرفته، وينقل خبراته من جيل إلى جيل.

وفي أجواء تعبق ببخار الماء ورائحة الأصباغ الكيميائية، يقوم عمال لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة بتفكيك الخيوط الطويلة، ويضعونها على عصي خشبية ثم يغمرونها في أحواض كبيرة مملوءة بالماء الساخن الممزوج بالألوان.

Ad

ومن القطن إلى الحرير مروراً بالبولييستر أو الصوف، تتعامل المصبغة التي أنشئت في عام 1901، مع "كل أنواع الخيوط" التي تستخدم في صناعة النسيج أو في صناعة الأحذية اليدوية أو في "الكليم" أو السجاد، وفق ما يقول بفخر محمد كامل، الذي يعمل مع والد زوجته منذ 7 سنوات.

ومن أصل 23 مصبغة يدوية كانت تعمل في العاصمة المصرية، لم تبق إلا حفنة من بينها مصبغة سلامة.

وأوضح سلامة أن الزبائن يأتون إلى مصبغته لأنه يستطيع أن يتعامل مع أي كمية من الخيوط صغيرة كانت أم كبيرة، فبينما تتعامل المصابغ الصناعية مع نصف طن من الخيوط كحد أدنى، يستطيع هو أن يصبغ "كيلوغراماً واحداً أو نصفه".

وأعرب الرجل البالغ من العمر 83 عاماً عن أسفه للمنافسة التي تلقاها صناعة النسيج المصري من المنتجات الصينية المماثلة.

وقال: "في محل شهير بالأزهر، تباع الكنزة الصوف مقابل 200 جنيه (12.6 دولاراً)، لكن يمكنك أن تجد كنزة مماثلة على الرصيف بصناعة صينية مقابل 30 جنيها (1.9 دولار)".

وارتفعت أسعار الصبغة التي يستوردها سلامة من كل أنحاء العالم. ولكي يحافظ على سعر مناسب للزبائن، قرر التوقف عن استخدام السولار أو الغاز لتسخين مياه الأحواض، وبات يلجأ إلى أعواد الحطب كوقود، لكنه واثق بأن حرفته "لن تموت أبداً، مادمنا لن نمشي عراة في الشوارع".