نمو الطلب العالمي على النفط لايزال يتراجع رغم اتفاق «أوبك» على تعميق خفض الإنتاج
توقعات تشير إلى عودة الفائض خلال النصف الأول والأسواق تراقب انعكاس ذلك على قرارات المنظمة
وفق أرقام التقرير الشهري للمنظمة الدولية للطاقة، الصادر أخيرا، لم تكتفِ «أوبك» بخفض إنتاجها من النفط الخام، كما هو مخطط حسب الاتفاق، لكنها تمكنت أيضا من الوصول إلى هدفها الأعمق للربع الأول من 2020 قبل شهر من الموعد المقرر.
ذكر التقرير، أن هذا الإنجاز قد لا يبدو استثنائيا إذا أخذنا في الحسبان أنه كالعادة ليس جميع أعضاء «أوبك» التزموا بحصصهم في ديسمبر، وأن السعودية، أكبر منتج بالمنظمة، لا تزال تقوم بتحمُّل العبء الأكبر، وتعوض عدم التزام بعض الدول الأخرى.وأضاف: «لعل المملكة والعراق والإمارات، أكبر ثلاث دول منتجة في (أوبك)، كانت أكثر الدول التي خفضت إنتاجها في ديسمبر الماضي، كما هي الحال في جميع الأشهر السابقة، امتثلت المملكة بشكل كبير بحصتها من التخفيضات، ما ساعد المنظمة على تحقيق الحصة الجديدة في وقت مبكر اعتبارا من الشهر الجاري».وذكر أنه حسب أرقام المنظمة، بلغ إنتاج السعودية من النفط في ديسمبر 9.762 ملايين برميل يوميا، وهذا يمثل انخفاضا بمعدل 111 ألف برميل في اليوم عن نوفمبر، ما أدى إلى زيادة التزام المملكة بأكثر من 500 ألف برميل يوميا مقارنة بحصتها في الاتفاق، وفقا لأرقام التقرير الشهري للمنظمة.
ولفت إلى أنه بالنظر إلى هذا المستوى من الإنتاج، فإنه يُعد أقل بكثير من حصة ديسمبر، وفق الاتفاق، البالغة 10.3 ملايين برميل يوميا، حتى أقل من حصة المملكة الجديدة للربع الأول من 2020، البالغة 10.14 ملايين برميل في اليوم.وأشار إلى أن المملكة كانت، ولا تزال، تعوض الدول غير الملتزمة في «أوبك»؛ العراق ونيجيريا، رغم قيامها بخفض إنتاجها.ففي الشهر الماضي، بلغ إجمالي إنتاج «أوبك» من النفط الخام 29.44 مليون برميل يوميا، بانخفاض 161 ألف برميل يوميا مقارنة بنوفمبر، وفقا لتقرير المنظمة الشهري.وفي ديسمبر الماضي، كان إنتاج النفط الخام في الدول العشر الأعضاء في «أوبك»، التي ستكون حصصها أكثر صرامة اعتبارا من الشهر الجاري، باستثناء فنزويلا، ليبيا، إيران والإكوادور، التي غادرت المنظمة في بداية الشهر الجاري، 25.06 مليون برميل يوميا، أي أقل بقليل من الحد الأقصى الجديد لحصص المنتجين العشرة، والبالغة 25.15 مليون برميل يوميا.وأوضح أنه في اجتماع «أوبك» وحلفائها في السادس من الشهر الماضي، قررت المنظمة وشركاؤها تعميق التخفيضات الحالية بمقدار 500 ألف برميل في اليوم بالربع الأول من عام 2020، عندما توقعت أن يكون الطلب على النفط في أضعف حالاته لعام 2020. وبذلك، يصل إجمالي تخفيضات الإنتاج لـ»أوبك» وشركائها إلى 1.7 مليون برميل في اليوم، أي إذا التزم جميع الأعضاء بحصصهم من هذه التخفيضات تبلغ حصة «أوبك» 1.2 مليون برميل يوميا. وقالت المنظمة إنه مع التخفيضات السعودية الطوعية يرتفع إجمالي تخفيضات «أوبك» وشركائها إلى 2.1 مليون برميل في اليوم.ويقول بعض المحللين النفطيين إن التقرير الشهري الأخير للمنظمة، رفع توقعاته لنمو الطلب العالمي على النفط لعام 2020 بمقدار 140 ألف برميل يوميا إلى 1.22 مليون برميل يوميا، حيث أرجع المحللون ذلك إلى تحسن التوقعات الاقتصادية لهذا العام، حيث رفعت «أوبك» توقعاتها للنمو الاقتصادي لعام 2020 بنسبة 0.1 نقطة مئوية إلى 3.1 في المئة.
تصاعد التوتر
وتابع المحللون أن المنظمة والسعودية أوضحتا في أكثر من مناسبة أنهما جادتان في منع وفرة أخرى في العرض خلال العام الحالي، إلا أن تصاعد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط قد وضع تخفيضات إنتاج «أوبك» وطاقتها الاحتياطية المحتملة في دائرة الضوء مرة أخرى، حيث أصيب المشاركون في السوق بالذعر «ليومين على الأقل» على خلفية اضطرابات العرض المحتملة بمنطقة الشرق الأوسط.وفي هذا الجانب، قال وزير الطاقة الإماراتي في تصريحات صحافية، أخيرا، على هامش مؤتمر للطاقة الذي عُقد في أبوظبي خلال الأيام الماضية، إنه لا يرى تهديدا مباشرا لتدفقات النفط في مضيق هرمز، الذي يُعد الأهم في العالم، معربا عن توقعه بعدم وجود أي نقص في الإمدادات، ما لم يكن هناك تصعيد كارثي لا نراه الآن.وتثير التوترات المتزايدة في الشرق الأوسط مزيدا من عدم اليقين لخطط «أوبك» وشركائها بعد مارس 2020، عندما ينتهي مفعول الاتفاق الحالي، الذي نص على تخفيضات أعمق.ويبدو أن الولايات المتحدة وإيران خففتا من لهجة التصعيد، وما لم يتم تعطيل الإمدادات فعليا، لا يتوقع المحللون أن يتداول خام برنت في الأسابيع المقبلة أعلى بكثير من 65 دولارا للبرميل.وفي هذا السياق، فإن بعض الخبراء يرون أن «التوقعات الأساسية لأسواق النفط ليست تصاعدية، مع توقعات بأن الفائض سيعود إلى الأسواق خلال النصف الأول من عام 2020».وأشار الخبراء إلى أن نمو الطلب العالمي على النفط لايزال في تراجع، والأسواق ستراقب الأوضاع عن كثب، لمعرفة ما ستفعله «أوبك» بعد ذلك.ومع اقترابنا من مارس، فإن الأسواق ستشعر بالقلق بشكل متزايد بشأن ما إذا كانت «أوبك» وشركاؤها ستمددان اتفاق خفض الإنتاج حتى نهاية يونيو المقبل، أم ماذا سيفعلون؟ كما أن المخاوف بشأن الطلب لا تزال قائمة، رغم أن المرحلة الأولى من الاتفاق التجاري قد تجلب بعض الارتياح من ناحية الطلب، إلا أننا إذا نظرنا إلى هوامش التكرير، فإنها تظل تحت الضغط، ما يشير إلى أن الطلب على النفط ليس جيدا في الوقت الحالي.