مع فخامة الرئيس الأميركي
في استطلاع للرأي أجرته قناة "إي بي سي نيوز" نعت غالبية المشاركين الرئيس ترامب بالمغرور والجاهل والأناني والعنصري والأحمق، في حين وصفه البعض الآخر بالقوي والوطني والحاسم وهم القلة، ومع هذا مازالت نسبة مؤيديه في الشارع الأميركي بحدود الـ45% وهي نسبة لا يستهان بها.نادراً ما يتقيد الرئيس ترامب بالبرتوكولات الرسمية، كما أنه يميل إلى الخطابات الشعبية العفوية التي يحتوي بعضها على عبارات بذيئة واستهجانية، ويزيد من حدتها عندما يوجه حديثه لرؤساء الشعوب العربية، وآخرها حديثه للشعب العراقي بعد مطالبة مجلس النواب العراقي الحكومة بإلغاء المعاهدات الأمنية، وخروج الجيش الأميركي بأنهم لا يستحقون الحرية، وعليهم دفع التعويضات عند مغادرتهم للقواعد، وإلا ستواجه عقوبات صارمة غير مسبوقة، كما أنه ذكر، في لقاء تلفزيوني سابق له، أن على الجيش الأميركي تأمين مواقع النفط وأخذ ما ينتجه العراق.هذا الرئيس تعود على هذا النوع من التصريحات غير المسؤولة، والتي طالت معظم الدول الخليجية الحليفة حيث ربط استقرارها بحجم الاستثمارات، على اعتبار المنطقة العربية والشرق الأوسط منطقة نفوذ أميركي، وقد نجح خلال فترة حكمه في الترويج لهذه الفكرة في أوساط المجتمع الأميركي بعد أن أدخل مئات المليارات السهلة، ووفر مئات الآلاف من الوظائف للأميركيين.
سياسة الإدارة الحالية تعتمد على خلق الأزمات المباشرة ومقارعة الخصوم، ولنأخذ تركيا وإيران كمثال لهذه السياسة بالرغم من عدم إذعانهما وإصرارهما على مواجهة العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات الأميركية، والتي أظهرت تأثيرها على الدولتين، وإن كان تأثيرها على إيران أكثر حدة، لكنها لم تذعن أو تستسلم، لذلك أخذت هذه المواجهة منحى أكثر حدة بعد أن أصدرت الإدارة الأميركية أوامرها بقتل الجنرال قاسم سليماني، والذي تبعه رد فعل إيراني سريع بقصفها قاعدة عين الأسد الذي استخف به الكثيرون، لكنه يظل رد فعل نال من كبرياء الجيش الأميركي، ولأول مرة منذ زمن طويل. المثال الآخر لسياسة الإقصاء الاقتصادية التي تنتهجها الإدارة الأميركية في المنطقة تكمن في عدم السماح لدول المنطقة في توجيه استثماراتها إلى الدول الكبرى التي تراها الولايات المتحدة عدواً مباشراً لها كالصين وروسيا، لذلك أغلب هذه المشاريع ظلت حبراً على ورق، وما يحصل بالعراق والمنطقة الآن ما هو إلا جزء من هذا المخطط، وما خفي أعظم. لم يعد أمام الرئيس ترامب سوى خلق المزيد من التوتر في منطقة الشرق الأوسط لجلب المزيد من الأموال للخزانة الأميركية، على أمل تحسين صورته داخل الشارع الأميركي، بعد أن صوّت مجلس النواب بالحد من صلاحيته عند إعلانه الحرب مع إيران، هذا من جانب ومن جانب آخر التصويت على إقالته من منصبه.الإدارة الحالية لأميركا لا تؤمن بالشراكة الاقتصادية، فهي تعمل على إظهار قوتها العسكرية جنباً إلى جنب مع قوتها الاقتصادية، وتعمل على إرباك المنطقة وتأجيجها بحروب لا ناقة لنا فيها ولا جمل، فكل الخيارات مفتوحة، وتصب في النهاية لمصلحة أميركا أمام شعوب المنطقة، فلا بواكي لها ومواردها المالية لم تعد قادرة على مسايرة احتياج مواطنيها.ودمتم سالمين.