محكمة الوزراء تحبس العبيدي والسهلاوي وعبدالهادي 7 سنوات وتغرمهم 243 مليون دولار
أول وزير يدان لارتكابه أفعالاً جنائية في قضية علاج المواطنين بالولايات المتحدة
أسدلت محكمة الوزراء، أمس، برئاسة المستشار بدر الصرعاوي وعضوية المستشارين طلال المطر وعبدالعزيز الفضل ومحمد الخلف وصلاح الحوطي، الستار على أول بلاغ يصل إليها منذ صدور القانون عام 1995 بشأن محاكمة الوزراء، وذلك بحكمها التاريخي بحبس كل من وزير الصحة السابق د. علي العبيدي ووكيلي الصحة السابقين خالد السهلاوي ومحمود عبدالهادي وممثل شركة أميركية في الكويت، لارتكابهم مخالفات في قضية علاج المواطنين بالولايات المتحدة الأميركية.وقررت المحكمة، في حكمها الأول من نوعه في تاريخ الكويت، الذي يصدر بإدانة وزير جنائيا عن الأفعال المرتكبة في عهده، حبس المتهمين لمدة 7 سنوات مع الشغل، وقررت لكل متهم دفع كفالة 10 آلاف دينار لوقف النفاذ وإلزام المتهمين الأربعة، وبينهم الوزير العبيدي، برد مبلغ 81 مليون دولار، أو ما يعادلها بالدينار الكويتي، وإلزامهم برد ضعف هذا المبلغ؛ بما يزيد على 162 مليون دولار.وقالت المحكمة، في حيثيات حكمها، إنه استقر في يقينها واطمأن وجدانها الى ارتكاب المتهمين الاول وزير الصحة السابق والثاني والثالي وكيلين في وزارة الصحة، وهم موظفون عموميون مكلفون بالمحافظة على مصلحة وزارة الصحة، ما نسب إليهم وتعمدوا إجراء تعاقد مع المتهم الرابع ممثل الشركة الاميركية على نحو يضر بمصلحة وزارة الصحة، إذ حصلوا على ربح لهذه الشركة يقدر بـ 2.5% زيادة على نسبة العمولة المتفق عليها في العقد المبرم، من دون علم الجهات الرقابية.
وقالت المحكمة إن المتهمين الثلاثة بلغوا بذلك مقصدهم بتمكين الشركة من الحصول على مبلغ 7381298 دولارا أميركيا، وذلك بمساعدة المتهم الرابع، لافتة إلى أنه لا ينال من ذلك ما نص عليه الدستور من أن الوزير يشرف على شؤون وزارته، ويقوم بتنفيذ السياسة العامة للحكومة، إذ إن ذلك لا يعفيه من اتباع الطرق القانونية في الرجوع إلى الجهات الرقابية بشأن الالتزامات المالية المترتبة على وزارته، وفقاً للطرق التي رسمها القانون.وأضافت ان المتهمين تسببوا بخطئهم في إلحاق ضرر جسيم بأموال وزارة الصحة التي يعملون فيها بمبلغ 8194284 دولارا، وذلك بتعاقدهم مع الشركة الأميركية بنسبة أعلى من النسب المتعارف عليها، وبغير رقابة المكتب الصحي على الفواتير وتدقيقها، ودون أخذ موافقة مسبقة من ديوان المحاسبة، ودون طرحه في مناقصة عامة أو عرضه على «الفتوى والتشريع»، ولجنة المناقصات المركزية، مع منح الشركة تسهيلات كبيرة ترتب عليها التزامات مالية على الوزارة.ولفتت المحكمة إلى أن التهم المسندة إلى المتهمين اكتملت عناصرها القانونية، وتوافرت الأدلة اليقينية على صحتها وصحة إسنادها إليهم، لسلامة مآخذ تلك الأدلة وخلوها من ثمة شائبة، وتساندها مع بعضها البعض، ولكفايتها مضمونا ومدلولا للتدليل على صحة تلك التهم وثبوتها في حقهم بالوصف الذي اسبغته لجنة التحقيق.وبينت أنه قد استقر في ضميرها، بيقين لا يحوطه شك، أن المتهمين في المكان والزمان الواردين بتقرير الاتهام قد ارتكبوا الجرائم المسندة اليهم بالكيف والوصف الواردين بتقرير الاتهام، لافتة إلى أن موضوع التهمة الأولى والثانية قد انتظمهما مشروع إجرامي واحد، وارتبطتا ببعضهما ارتباطا لا يقبل الفصل، الأمر الذي يتعين معه عقاب المتهمين الاول والثاني والثالث بالعقوبة المقررة لاشدها، وهي عقوبة الجريمة موضوع التهمة الأولى.وقالت المحكمة في حكمها إن الأوراق تضمنت صورة ضوئية من رد إدارة الفتوى والتشريع المؤرخ 27/4/2016 على كتاب المتهم الثاني وكيل وزارة الصحة السابق المؤرخ 12/ 4/ 2014 بشأن مدى جواز استمرار تنفيذ العقد مع الشركة الأميركية بعد زيادة نسبتها بواقع 2.5% يوجه بضروروة طلب موافقة لجنة المناقصات المركزية على تلك الزيادة للاستمرار بالعقد.وأضافت أنه ثبت من الاطلاع على كتاب وكيل ديوان المحاسبة المؤرخ في 18 أكتوبر 2016 والموجه إلى وكيل وزارة الصحة يطلب فيه بيان أسباب عدم انتهاج الوزارة مبدأ الشفافية والوضوح لدى تقديمها البيانات الخاصة بالعقد موضوع البلاغ على الجهات الرقابية قبل إبرامه وملاحظته بضياع مبالغ مالية على الوزارة نتيجة لزيادة نسبة 2.5 في المئة لمصلحة الشركة الأميركية. ولفتت المحكمة إلى انه أرفق ايضا صورة ضوئية من كتاب رئيس المكتب الصحي بواشنطن المؤرخ في 6/4/2015 والموجه الى المتهم الثاني وكيل وزارة الصحة السابق يستوضح فيه تحديد النسبة التي يجب التعامل معها ان كانت وفق العقد المبرم والموافق عليه من قبل «الفتوى والتشريع» بواقع 25 في المئة وفق النسبة التي تطلبها شركة اتنا الاميركية بواقع 27.5 في المئة، وصورة ضوئية من المتهم الثاني وكيل وزارة الصحة السابق مؤرخة في 13 /4 /2015 بوجوب الالتزام ببنود العقد وتطبيق أحكامه لتكون النسبة المستحقة للشركة 27.5 في المئة، وصورة ضوئية من كتاب رئيس المكتب الصحي بواشنطن المؤرخ في 4/9/2015 والموجه الى المتهم الثاني وكيل وزارة الصحة السابق برفض الشركة تزويد المكتب الصحي بالفواتير الاصلية، وصورة ضوئية من رد المتهم الثاني وكيل وزارة الصحة السابق المؤرخ في 17 /9 /2015 بوجوب الالتزام ببنود العقد وتطبيق احكامه والاستمرار في سداد الدفعات بموجب فواتير الكترونية فقط. وثبت من الاطلاع على صورة كتاب رئيس المكتب الصحي المقدم من المتهم الاول ان نسبة الخصم المتحصلة من المكتب الصحي مباشرة من المستشفيات الاميركية عن عام 2014 الذي سبق التعاقد مع شركة اتنا وعام 2017 الذي لحق التعاقد معها بلغت تقريبا 50 في المئة.كما ارفق بالاوراق صورة ضوئية لعرض سعر مقدم من الشركة الاميركية لوزارة الصحة في غضون شهر اكتوبر لعام 2017 محرر باللغة الانكليزية يتضمن عرض عمولة قدرها 11 في المئة فقط.وأوضحت المحكمة أنه «بالنسبة لما دفع به المتهم الثاني من عدم جواز محاكمته لسبق صدور قرار من النائب العام بتاريخ 20/4/2016 بحفظ بلاغ مماثل للواقعة محل الاتهام، فهو مردود، إذ من المقرر أن الأمر الصادر من النيابة العامة بحفظ الشكاوى إدارياً والذي لم يسبقه تحقيق قضائي غير ملزم لها، بل لها حق الرجوع فيه بلا قيد ولا شرط، نظراً إلى أن أمر الحفظ في هذه الحالة يعد إجراء إدارياً يصدر عن النيابة العامة بوصفها السلطة الإدارية التي تهيمن على جميع الاستدلالات، وهو على هذه الصورة لا يقيدها ويجوز العدول عنه في أي وقت بالنظر إلى طبيعته الإدارية البحتة، ولا يقبل المتظلم منه أمام القضاء، ولا تنقضي به الدعوى الجزائية، ولا يقبل من المتهم الذي صدر لمصلحته أمر الحفظ، ثم أقيمت الدعوى ضده، أن يدفعها بعدم جواز نظرها، أما أمر الحفظ الذي تصدره النيابة العامة بعد تحقيق فهو أمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجزائية، وهذا الامر له طبيعة قضائية، ويجوز الطعن فيه لما كان ذلك وكان الأمر الصادر من النائب العام بتاريخ 20/4/2016 لم يسبقه تحقيق، ومن ثم فهو لا يقيد سلطة التحقيق والاتهام ويجوز العدول عنه في أي وقت ولا تنقضي به الدعوى الجزائية، مما يضحى معه دفاع المتهم في هذا الشأن لا سند له ويتعين الالتفات عنه.
المطالبة ببطلان التحقيق في غير محلها
قالت المحكمة إنه بالنسبة لما أثاره الدفاع عن المتهم الثاني من بطلان التحقيق، الذي تم بمعرفة لجنة التحقيق لعدم إجرائه بمعرفة أعضاء اللجنة مجتمعين أو اثبات ندبها لعضو او أكثر من أعضائها لإجراء التحقيق، فهو في غير محله، إذ من المقرر قانوناً وعلى ما جرى به نص المادة الثالثة من القانون رقم (88) لسنة 1995 في شأن محاكمة الوزراء أنه «تشكل لجنة التحقيق من ثلاثة من المستشارين الكويتيين بمحكمة الاستئناف... وتختص هذه اللجنة دون غيرها بفحص البلاغات التي تقدم... وتتولى اللجنة بصفة سرية بحث مدى جدية البلاغ... فإن تبين لها جدية البلاغ أمرت بالسير في الإجراءات ومباشرة التحقيق بنفسها أو بندب واحد أو أكثر من أعضائها لإجرائه، أما إذا تبين لها عدم جدية البلاغ أمرت بحفظه نهائياً، ويجب أن يكون الحفظ مُسبباً».وبينت المحكمة أن البيّن من تحقيقات اللجنة المشار إليها أنها تلقت بكامل أعضائها البلاغ المقدم للنائب العام إذ وقع جميع أعضاء اللجنة وسكرتير اللجنة على أوراقها ولا يبطل تلك الأوراق خلوها من اسم أحد أعضاء اللجنة طالما وقع في نهاية الورقة بما يفيد حضوره وتمام الإجراء على يديه - يضاف إلى ذلك أن محاضر أعمال اللجنة هي محررات رسمية ولا سبيل إلى إبطالها سوى الطعن فيها بالتزوير.كما يجوز للجنة ندب عضو أو أكثر من أعضائها لإجراء التحقيق ولم يشترط المشرع إثبات هذا الندب كتابة، إذ يجوز أن يتم شفاهة، ومن ثم يكون ما أثاره دفاع المتهم الثاني في هذا الصدد غير سديد.
قررت عزلهم من الوظيفة وإلزامهم برد المبالغ التي تسببوا فيها
المتهمون أخطأوا بتصرفاتهم تجاه «الصحة» وحمّلوها التزامات مالية
إشراف الوزير وفق الدستور لا يعفيه من الحصول على موافقة الجهات الرقابية المحكمة
المتهمون أخطأوا بتصرفاتهم تجاه «الصحة» وحمّلوها التزامات مالية
إشراف الوزير وفق الدستور لا يعفيه من الحصول على موافقة الجهات الرقابية المحكمة