العبث بالقيود الانتخابية... عبث بإرادة الأمة
إن تعقب حركة تسجيل الناخبين بين الأعوام ٢٠١٠ و٢٠١٩ يبين أن هناك حركة طبيعية لسجل قيود الناخبين من جهة، وأخرى غير طبيعية بل لافتة للانتباه، وتثير تساؤلات ملحة، والكثير من سُحب الشك بشأن ما تتعرض له قيود الناخبين من عبث، وربما تواطؤ سيئ تشارك فيه وزارة الداخلية لتزوير إرادة الأمة، فالأرقام تشير إلى: ١- أن الزيادة السنوية لتسجيل الناخبين في حدود ١.٥% في كل دائرة من الدوائر في السنوات التي تعقب الانتخابات مباشرة بـ "سنتين".٢- أن الزيادة بأعداد الناخبين في السنتين السابقتين للانتخابات مباشرة، وخصوصاً في سنة الانتخاب، تقفز أعداد المسجلين إلى ٦%، وهي الأرقام التي تستخلص من أرقام الزيادة في أعداد الناخبين في أعوام ٢٠١٢ و٢٠١٣ و٢٠١٦، وهي سنوات انتخابات، وهو ما يعني وجود عبث بالقيود الانتخابية من خلال تسجيل أو نقل الناخبين.
٣- إذا أخذنا في الاعتبار العبث بنقل الناخبين، والذي لا يمكن تَعَقُّبه بشكل دقيق لوجود هجرة متبادلة بين الدوائر بعمليات النقل العبثية، نصل إلى وجود نسبة مماثلة للنسب المذكورة بالبند الثاني أعلاه، أي بنسبة ٥% إضافية، وهو ما يعني أن نسبة التغيير بأعداد الناخبين في سنة الانتخابات تصل إلى ١٠% تقريباً، وهذه نسبة مؤثرة جداً في تأثيرها بنتائج الانتخابات العامة، أي أنها نسبة تغيير يترتب عليها العبث بإرادة الأمة وتزويرها في كل انتخابات.٤- أن التحليل الرقمي لتَغير عدد ١٠% من أعداد الناخبين، في كل انتخابات، يعني أنه على أقل تقدير يؤدي إلى نجاح ٢٥ نائباً تقريباً (أي نصف أعضاء المجلس) بهذا العبث في قيود الناخبين، خصوصاً أن النجاح في المقاعد الخمسة الأخيرة في كل دائرة تكون الفروقات في الأصوات ضئيلة جداً، وهذه الفروقات هي في خانة "الأعداد العشرية". ومن هناك ندرك أن العبث في تغيير أعداد الناخبين يتم من خلال الترتيبات التي تتواطأ فيها جهات رسمية، وخصوصاً وزارة الداخلية (إدارة الانتخابات، والمختارين) مع مرشحين محددين لتمكينهم من النجاح أو تضخيم أعداد من انتخبهم.٥- الأمر الخطير واللافت للانتباه، والذي يشير إلى توجهات وترتيبات تتم للعبث في القيود الانتخابية بشكل صارخ ومخيف! أتعلمون ما العبث الجديد؟ إنه نقل الهيئة العامة للمعلومات المدنية من وزارة التخطيط إلى وزارة الداخلية اعتباراً من نوفمبر ٢٠١٨، وهو ما يعني أن هناك محاولة لتركيز كل ما يتعلق بالقيود الانتخابية وتغيير العناوين، ومن ثم العبث بنقل القيود للعبث بإرادة الأمة لتكون تحت يد وزارة الداخلية حتى تتمكن من العبث بالانتخابات بالرغم من فقدان الثقة بها.٦- المحزن أن الدول تسير باتجاه شفافية وعلنية العملية الانتخابية لضمان نزاهتها، ولتفعيل الرقابة الرسمية والشعبية عليها ضماناً لسلامتها في التعبير عن إرادة الأمة، إلا أننا نجد في الكويت، وبترتيب عبثي مقصود، نسير باتجاه معاكس، ليتسنى للسلطة وأصحاب النفوذ من العبث الإضافي الذي يشوه العملية الانتخابية، ويزور إرادة الأمة في آن واحد، أظن أن ما يحدث في القيود الانتخابية يستحق أن يتم استناداً إليه استجواب رئيس الوزراء أو وزير الداخلية في أضعف الأحوال.