في حين تحاول الدول والحكومات الاستعداد لأزمة الركود العالمي المتوقعة خلال العام الحالي، يبدو أن النمو العالمي على موعد مع أزمة جديدة من المتوقع أن تضرب قطاع السياحة العالمية.وأخيراً، حذر مجلس السياحة والسفر العالمي من أن انتشار فيروس كورونا الجديد في الصين يمكن أن يترك "تأثيراً اقتصادياً طويل الأمد" على السياحة العالمية في حال تم السماح بانتشار الذعر.
وفي بيان حديث، قالت رئيسة المجلس غلوريا غيفارا "أثبتت لنا الحالات السابقة أن إغلاق المطارات وإلغاء الرحلات الجوية وإغلاق الحدود غالباً ما يكون لها تأثير اقتصادي أكبر من تأثير الوباء نفسه".وأضافت غيفارا، أن "التواصل السريع والدقيق والشفاف مهم جداً لاحتواء الذعر والتخفيف من الخسائر الاقتصادية السلبية"، مؤكدة أن "احتواء الانتشار غير الضروري للذعر هو بأهمية وقف الفيروس نفسه".وتتزايد المخاوف من تسارع وتيرة عدوى انتشار الفيروس وتحوله إلى وباء عالمي مع سفر مئات الملايين من الصينيين في الداخل والخارج خلال عطلات السنة القمرية الجديدة، رغم إلغاء الكثيرين لرحلاتهم، لاسيما مع ظهور الفيروس في دول جديدة، فيما أعلنت دول كثيرة تشديد الإجراءات وإجلاء مواطنيها من مختلف المدن الصينية خلال الأيام الماضية.أرقام منظمة السياحة العالمية، تشير إلى أن عدد السياح الدوليين الوافدين ارتفع بنسبة 4 في المئة في الفترة بين يناير وسبتمبر من عام 2019. وأشارت المنظمة إلى أن وجهات السياحة في جميع أنحاء العالم بلغت 1.1 مليار سائح دولي في الأشهر التسعة الأولى من عام 2019 بزيادة 43 مليوناً مقارنة بالفترة نفسها من عام 2018، وذلك تماشياً مع توقعات سابقة لنمو يتراوح ما بين 3 و4 في المئة خلال العام 2020.
عائدات بـ 1.7 تريليون دولار منذ 2018
وتحقق السياحة الدولية عائدات تصل إلى 1.7 تريليون دولار اعتباراً من عام 2018، وهي تظل ثالث أكبر فئة تصدير للوقود "2.4 تريليون دولار" والمواد الكيميائية "2.2 تريليون دولار". وتمثل السياحة الدولية نحو 29 في المئة من صادرات الخدمات في العالم، و7 في المئة من إجمالي الصادرات، وفي بعض المناطق تتجاوز هذه النسب المتوسط العالمي خاصة الشرق الأوسط وإفريقيا حيث تمثل السياحة أكثر من 50 في المئة من صادرات الخدمات وحوالي 9 في المئة من إجمالي الصادرات.وتشير البيانات والأرقام المتاحة إلى أن عائدات الصين من السياحة انخفضت بنسبة 25 في المئة، كما أنها خسرت نحو 2.8 مليون وظيفة بسبب انتشار وباء سارس الذي ضرب الصين خلال عام 2003.أيضاً، حذرت المنظمة في تقرير حديث من انتشار فيروس كورونا، وذكرت أن انتشار الفيروس في الصين تسبب في وجود حالة رعب في العالم خاصة في أوروبا، مشيرة إلى أن تأثيره على حركة السياحة الدولية حتى الآن ضئيل، لكنه أكد "إذا تطور الأمر وزاد مداه، فبالقطع سوف يكون له تأثير سلبي جداً على حركة السياحة العالمية خصوصاً السوق الصيني".وأشارت إلى أن خطورة انتشار الفيروس على حركة السياحة الدولية ستكون كبيرة، لاسيما أن السوق الصيني كبير ويصدر نحو 178.4 مليون سائح لمختلف دول العالم، وهذا العدد ينفق نحو 277.3 مليار دولار سنوياً، حيث تعد الجنسية الصينية من أعلى الجنسيات إنفاقاً في قطاع السياحة.تقييد حركة السفر وشل قطاع السياحة
المنظمة ذكرت أن كل شخص مصاب بهذا المرض الخطير يصيب ما بين 2 إلى 3 أشخاص آخرين عن طريق العدوى، وحتى وقت قريب كان هناك 56 مليون شخص في الحجر الصحي بسبب هذا المرض. إضافة إلى الآلاف من حالات الاشتباه، وقد وصل هذا المرض إلى أوروبا إذ تم رصد عدد من الحالات في فرنسا إضافة إلى حالات مشكوك فيها حتى الآن في النمسا، لذا بدأت الدول الأوروبية في تشديد الإجراءات في جميع المطارات الأوروبية خصوصاً الطائرات القادمة من الصين ومن مناطق وسط وجنوب وجنوب شرق آسيا.وتهدد الإجراءات التي اتخذتها الصين لاحتواء وباء كورونا على غرار تقييد حركة وسائل النقل وشل قطاع السياحة بمفاقمة تباطؤ الاقتصاد، ما يذكّر بتداعيات فيروس سارس عام 2002 / 2003. وسعياً لاحتواء فيروس كورونا المستجد، الذي أصاب أكثر من 2700 شخص، اتخذت الصين إجراءات غير مسبوقة تهدد بتعطيل الحركة الاقتصادية.وصارت مدينة "ووهان"، مهد الفيروس، معزولة عملياً عن العالم، على غرار كامل مقاطعة "هوباي". ولتقييد الحركة خلال رأس السنة الصينية، ألغت الحكومة الرحلات المنظمة داخل الصين وخارجها، ما يمثل ضربة للسياحة التي ساهمت بنحو 11 في المئة من إجمالي الناتج المحلي عام 2018.وتظهر تداعيات منع الرحلات أيضاً في مناطق أخرى من آسيا، منها اليابان وتايلند، حيث يمثل إنفاق السياح الصينيين محركاً أساسياً للاقتصاد. ومن المحتمل أن يتراجع الاستهلاك أيضاً، إذ يدفع مناخ الذعر الصينيين للبقاء في منازلهم وعدم المخاطرة بزيارة المراكز التجارية والمطاعم وقاعات السينما التي تشهد عادة إقبالاً كثيفاً في رأس السنة. ومن الأمثلة على ذلك، إعلان سلسلة المطاعم الشعبية "هايديلاو" إغلاق محلاتها المئة إلى 31 يناير الحالي.