أولاً وأخيراً: مواجهة العجز بعجز
![مشاري ملفي المطرقّة](https://www.aljarida.com/uploads/authors/778_1682431386.jpg)
ويكشف عجز الميزانية المستمر عن عجز الأداء الحكومي، خصوصاً فيما يتعلق بتنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد الكلي على الإيرادات النفطية التي تمثل 87.3% من إيرادات البلاد، حيث ظهر جلياً أن كل الإجراءات التي اتخذت في هذا الشأن كانت وهمية، فعلى سبيل المثال لا الحصر المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي كان من المفترض أن تكون عاملاً مضافاً إلى الاقتصاد وتدر دخلاً على البلاد، لا سيما أنها تحصل على تمويلات مالية كبيرة من الحكومة، تحول أغلبها إلى "سبوبة" ومشاريع وهمية لا وجود لها على أرض الواقع، استغلها تجار الإقامات في جلب العمالة من الخارج لجني المزيد من الأموال. وكشف عجز الميزانية أيضاً عن عجز الكثير من نواب مجلس الأمة في مواجهة هذه المشكلة ومساعدة الحكومة في الاستمرار في نهجها من خلال موافقتهم على سحب أموال من الصندوق السيادي لسد عجز الميزانية، رغم أن الأمر كان يتطلب منهم البحث في كيفية علاج الخلل ووقف هذا النزيف من خلال إصدار تشريعات ملزمة للحكومة ولها جدول زمني تطبق خلاله لتجاوز هذا العجز المالي، لكن هؤلاء النواب سايروا الحكومة ومرروا العجز عاماً تلو الآخر إلى أن جاءت هذه السنة، وهي سنة الانتخابات، فوجدنا الكثير منهم يشنون حملات كلامية للتكسب الانتخابي وكأنهم فوجئوا بإعلان عجز الميزانية، وهم في الحقيقة شركاء مساهمون في هذه الجريمة. النقطة الأخيرة التي أود الحديث عنها في هذا الموضوع تتعلق بما يتم الترويج له بأن الحكومة ستواجه العجز في الميزانية بإجراءات تمس المواطنين، سواء فيما يتعلق بالرواتب والدعوم المقدمة لهم، أو بفرض ضرائب رفضت من قبل، إن كان هذا الكلام صحيحاً فإن ذلك يعني أنها لا تدرك خطورة ما ستقدم عليه، فالمساس بدخل المواطنين أو لقمة عيشهم سيؤدي إلى غضب وردود فعل ربما تخرج عن السيطرة، ولنا فيما يحدث في عدد من دول المنطقة من فوضى وإضرابات عظة، لذا يجب أن تكون هناك حلول لعجز الموازنة بعيدة عن جيوب المواطنين ولا تؤثر عليهم حتى لا نعالج مشكلة بمشكلة أكبر وأخطر.