قبل أيام، أعلن باحثون ألمان توصلهم إلى اكتشاف علمي مذهل مكّنهم من التوصل إلى صوت مومياء مصرية للمرة الأولى، بعد مرور ثلاثة آلاف عام على وفاة صاحبها وتحنيط جثمانه.

ويعود الصوت إلى كاهن مصري يُدعى "نسيامون"، كان يعيش في عهد الفرعون رمسيس الحادي عشر قبل الميلاد، بحسب صحيفة "تلغراف" البريطانية.

Ad

واستنتج العلماء صوت "نسيامون"، بطباعتهم نسخة ثلاثية الأبعاد من قناته الصوتية وأعاد الفريق العلمي، بناء هذه القناة الصوتية بتقنية رقمية، ثم أعادوا إنتاجها من خلال الطباعة الثلاثية الأبعاد.

أصداء عالمية

وأشار المشارك في البحث العلمي الذي أحدثت نتائجه أصداء عالمية مذهلة، البروفيسور ديفيد هوارد، رئيس قسم الهندسة الإلكترونية في رويال هولواي، أن الصوت الذي رُصد لـ"نسيامون" كان قبل وفاته مباشرة من داخل تابوته.

وينتج الصوت الفريد لكل شخص، من قيام المسالك الصوتية بتصفية الصوت الناتج من الهواء الذي يمر عبر الحنجرة.

وتوجد مومياء "نسيامون" حالياً في متحف مدينة ليدز البريطانية، واقترح العلماء أن سبب وفاته تعود إما إلى تعرضه للخنق أو للسعة حشرة.

وإذا صدقت نظرية وفاة "نسيامون" إثر لدغة حشرة، فربما يكون صوته المكتشف حديثاً يرصد آخر كلمة نطق بها في اللحظات الأخيرة من حياته، وهي "آه" (صوت تأوه أو أنين)، ولكن وجد الفريق أن النطق المنشور بدا وكأنه "eeuughhh".

من جانبهم ، أكد العديد من العلماء أن "الاكتشاف الجديد، سيسهم في تقديم طريقة جديدة للتعامل مع الماضي".

ردود الفعل

وفي القاهرة، بدت ردود الفعل متباينة، وعكست حالة من الجدل الواسع، فبينما أشاد البعض بما توصل إليه العلماء الألمان، واعتبروا أنه يفسح المجال أمام ترويج السياحة الأثرية، قلل البعض من نتائج التجربة العلمية، وأكدوا أنها محض "هراء" وتنطوي على تناقض كبير.

ومن بين المحتفين بالدراسة العالمية ونتائجها، أستاذة علم المصريات بالجامعة الأميركية في القاهرة سليمة إكرام، التي قالت إن "الدراسة رائعة ومدهشة"، مضيفة أنها "تعطينا إطلالة فريدة من نوعها على الماضي".

كما استشهد مؤيدو البحث العلمي من زاوية أنه سيضاعف السياحة الوافدة لمصر بما صرح به عالم الآثار والمؤلف المشارك في الدراسة في جامعة يورك، جون شوفيلد، الذي قال في تصريحات نقلتها وكالات الأنباء العالمية، "إن هذا الاكتشاف المثير قد يسهم في جلب المزيد من الزوار إلى المتحف (متحف مدينة ليدز في بريطانيا) أو تشجيعهم على القيام بزيارات إلى معبد الكرنك في محافظة الأقصر المصرية".

وقالوا إن هذا يعني أن المتحف المصري في القاهرة وكذلك المتحف المصري الكبير المزمع افتتاحه نهاية العام الحالي، قد يشهد إقبالاً كبير من جانب السائحين المولعين برؤية المومياوات الفرعونية.

القناة الصوتية

وعلى النقيض، قال الكاتب وعالم المصريات بسام الشماع، إن ما توصل إليه العلماء في هذه التجربة مجرد "هراء"، وينطوي على تناقضات، إذ قال الباحثون إنهم استخلصوا الصوت من القناة الصوتية في المومياء، بينما هذه العملية التي تجري علمياً بتمرير الهواء عبر هذه القناة سيكون تحققها أمراً في غاية الصعوبة نظراً لأن نجاحها يتطلب أن تكون المومياء محتفظة بالعظام والجلد وهذا غير متوافر في كثير من المومياوات.

وتابع: الدراسة تقول إنهم استخلصوا الصوت من داخل التابوت القابعة فيه المومياء، وهذا ينسف الدراسة تماماً، إذ كيف توصلوا إلى آخر كلمة نطق بها الكاهن وهو ينازع الموت داخل المومياء؟! بينما المتوفى كان يجري تجفيف جسده وإفراغ أحشائه أولاً ومن ثم تحنيطه ثم وضعه في تابوته.

وعموماً يعارض البسام فكرة إخضاع المومياوات لتجارب من هذا النوع، معتبراً أن في ذلك "إهانة واستباحة للتاريخ ولحضارة المصريين القدماء" كما أنه يتعارض مع الجوانب الأخلاقية والدينية.

بدورها، أكدت خبيرة المومياوات المصرية رانيا أحمد، أن التجربة التي أجريت أخيراً في بريطانيا ما هي إلا ضجة إعلامية تستهدف الدعاية لزيادة الإقبال على زيارة متحف ليدز.

وقالت في تصريحات لها: "لا يمكن إعادة إنتاج نبرة صوت، خصوصاً أنه ليس لدينا إثبات أو مقياس أو زوايا يمكن بناء عليها قياس الصوت في مومياء محنطة، فعملية التحنيط عند المصريين القدماء كانت تستغرق 70 يوماً، منها 40 يوماً يكون جسد المتوفى مطموراً تحت ملح النطرون، وبعد انتهاء التحنيط تختفي الأنسجة الرخوة وتجف الشعيرات الدموية".

وتابعت: "العلماء الذين أجروا التجربة أعلنوا بأنفسهم أن عضلات لسان المومياء قد تلاشت، والجزء الأكبر منها غير موجود، ولذلك فإن الصوت الذي سمعه الجميع هو الصوت الذي جرى إنتاجه وليس الصوت الحقيقي للمومياء".