قال تقرير الشال الاقتصادي الأسبوعي، إن البيانات تعرض موقع الكويت في مؤشر مدركات الفساد منذ عام 2003 عندما كان ترتيبها على الدول المشمولة بالمؤشر عند 35، ولكنها منذ ذلك العام كان ترتيبها في انحدار مستمر. وطرأ على موقعها خمسة اتجاهات للتحسن، ولكنها ما تلبث أن تهوي إلى مستويات فساد أعلى، ويشير الخط المتقطع إلى الانحدار المستمر في اتجاه خسارة النقاط منذ البداية حتى عام 2019.

وفي آخر ثلاث سنوات، بلغت أسوأ مستوياتها في الترتيب في عام 2017 في الموقع 85، ثم تحسنت 7 مراكز في عام 2018 عند الموقع 78، ولم يدُم ذلك التحسن وعادت إلى أعلى مستوياتها في عام 2019 عند الترتيب 85.

Ad

ما تقدم يعني أن الفساد بات وباء مستوطنا على مدى طويل من الزمن، وعلاجه يكمن في مواجهة جراحية لا في إنكاره وإيجاد المبررات لتقدم أو تخلف بين سنة وأخرى. وكنا نتوقع من الهيئة العامة لمكافحة الفساد (نزاهة)، أن تستخدم المؤشر في تأكيد توطن الوباء وفي الإعلان عن إجراءات عملية لمواجهته، لا أن تنسبه إلى تأخر في التشريعات المناسبة أو في علانية الحديث عن حالاته الفاضحة.

ولعل أقسى ما ذكرته «نزاهة» هو قصور قانون الجزاء عن تجريم رشوة الموظفين العموميين جنائياً، بما يعني أنه حتى هذه اللحظة بإمكان أن من يقبض رشوة من الموظفين العامين وأخل بحقوق الدولة وأعطى بمقابل شخصي مالاً أو خدمة أو مقاولة لراشٍ، لا بأس من أن ينجو بفعلته حتى تعديل قانون الجزاء، إنها دعوة استعجال لقضايا فساد جديدة.

تلك التبريرات دليل عجز عن مواجهة الوباء، فليس هناك في العالم عجز في القوانين عن مواجهة الرشوة، والمرتشي العام تحديداً، لأنه يبيع وطنا، ولن يتعاطف أحد مع مرتشٍ لينجو من عقاب ما لم ينجُ بسطوته، وكانت سطوته أقوى من سطوة سلطات المواجهة.

وأي حديث عن إصلاح مالي أو اقتصادي لا يُبنى على نزاهة، هو مشروع فاشل ولا يعدو كونه سرابا، فالوباء شمل المال والوظيفة والخدمة، وكلها نتاج أي مشروع إصلاح وتنمية. حتى «نزاهة» لم تسلم من عدم النزاهة، فقد أصابها إيقاف وحل على مدى 4 سنوات قبل أن يكتمل إنشاؤها، ومر على زمن تثبيتها 3 سنوات، وهي مدة كافية لانتقالها إلى المواجهة العملية لا البحث عن اكتمال الجهاز والمعلومة والتشريع.