بعدما أعلنت منظمة الصحة العالمية حالة الطوارئ عالمياً على خلفية انتشار فيروس كورونا الجديد، تضاعفت عزلة الصين، أمس، في حين ارتفعت حصيلة الوفيات الناجمة عنه إلى 259، وتصدّرت الولايات المتحدة وأستراليا قائمة الدول التي فرضت إجراءات استثنائية لحظر السفر من الدولة الآسيوية وإليها.

وانتشر الفيروس في أكثر من 20 دولة، مما دفع الحكومات للمسارعة في فرض قيود للحد من انتشاره.

Ad

وفي هذا السياق، شددت الولايات المتحدة موقفها أمس الأول، عبر إعلان "حال طوارئ وطنية"، لتمنع بشكل مؤقت دخول الأجانب الذين زاروا الصين خلال الأسبوعين الماضيين.

ورفعت وزارة الخارجيّة الأميركيّة مستوى التّحذير إلى أعلى درجة، داعيةً الأميركيّين إلى "عدم السفر" إلى الصين، بينما حضّت الموجودين منهم فيها على المغادرة.

وقال وزير الصحة الأميركي أليكس عازار إن "المواطنين الأجانب، من غير أفراد العائلات المباشرين لمواطنين أميركيين أو آخرين يحملون إقامات دائمة، ممن سافروا إلى الصين خلال الأيام الـ14 الماضية سيمنعون من دخول الولايات المتحدة".

كذلك أعلنت أستراليا أنها ستمنع دخول غير المواطنين أو المقيمين القادمين من الصين، بينما سيكون على من سافروا إلى البلد الآسيوي من مواطنين أو مقيمين "عزل أنفسهم" مدة أسبوعين.

وفي إشارة إلى أنها تُرجّح "ارتفاعاً أكبر" في انتشار الفيروس، حظّرت الحكومة السنغافورية دخول الركّاب القادمين وأولئك العابرين منها الذين زاروا الصين خلال الأيام الـ14 الماضية، وأوقفت إصدار جميع أشكال التأشيرات الجديدة لحملة جوازات السفر الصينية.

بدورها، أعلنت منغوليا أنّها لن تستقبل المواطنين الصينيين والأجانب القادمين من البلد المجاور جواً أو بالقطارات أو السيارات اعتباراً من السبت حتى 2 مارس. وسيُمنع المنغوليون كذلك من السفر إلى الصين خلال الفترة ذاتها.

أما في فيتنام، فأمَرَ رئيس الوزراء نغوين شوان فوك بتعليق إصدار أيّ تأشيرات سياحية جديدة للمواطنين الصينيين والأجانب الذين سافروا إلى الصين خلال الأسبوعين الماضيين، مضيفا أن التجارة مع الصين ستكون "غير محبّذة" إلى حين تراجع انتشار الوباء.

ومنعت أيضاً باباوا غينيا الجديدة جميع الزوار القادمين من "المنافذ الآسيوية" من الدخول.

وانضمت اليابان بدورها إلى الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا ايطاليا وغيرها من الدول التي أوصت مواطنيها بتجنّب السفر إلى الصين.

انتقادات صينية

في المقابل، أصرّت بكين على أنه بإمكانها احتواء الفيروس ووصفت توصية واشنطن ضد السفر إلى الصين بأنها "غير ودية".

وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الصينية هوا شونينغ: "إنها بالتأكيد ليست مبادرة حسن نية".

وينصّ إعلان الطوارئ الأميركي على وضع الأميركيين العائدين من مدينة ووهان في مقاطعة هوبي الصينية، حيث ظهر الفيروس، قيد الحجر الصحي الإلزامي مدة 14 يوما وفحص القادمين من باقي أنحاء الصين.

وقالت الحكومة الصينية أمس، إن رئيس الوزراء لي كه تشيانغ طلب من الاتحاد الأوروبي تسهيل شراء الصين للإمدادات الطبية العاجلة من الدول الأعضاء.

وأساءت الأزمة الصحية لصورة الصين على الصعيد الدولي، مما وضع المواطنين الصينيين في مواقف صعبة في الخارج، حيث اشتكى كثيرون من العنصرية.

وفي ظل تزايد الغضب الشعبي في الصين، أقرّ مسؤول رفيع في ووهان، أمس الأول، أن السلطات هناك تحرّكت ببطء، معربا عن شعوره بـ "تأنيب الضمير ولوم الذات".

وأشار أمين لجنة الحزب الشيوعى في ووهان ما قوه تشيانغ "لو أن إجراءات مشددة لضبطه (المرض) اتّخذت في وقت سابق، لكانت النتيجة أفضل مما هي عليه الآن".

وتعرّض مسؤولون في ووهان لانتقادات عبر الإنترنت لإخفائهم المعلومات عن تفشّي المرض حتى نهاية ديسمبر رغم علمهم بالأمر قبل أسابيع من ذلك.

وتحرّكت الصين أخيراً الأسبوع الماضي ففرضت حجراً صحياً على مدن بأكملها في هوبي شمل عشرات ملايين الناس.

وشملت الإجراءات التي فرضت في أنحاء البلاد تأجيل العودة إلى المدارس، وقطع الطرق على السيارات والحافلات، وتشديد الفحوصات على المسافرين في أنحاء البلاد.

وطلبت السلطات من الصينيين تأجيل حفلات الزفاف التي يتطلع كثيرون لإقامتها هذا العام في الثاني من فبراير لتفاؤلهم بصيغة التاريخ كرقم "02022020"، إذ يمكن قراءته بنفس الطريقة من اليمين أو اليسار. وطلبت كذلك من العائلات تجنّب إقامة جنازات كبيرة، تفاديا للتجمعات الكبيرة.

لكن الحصيلة واصلت الارتفاع بوتيرة متزايدة، إذ أعلنت السلطات الصحية أمس، وفاة 46 شخصا جديدا في الساعات الـ24 التي سبقت، جميعهم في هوبي عدا شخص واحد.

وتم تأكيد 2102 إصابة جديدة، مما يرفع العدد الإجمالي إلى نحو 12 ألفا، وهو رقم أعلى بكثير من الإصابات التي تم تسجيلها بفيروس "سارس" (متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد) عندما انتشر عامي 2002 و2003.

وأعلنت منظمة الصحة العالمية الخميس الماضي، أن الوباء بات يشكّل حالة طوارئ دولية، لكنها تجنّبت التوصية بفرض أي قيود على السفر أو التجارة.

وحذّرت من أن إغلاق الحدود سيكون غير فعّال على الأرجح لوقف انتقال العدوى، مشيرة إلى أن إجراءات كهذه قد تحمل تداعيات عكسية وتتسبب في تسريع انتشار الفيروس.

لكن الجهات المعنية حول العالم مضت قدما بإجراءاتها الوقائية.

وفي مدريد، أعلنت وزارة الصحة الإسبانية، ان المركز الوطني للأحياء الدقيقة أكد تسجيل أول حالة إصابة بالفيروس في جزيرة نائية تابعة لجزر الكناري.

وسارعت الدول لإجلاء رعاياها من ووهان، إذ تمّ إجلاء مئات المواطنين الأميركيين واليابانيين والبريطانيين والفرنسيين والكوريين والهنود والمنغوليين حتى الآن، في وقت تخطط مزيد من الدول لإعادة مواطنيها.

وفي موسكو، قال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، إن سلاح الجو الروسي بدأ أمس، إجلاء المواطنين الروس من الصين.

وأجلت طائرة تابعة للخطوط الجوية الملكية الأردنية فجر أمس، 71 طالبا أردنيا وعربيا من ووهان. ومن المقرّر أن تبدأ مصر غداً بإجلاء رعاياها من الصين وتحديدا من ووهان.

وواصلت، أمس، شركات طيران عدّة كبرى تعليق رحلاتها إلى الصين أو خفضت عدد الرحلات.

وفي هذا السياق، أعلنت فيتنام وإيران وأوزبكستان وإيطاليا والخطوط الجوية القطرية أمس، تعليق رحلاتهم إلى بر الصين الرئيسي حتى إشعار آخر.

وفي الرياض، كشف وزير الصحة السعودي توفيق الربيعة عن الإجراءات التي اتخذتها الوزارة لمنع دخول الفيروس إلى المملكة، معلنا "فحص كل القادمين من الصين".

تداعيات اقتصادية

وتواصلت التداعيات الاقتصادية أمس، بينما أعلنت شركة "ابل" أن متاجرها في الصين ستبقى مغلقة حتى 9 فبراير من باب "زيادة الحذر وبناء على النصائح الأخيرة من كبار الخبراء في مجال الصحة".

روسيا: لا مصافحات وقبلات وأحضان

نصحت الهيئة الرسمية الروسية للرقابة الصحية الجمهور بالامتناع عن المصافحات والقبلات والأحضان، وارتداء أقنعة طبية في الأماكن العامة المزدحمة، في محاولة لمنع انتقال فيروس "كورونا" إلى روسيا.

ورغم أن روسيا خالية من أي إصابة مؤكدة بالفيروس، لكنها فرضت قيوداً على الحدود مع الصين التي تربطها بها علاقات وثيقة. وطالبت الهيئة الشركات الروسية التي يعمل بها صينيون يقضون عطلات في بلادهم بمد عطلاتهم إلى أجل غير مسمى.

تبرعات بـ 1.5 مليار دولار لمواجهة الفيروس

مع استمرار انتشار فيروس "كورونا الجديد" في الصين، أعلنت صحيفة "بيبولز ديلي" الصينية، نقلا عن "جمعية الصين الخيرية"، أن إجمالي حملة التبرعات لمواجهة المرض القاتل، بلغ 10.1 مليارات يوان، أي ما يقترب من مليار ونصف المليار دولار.

وتحتاج الصين إلى هذه الأموال في تشييد المستشفيات، وإكمال إجراءات الحجر الصحي، وإجراء الأبحاث الساعية لتحضير لقاح مضاد للفيروس.