* ما أهمية تدريس لغة الإشارة في الكويت؟

- هي كأي لغة أخرى، باعتبارها وسيلة للتواصل بين الأفراد، وللأصم تعتبر لغة الإشارة الحياة والوجود والتعامل مع الآخرين، وبكل أمانة نتمنى أن تنتشر لغة الإشارة في الكويت بشكل عام، لاسيما ان الأصم يعتبر معزولا عن المجتمع بفعل المجتمع نفسه، ومن وجهة نظري الشخصية أقول ان الصم أكثر فئة مظلومة وحقها مهضوم بين فئات ذوي الاحتياجات الخاصة، خصوصا مع قلة المترجمين، الأمر الذي يمنع صوت هذه الفئة من الوصول إلى الطرف الآخر، وللأسف القوانين تظلم الأصم، وهناك أمثلة كثيرة تسببت في تعطيل مصالح المنتمين إلى هذه الفئة، وكذلك أعمال المؤسسات والوزارات الحكومية، لذا تأتي أهمية تعليم لغة الإشارة حتى يساعد الصم الذين يجدون صعوبة في التواصل مع الآخرين في مختلف المواقع الحكومية والأهلية والصحية والترفيهية وغيرها، وما يزيد معاناتهم ان بعض هذه الجهات تشدد على ضرورة حضور مترجم مع الأصم في أي معاملة.

Ad

إقبال كبير

* هل هناك إقبال كبير على تعلم لغة الإشارة؟

- بالفعل، خلال العامين الماضيين، زادت أعداد الراغبين في تعلم لغة الإشارة بشكل ملحوظ، ولا نعرف السبب في هذا التوجه، ربما يعود ذلك لتسليط الضوء على لغة الإشارة في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، التي يبدو أنها ساهمت في ارتفاع نسبة من يريد تعلم هذه اللغة.

* هل يحصل خريجو هذه الدورات على شهادة تخولهم بتدريس غيرهم؟

- بالنسبة لنا كمنتدبين في جامعة الكويت، نقوم بتدريس لغة الإشارة على شكل مستويات، بالنسبة للمستويات من الأول حتى الثالث، الخريجون ليست لديهم القدرة على التدريس أو الترجمة بشكل ممتاز حتى وإن امتلكوا كمية كبيرة من الكلمات والجمل التي يحتاجونها، أما الحاصل على المستوى الرابع فيمكن أن يؤدي مهمة التدريس أو الترجمة بالشكل المناسب، لكن المفارقة أن المستوى الرابع لم يصل إليه منذ عام 2000 سوى عدد قليل لا يتجاوز أصباع اليد الواحدة، رغم الأعداد الكبيرة التي درست هذه اللغة.

فترة قصيرة

* ما تقييمك للدورات الخاصة بلغة الإشارة التي تقدم في كثير من المعاهد؟

- الشخص المنتسب إلى دورات لغة الإشارة في أي معهد أو مكان ينظم هذه الدورات، يأتي مندفعا في البداية لمعرفة كل شيء، وفي الدورات التي تليها يقل الاندفاع ربما بسبب التزاماته الشخصية أو تغيير المدرب الذي يعيطه الدورة، مما يؤدي إلى انسحابه من الدورة، وهذا تكرر معنا كثيرا، إذ يحصل المتدرب على المستوى الأول والثاني ثم يتوقف لأسباب مختلفة، أبرزها ضرورة الالتزام الذي يعد أهم أسباب نجاح المتدرب، خصوصا انه يتلقى معلومات كثيرة في كل حصة تدريبية، في المقابل بعض المدربين، نجدهم يحددون مدة الدورة بأسبوع واحد أو أسبوعين فقط، وهذه لا تسمى دورة، لأن ما يقدم لغة لا يمكن تعلمها في هذه الفترة الوجيزة، إذ تحتاج إلى فترة طويلة حتى يستفيد المتدرب من الممارسة والاختبار والاحتكاك واكتساب معلومات كثيرة غير متوفرة في مثل هذه الدورات، وإن وصلت إلى شهر أو شهرين.

* كم تبلغ فترة التدريب في كل مستوى لإتمام اللغة؟

- لكي تصل للمستوى الثالث تحتاج إلى ستة أشهر، وهذه الفترة تتطلب التزاما كبيرا بالحضور، وإن رغب المتدرب في الحصول على المستوى الرابع يتم إضافة شهرين آخرين، وبالتالي فإنه يتعين على من يريد الوصول إلى المستوى الخامس الذي يؤهله إلى تدريس لغة الإشارة، أن يستمر في التعلم فترة تصل إلى سنة تقريبا، وهذا بالنسبة لمن يريد تعلم اللغة فقط، بعكس من يريد يحب تعلمها، لأن من وصل إلى المستوى الرابع والخامس كانوا يحبون تعلم اللغة للاستفادة منها في مجال أعمالهم في سواء بمدارس التربية الخاصة، أو العمل كمترجمين.

تأهيل مناسب

* من وجهة نظرك، هل من يدرس لغة إشارة في الوقت الحالي مؤهل علمياً؟

- سواء في لغة الإشارة أو في التعليم بشكل عام، ليس كل معلم متميزاً ويستطيع توصيل المعلومة إلى الطالب، وهذا الأمر ينطبق على الجميع، لاسيما أن بعضهم يوصل المعلومة ويعطي زيادة تخدم المتلقي للمستقبل، وهناك آخرون يقدمون المعلومة حسب المنهج دون زيادة. بالنسبة لمعلمي لغة الاشارة أيضا ينطبق عليهم الأمر ذاته، فهم كذلك مستويات، ولا يمكن القول ان الدورات التي تكون مدتها قصيرة تصنع مترجما للغة الاشارة التي تتطلب تأهيلا عاليا ومكثفا لإتقانها، أما بالنسبة للمشارك في دورات تعلم اللغة، فيجب أن يكون لديه شغف وحب لها حتى يستطيع الاستمرار ليصبح مترجماً ناجحاً.

* هناك من يعتقد أن المترجمين يحصلون على مردود مادي كبير... ما صحة هذا الكلام؟

- غير صحيح، بالعكس في كثير من الأوقات والمواقف تدرك أنك أصبحت مترجما مجانياً، وخدمة لهذه الفئة المنسية، ولعل عدم استمرار الكثيرين في دورات تعليم لغة الإشارة خير دليل على ذلك، لأن الغالبية يبحثون عن فرص عمل مناسبة وراء تعلم اللغة، لكن حين يكتشفون الحقيقة يتركونها، رغم ان مترجمي لغة الإشارة حين يتم الاستعانة بهم لأي جهة للترجمة تُدفع لهم مبالغ مالية لهذا الغرض، بينما لا يحصل المترجم في الكويت على أي مقابل إذا طلب منه الحضور مع الأصم.

اهتمام مفقود

* كيف ترى اهتمام الحكومة بفئة الصم عبر توفير مترجمين لإنجاز المعاملات؟

- نحن كمترجمين مؤهلين ومتخصصين في الأساس عددنا قليل لا يتجاوز أصابع اليد الواحد، وعند طلب أي جهة الاستعانة بأحدنا للترجمة، ربما تكون هناك ظروف تحول دون حضوره، فيقعون في مأزق، وبكل صراحة لا يوجد اهتمام وحرص على توفير مترجمي لغة الإشارة في القطاعين الحكومي والخاص، فوزارة الإعلام مثلاً تستعين ببعض المترجمين كموظفين، أما الوزارات الأخرى فمن النادر جداً أن تجد مترجمين، خصوصاً أن بعض الصم يرفضون بعض المترجمين الموجودين في وزارة أو مؤسسة، وهنا تكمن المشكلة في توفير البديل، مما يؤدي إلى تأجيل الموضوع إلى يوم آخر، وتأخير في إنجاز كثير من المعاملات خصوصاً في المحاكم وغيرها، أما في وزارات مهمة مثل الصحة، فللأسف ليس هناك من مترجمين لمساعدة هذه الفئة، إلا في حالات الطوارئ التي يطلب خلالها المريض حضور المترجم.

* وهل ينطبق الشيء ذاته على مؤسسات القطاع الخاص؟

بالنسبة للقطاع الخاص، ليست لدي فكرة كاملة، لكن فيما يتعلق بالبنوك المحلية، سبق أن طلب بنك الكويت المركزي من جميع البنوك تنظيم دورات للموظفين لتعليم لغة الإشارة سنوياً، وهي خطوة موفقة وفي الاتجاه الصحيح، وأقدم حالياً دورات في أحد البنوك المحلية كل عام، إذ نقوم بعملية تحديث ومراجعة شاملة مع الموظفين، وذلك لتسهيل إنجاز معاملات المراجعين من فئة الصم.

ثقة الأصم

* بصراحة، هل يقوم المترجم في نقل أقوال الأصم بكل دقة؟

- بأمانة، في بعض المواقف، لا توجد دقة مطلقة، فالمترجم أحياناً يرى أن الأصم أو الطرف المقابل، قال كلاماً غير مهم، في حين المطلوب نقل الكلام بالكامل دون نقصان أو زيادة، لأن مسؤولية تقييم الموضوع وأهميته تقع على الطرفين اللذين تتم الترجمة لهما، لذا نؤكد أن مترجم لغة الإشارة لا يمتلك الحق في اختصار الحديث واجتزاء كلمات يقيمها من وجهة نظره الشخصية أو مزاجه.

خطوات للنهوض بتعليم لغة الإشارة

أعرب الدوخي عن الأمل في اعتماد مسمى مترجم لغة إشارة في ديوان الخدمة المدنية، وبهذه الخطوة يمكن أن نقدم مترجمين معتمدين من خلال تدريسهم بالشكل السليم ومنهج محدد وواضح، ومن الممكن الاستعانة بهم مستقبلاً لتدريس لغة الإشارة، لاسيما مع قلة المترجمين وقلة المعلمين، مما أدى إلى الاستعانة بعدد من الصم لتقديم دورات تدريبية في جامعة الكويت، علماً أن هذه طريقة جيدة لتعليم لغة الإشارة، خصوصاً أن التخاطب مع المعلم يكون عن طريق الإشارة فقط لا الكلام.

وتمنى الدوخي توفير موقع خاص في جامعة الكويت لتدريس وتخريج مدرسي لغة إشارة، لتدريس المستويات الأولى في لغة الإشارة، «حتى نتمكن من إعطاء المستويات المتقدمة لمتدربين آخرين، لاسيما أن عدد المدرسين أو المترجمين غير كافٍ لإعطاء مزيد من الدورات التدريبية للراغبين بتعلم لغة الإشارة.

ومن الأمور التي تساهم في تطوير آلية تعليم لغة الإشارة، أن تقوم وزارات الدولة بتدريب موظفيها ممن يرغبون ذلك، لا أن تكون هذه الدورات إجبارية للجميع، لاسيما أن الدورات تتطلب التزاماً كبيراً في الحضور، ومن يأتي مجبراً لا يمكن أن يتعلم اللغة بالشكل المطلوب، لذا يجب اختيار الموظفين الذين لديهم قابلية لتعلم لغة الإشارة، فهذا الأمر يساعد كثيراً في توفير أعدادٍ إضافية من المعلمين والمترجمين في مختلف وزارات ومؤسسات الدولة.

إحصائية حديثة بذوي الإعاقة

وفق إحصائية حديثة صادرة عن الهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة، فإن عدد الصم في الكويت حالياً يبلغ 4264 حالة، مما يؤكد ضرورة وجود خطة واضحة لمراعاة الجوانب الإنسانية والاجتماعية لهذه الشريحة التي كانت ولا تزال تعاني قلة الاهتمام في القطاعين الحكومي والخاص، خصوصاً فيما يتعلق بإنجاز المعاملات التي تتطلب وجود مترجم يساعد الصم في إتمام المعاملة بكل سهولة ويسر.