في تحديث السلع هذا الأسبوع، تعمق تقرير ساكسو بنك أكثر في الأحداث الرئيسية، التي كان لها دور بارز في تقلبات الأسواق خلال شهر يناير، لعل أبرزها كان تفشّي فيروس كورونا الذي تسبب بحالة من التخبط في الأسواق ودفعها نحو توقعات بانخفاض النمو.

وهنا سنركز أكثر على السلع القائمة على حجم الطلب الصيني بالمقام الأول، بداية بالنفط الخام وفول الصويا وصولاً إلى الحديد الخام والنحاس.

Ad

فقد مرت السلع خلال الشهر المنصرم، ولا سيما الأسبوع الماضي، بثلاثة أحداث رئيسية كان لها الدور الأكبر في التقلبات التي عاشتها منذ بداية عام 2020.

وكانت البداية مع تصاعد التوترات الجيوسياسية بين الولايات المتحدة وإيران في مطلع يناير، أعقبها توقيع الاتفاقية التجارية بين الولايات المتحدة الأميركية والصين، ولكن ما حدث بعد ذلك كان الأبرز، وهو تفشّي فيروس كورونا في الصين، مما جدّد المخاوف بشأن التكاليف البشرية والاقتصادية.

وأعلنت منظمة الصحة العالمية أن تفشي كورونا يشكل حالة طوارئ صحية تثير قلقاً دولياً قد يؤدي إلى فرض المزيد من القيود على حركة التجارة والسفر بين الصين وبقية دول العالم، مما قد يزيد من المخاوف بشأن النمو العالمي، وتراجع الطلب على العديد من السلع الرئيسية، بداية بالنفط الخام وفول الصويا، وصولاً إلى النحاس والحديد الخام.

فبعد تسجيل أداء قوي في نهاية عام 2019، انخفض مؤشر»بلومبيرغ للسلع الرئيسية» بنسبة 7 في المئة، متجهاً نحو أدنى مستوى له منذ ديسمبر 2018، إذ سجلت ثلاثة سلع فقط من أصل 22، وعلى رأسها السكر والذهب، أداءً جيداً لحد ما، بينما تصدر البنّ ووقود التدفئة قائمة السلع التي سجلت تراجعاً بأدائها.

ويبيّن جدول الأداء مدى الضرر الذي لحق بقطاع الطاقة خلال يناير. فالأجواء الشتوية المعتدلة في نصف الكرة الشمالي جعلت الغاز الطبيعي تحت ضغط كبير بسبب ضعف الطلب عليه. وبدوره سجل النفط الخام خسائراً كبيرة تجاوزت المكاسب التي حققها خلال شهر ديسمبر بعد قرار «أوبك بلس» خفض إنتاجها، وفي مطلع شهر يناير عندما انتعشت الأسعار عقب تصاعد حالة التوتر بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران. ونظراً لأنها أكبر مستورد للنفط الخام في العالم، من المرجح أن تشهد الصين تباطؤاً في الطلب على الوقود لتراجع حركة الطيران والسفر بشكل كبير، فيما يعاني اقتصادها بشكل عام من تباطؤ مؤقت.

وبعد ثلاثة أسابيع من عمليات البيع، سجلت العقود الآجلة لفول الصويا في بورصة شيكاغو انخفاضاً بنسبة 9 في المئة، بعد تلاشي حالة التفاؤل التي أعقبت التوصل إلى اتفاق تجاري بين الصين والولايات المتحدة.

كما مرت المنتجات الزراعية الأميركية بشهر عصيب، إذ تزايدت الشكوك حول قدرة الصين على استيراد تلك الكميات الكبيرة من المنتجات الزراعية الأميركية التي ينص عليها الاتفاق. لاسيما بعد تفشّي فيروس كورونا الذي تسبب بتغييرات في سلاسل التوريد بالصين، فضلاً عن التوقعات بحصاد محصول وفير في البرازيل، مما دفع الأسعار نحو الانخفاض.

وهنا يبرز تحدّ آخر أمام المحاصيل الأميركية لتتمكن من المحافظة على منافستها، إذ يجب أن تحافظ على أسعار تنافسية تمكنها من استقطاب المشترين الأجانب.

وشهدت المعادن الصناعية تراجعاً حاداً لناحية التوقعات الإيجابية، وخصوصاً بعد حالة الإحباط التي ترافقت مع انتشار فيروس كورونا عقب التفاؤل بحدوث نمو مع مطلع العام الحالي. ونظراً إلى أن النحاس والحديد الخام يعتمدان بشكل كبير على حجم الطلب الصيني، فقد تأثر أداؤهما سلباً بعد حظر السفر الذي فرضته الصين، وفرضها على الشركات تمديد عطلة رأس السنة القمرية الجديدة.

كما أشارت التقارير الأخيرة إلى وجود انكماش في قطاع التصنيع الأميركي والألماني، مما زاد من المخاوف والتوقعات السلبية، لذا تعيش الأسواق حالياً حالة من الترقب بخصوص متى يمكن السيطرة على الفيروس، والمدة التي ستصمدها المصانع الصينية قبل الإغلاق جراء قيود السفر الراهنة وتمديد فترة العطلة.

ونتيجة لهذه التطورات، أصبح النحاس مجدداً هو الخيار المفضل على المدى القصير، لاسيما في وقت تسعى الصناديق الكلية للتحوّط من التباطؤ العالمي الذي تقوده الصين.

وبشكل عام، نجحت صناديق التحوّط خلال الشهور القليلة الماضية في الحفاظ على مركز صافٍ قريب من الحياد. وعلى الرغم من أن عمليات البيع الحادة للنفط الخام كانت مدفوعة بالرغبة للتصفية على المدى الطويل، وتحول التركيز من مشاكل التوريد إلى التحديات التي ينطوي عليها الطلب، إذ شهد النحاس العديد من عمليات البيع على المكشوف الجديدة. وهو تطور قد يسهم بدعم الانتعاش النسبي القوي - من التغطية القصيرة - بمجرد تراجع المخاوف المتعلقة بالفيروس.