شهدت بغداد ومدن جنوب العراق، منذ مساء أمس الأول، احتجاجات شارك فيها شباب غاضبون مناهضون للحكومة، رفضاً لتكليف وزير الاتصالات الأسبق محمد توفيق علاوي بتشكيل الحكومة العراقية.

وطالب المتظاهرون مجدداً بتسمية رئيس وزراء مستقل سياسياً لم يعمل في الحكومة، ويعتبرون أن ذلك لا ينطبق على علاوي.

Ad

وفي العاصمة تدفق الآلاف، أمس، إلى ساحات التحرير والوثبة والخلاني، رافضين تكليف علاوي. وفي مدينة النجف المقدسة لدى الشيعة، رفع متظاهرون، أمس، لافتة تقول "محمد علاوي مرفوض، بأمر الشعب!".

وأمضى شبان يضعون أقنعة على وجوههم، ليل السبت- الأحد وهم يشعلون إطارات سيارات في الشوارع. وبقيت الشوارع الرئيسية داخل النجف، بالإضافة إلى الطرق الخارجية مغلقة صباح أمس بإطارات مشتعلة.

وفي مدينة الكوت (170 كلم جنوب شرق بغداد)، خرج المئات في تظاهرة حاشدة حاملين لافتات كتب عليها "نرفض تكليف علاوي لرئاسة الحكومة"، كما هتفوا "المجرب لا يجرب" و"لا تنصيب لحكومة محاصصة".

وفي مدينة الديوانية، توجه متظاهرون إلى المقار الحكومية للمطالبة بإغلاقها وتوقفها عن العمل، في حين بدأ طلاب ثانويات وجامعات اعتصامات.

وفي الحلة (100 كلم جنوب بغداد)، قام متظاهرون بغلق طرق رئيسية وجسور بإطارات مشتعلة، رافعين صورا منددة بعلاوي وهم يهتفون: "علاوي ليس اختيار الشعب!"، في حين توقف العمل في أغلب المؤسسات الحكومية والتعليمية في المدينة.

تظاهرات ضد الصدر

كما توافد عشرات الآلاف من المتظاهرين وطلبة الجامعات، والمعاهد، أمس، إلى ساحة التحرير، وسط بغداد، متهمين أتباع رجل الدين الشيعي، مقتدى الصدر، بـ "عمليات قمع للمتظاهرين باستخدام العصي، والهروات" منذ مساء أمس الأول.

وصدحت أصوات المتظاهرين الذين امتلأت ساحة التحرير بهم بعبارات ضد الصدر، بالتزامن مع تغريدته التي دعا فيها القوات الأمنية إلى إنهاء مظاهر الاحتجاج، واصفا قطع الطرق من قبل المحتجين، بالإرهاب. وأكد شهود عيان أن أصحاب "القبعات الزرقاء"، استولوا على مبنى المطعم التركي في ساحة التحرير بالقوة.

وفي النجف، اشتكى طلاب من اعتداء اتباع الصدر عليهم.

ودعا الصدر، أمس، إلى تشكيل لجان في المحافظات لإعادة الدوام الرسمي للمدارس وفتح الطرق، مشدداً على "ضرورة إرجاع الثورة الى انضباطها وسلميتها".

وقال الصدر، في تغريدة، إنه "حسب توجيهات المرجعية، ووفقا للقواعد السماوية والعقلية... لابد من إرجاع الثورة إلى انضباطها وسلميتها".

وأضاف: "أجد لزاما تنسيق القبعات الزرق مع القوات الأمنية الوطنية البطلة ومديريات التربية في المحافظات وعشائرنا الغيورة، لتشكيل لجان في المحافظات من أجل إرجاع الدوام الرسمي في المدارس الحكومية وغيرها، كما عليهم فتح الطرق المغلقة، لكي ينعم الجميع بحياتهم اليومية، وترجع للثورة سمعتها الطيبة".

ودعا الصدر "المختصين الى الإسراع في البدء بذلك"، لافتا الى "انني أنصح القوات الأمنية بمنع كل من يقطع الطرقات، وعلى وزارة التربية معاقبة من يعرقل الدوام من أساتذة وطلاب وغيرهم".

وكان الصدر انفرد، أمس الاول، بدعم تكليف علاوي وكتب على "تويتر": "اليوم سيسجل في تاريخ العراق أن الشعب هو من اختار رئيسا لوزرائه وليس الكتل... وهذه خطوة جيدة ستتعزز بالمستقبل".

وأضاف: "اليوم، نحن الثوار ملزمون بالاستمرار في التظاهر السلمي، من أجل إكمال الكابينة الوزراية المستقلة، النابعة من الشعب وإلى الشعب. اليوم نأمل من الأخ محمد علاوي ألا يستسلم للضغوطات الخارجية والداخلية، وأن يعلن عن برنامجه، ويسرع في البدء بالانتخابات المبكرة، وأن يسعى إلى سيادة العراق واستقلاله، بما يحفظ للبلد مكانته وقراره وهيبة قواته الأمنية".

خطاب

وكلّف رئيس الجمهورية العراقي برهم صالح، أمس الأول، علاوي رسمياً بتشكيل الحكومة بعد اتفاق بين الكتل السياسية في الوقت بدل الضائع، وسط انقسام في الشارع حيال هذه التسمية.

ووفقاً للدستور، أمام علاوي الآن شهر واحد لتشكيل حكومته، ويعقب ذلك تصويت على الثقة في البرلمان.

وفي أول خطاب رسمي وجهه علاوي للعراقيين، تعهد بتنفيذ مطالب الشارع، وخصوصاً الانتخابات المبكرة وحقوق ضحايا التظاهرات.

وقال علاوي إنه سيطلق حوارا مباشرا مع المتظاهرين، وتعهد بحصر السلاح بيد الدولة، و"حماية العراق من اي تدخل خارجي، وعدم السماح بأن يكون العراق ساحة لتصفية الحسابات".

وأكد حرصه على "متابعة احداث التحقيق ضد التظاهرات ومحاسبة المتسببين بالعنف وبأحداث التخريب في ممتلكات العامة والخاصة".

«بدر»

وأمس، أكد رئيس" كتلة بدر" البرلمانية حسن شاكر الكعبي أن "تكليف علاوي جاء منسجما مع المرحلة، لأن لديه تجربة وخلفية جيدة في الاصلاحات وإدارة الامور الحيوية"، مشدداً على "اننا سنعمل بقوة على دعم جهوده لتحقيق الاصلاحات بما ينسجم وتطلعات الجماهير".

وكانت مصادر أفادت باتفاق خمس كتل نيابية على ترشيح علاوي لرئاسة الوزراء، ورفض "ائتلاف دولة القانون" بزعامة نوري المالكي ترشيحه.

«ائتلاف الوطنية»

من ناحيته، أكد "ائتلاف الوطنية" بزعامة اياد علاوي، أنه لم يرشح أي شخص لرئاسة الحكومة، وأنه "لا يقبل بمرشح يملى به من خارج العراق"، مشيراً الى أن "حكومة تشكل خارج إرادة الشعب العراقي لن نكون معها".

وكان علاوي رئيس الحكومة السابق وابن عم الرئيس المكلف كتب أمس الأول في تغريدة: "المرشح لرئاسة الحكومة ينبغي ان يستمد شرعيته من دعم الشعب العراقي، بمن فيهم المتظاهرون والنقابات المهنية، والقوى السياسية الوطنية والاسلامية الوطنية، وليس دعم ايران"، متابعاً: "نؤكد وقوفنا مع شعبنا المنتفض والرافض لأي مرشح يُكلف من خارج العراق".

واشنطن وطهران

وقالت السفارة الأميركية في بغداد، أمس الاول: "تتطلب الظروف الراهنة في العراق والمنطقة وجود حكومة مستقلة ونزيهة ملتزمة بتلبية احتياجات الشعب العراقي"، معتبرة أن "ترشيح محمد توفيق علاوي كرئيس وزراء جديد للعراق يجب أن يتم متابعته بجهود حقيقة لضمان تحقيق هذا الهدف". وأضافت أن "الولايات المتحدة تعتبر أن أمن العراق أمر حيوي وستعمل مع الحكومة الجديدة فور تشكيلها لتهيئة الظروف لعراق مستقر ومزدهر وذي سيادة".

وفي طهران، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إن "طهران ترحب باختيار علاوي رئيسا لوزراء العراق".