في أواخر ديسمبر الماضي، أصيب 7 أشخاص بمرض غريب في أحد مستشفيات مدينة ووهان الصينية، وحاول الطبيب لي وين ليانغ تحذير زملائه من وباء جديد قد يشبه «السارس»، لكن بعد عدة ساعات استدعته السلطات الصينية، وأخبرته أن ما كتبه لزملائه غير قانوني، فصمت الطبيب، وكان هذا المرض هو فيروس «كورونا المستجد» حسبما ذكرت قناة الحرة الأميركية في تقرير.

وقال تقرير «الحرة»، إنه في الأسابيع الأولى بين ظهور الأعراض الأولى في أوائل ديسمبر وقرار الحكومة بإغلاق المدينة، والتي كان من الممكن السيطرة على المرض فيها، أسكتت السلطات الأطباء وغيرهم.

Ad

وأضاف التقرير أن الحكومة قللت من شأن المرض الجديد، تاركة سكان المدينة البالغ عددهم 11 مليون نسمة غير مدركين أن عليهم حماية أنفسهم، حتى عندما أغلقوا سوق المواد الغذائية حيث يعتقد أن الفيروس قد بدأ، أخبروا الناس أنه لتجديد السوق وليس لانتشار المرض.

التكتم على المعلومات

حتى مع ارتفاع عدد الحالات، أعلن المسؤولون مراراً وتكراراً أنه من غير المحتمل حدوث مزيد من الإصابات.

ويقول خبراء الصحة العامة، أن عدم التحرك بقوة لتحذير العاملين في المجال الطبي، أفقد الحكومة الصينية إحدى أفضل فرصها لمنع المرض من أن يتحول إلى وباء، وفقاً لصحيفة نيويورك تايمز.

بالنسبة للحالة الأولى، فتفاصيلها غير معروفة، وكانت في أوائل ديسمبر، وعندما تحركت السلطات في 20 يناير، كان المرض قد أصبح خطراً ووباء عالمياً.

وفي اليوم الأخير من عام 2019، أعلنت الشرطة الصينية أنها تحقق مع ثمانية أشخاص لنشرهم شائعات حول تفشي المرض.

لكن في نفس اليوم، أعلنت لجنة الصحة في ووهان إصابة 27 شخصاً بالتهاب رئوي سببه مجهول، وقال بيانها، إنه لا داعي للقلق، وأن «المرض يمكن الوقاية منه والسيطرة عليه».

أما عن المستشفيات، فقد كان الأطباء والممرضون في حيرة لرؤية مجموعة من المرضى الذين يعانون أعراض الالتهاب الرئوي الفيروسي التي لم تستجب للعلاجات المعتادة، وسرعان ما لاحظوا أن العديد من المرضى لديهم شيء واحد مشترك وهو أنهم عملوا في سوق ووهان.

سباق لتحديد القاتل

على بعد حوالي 20 ميلاً من السوق، كان العلماء في معهد ووهان لعلم الفيروسات يدرسون عينات من المرضى الذين يدخلون مستشفيات المدينة.

من جانبها، قالت لو شياو هونغ رئيسة الجهاز الهضمي في مستشفى سيتي 5 إنها سمعت بحلول 25 ديسمبر أن المرض ينتشر بين العاملين في المجال الطبي - قبل ثلاثة أسابيع كاملة من اعتراف السلطات بهذا.

وبحلول الأسبوع الأول من شهر يناير، كان قسم الطوارئ في المستشفى رقم 5 ممتلئاً؛ وشملت الحالات أفراد من نفس العائلة، مما أوضح أن المرض كان ينتشر عن طريق الاتصال البشري، والذي قالت الحكومة إنه غير محتمل.

وفي 7 يناير، أعطى علماء المعهد فيروس كورونا الجديد هويته وبدأوا في الإشارة إليه بواسطة الاختزال التقني 2019-nCoV، بعد أربعة أيام، شارك الفريق التركيب الوراثي للفيروس في قاعدة بيانات عامة ليستخدمها العلماء في كل مكان.

السياسة هي السبب

في حين بدأ العلماء أبحاثهم وتبادلوا النتائج، ظل القادة السياسيين مترددين في التحرك، فمع أول يناير، كان عمدة ووهان، تشو شيان وانغ، يروج خطط الرعاية الصحية المستقبلية للمدينة.

في تلك الأيام كان موسم الصين السياسي في أوجه، حيث يجتمع المسؤولون الشيوعيون لحضور اجتماعات سنوية لمؤتمرات الشعب - الهيئات التشريعية التي يديرها الحزب الشيوعي والتي تناقش السياسات وتثني عليها - فلم يكن هناك مجال للأخبار السيئة، من وجهة نظرهم.

ومع بدء الإعلان عن انتشار المرض، كانت منظمة الصحة العالمية تردد تصريحات المسؤولين الصينين المطمئنة.

في 20 يناير الماضي، أي بعد أكثر من شهر من انتشار الأعراض الأولى، أعلن الدكتور تشونغ نانشان، عالم وبائي مشهور، في مقابلة مع التلفزيون الحكومي أنه لا يوجد شك في أن الفيروس التاجي انتشر عن طريق الاتصال البشري، والأسوأ من ذلك هو أن مريض واحد قد أصاب ما لا يقل عن 14 من العاملين الطبيين.

بعد يومين، أعلنت الصين فرض الحجر الصحي على مدينة ووهان، عندها أدرك السكان خطورة الوباء، وبدأت حشود من الناس تغادر المدينة عن طريق المطار والقطارات، مما زاد من احتمالية انتشار المرض.