علمت «الجريدة»، من مصدر مطلع في رئاسة الجمهورية الإيرانية، أن وزير الخارجية محمد جواد ظريف قدم استقالته إلى الرئيس حسن روحاني، بسبب الانتقادات اللاذعة التي يتعرض لها منذ نشر مقابلته مع صحيفة «دير شبيغل» الألمانية.

وقال المصدر إن ظريف أصرّ هذه المرة على أن يقبل الرئيس استقالته، نظراً لشعوره بأنه تحول إلى كبش فداء، بعدما تعرض لانتقادات المتشددين، دون أن تدافع عنه الحكومة، كاشفاً أن تلاسناً وقع بين الرجلين أمس الأول بعدما رفض روحاني قبول تلك الاستقالة.

Ad

في السياق ذاته، ذكر مهدي طائب، قائد «مقر عمار» للحرب الإلكترونية، المدعوم من الحرس الثوري، وهو شقيق حسين طائب، رئيس جهاز استخبارات الحرس، أن تصريحات الوزير للمجلة الألمانية أحدثت شرخاً بينه وبين روحاني، مضيفاً، خلال كلمة له بمسجد في قم أمس الأول، أن «ظريف سئم روحاني، لأن الأخير أجبره على تجاوز الخطوط الحمراء للنظام».

وادعى طائب أن «ظريف قال في لقاء مع المرشد إنه أُجبر على تجاوز تلك الخطوط الحمراء»، معقباً: «من الواضح أنه كان مجبراً من روحاني، لأن الأخير جعله درعاً في مواجهة الأصوليين».

وكان الأصوليون شنوا حملة شرسة من الانتقادات ضد وزير الخارجية المحسوب على الوسطيين بعدما صرح لـ «دير شبيغل» بأن بلاده مستعدة للتفاوض مع واشنطن، حتى بعد تصفية الجنرال قاسم سليماني بشرط رفع العقوبات، متهمين ظريف بالتفريط في دماء سليماني.

وتضاعف غضب الأصوليين، عقب رد الرئيس الأميركي دونالد ترامب على هذا التصريح بتغريدة قال فيها: «لا... شكراً»، معلناً أنه لن يتفاوض ولن يرفع العقوبات.

وتعليقاً على تصريح وزير الخارجية، وجه رئيس تحرير صحيفة «كيهان» الأصولية حسين شريعتمداري تساؤلاً إلى ظريف: «أي إيران أنت وزيرها؟!»، مشيراً إلى أن الملايين من مشيعي سليماني طالبوا بالثأر من ترامب لا التفاوض معه.

غير أن الانتقادات لم تقتصر على الأصوليين، فقد شنت صحف إصلاحية هجوماً على ظريف بسبب قوله في المقابلة نفسها إن «على أوروبا أن تعد نفسها لمعركة صعبة»، وكتبت صحيفة «آفتاب يزد»: «هل ستساعد لغة التهديد إيران؟ إلى متى ستستمر سياسة التطرف في التصريحات؟!».

وكان روحاني حذر، قبل أيام قليلة، من تأثير الرئيس الأميركي على «وحدة الصف» في إيران، مضيفاً: «يجب ألا ندع ترامب ينجح في خلق فجوات بين المؤسسة والناس... يجب أن نبقى متحدين». وفُهِم من هذه التصريحات أن الرئيس يشير إلى صراع الأجنحة التقليدي في النظام، لكن الخطر جاء هذه المرة من داخل صفوف الحكومة نفسها.

وهذه ليست المرة الأولى التي يقدم فيها رئيس الدبلوماسية الإيرانية المحنك استقالته؛ ففي أشهر حادثة من هذا النوع، استقال ظريف بعدما تم تجاهله خلال زيارة الرئيس السوري بشار الأسد لطهران في فبراير 2019 التي التقى خلالها المرشد الأعلى علي خامنئي وروحاني، ونظم تلك الزيارة قاسم سليماني الذي كان يدير ملف سورية، ثم عدل ظريف عن استقالته بعد تدخل المرشد.