في خطوة متناسقة مع الموقف العربي المعلن قبل ثلاثة أيام، رفضت منظمة التعاون الإسلامي بالإجماع أمس، خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسلام في الشرق الأوسط، معتبرة أنها «متحيزة وتتبنى الرواية الإسرائيلية» للنزاع.وعقب اجتماع طارئ لوزراء خارجيتها في مقر الأمانة العامة بجدة، اتهمت المنظمة، التي تضم 57 دولة في بيان صدر بالإنكليزية، «الخطة بأنها لا تلبي الحد الأدنى لتطلعات الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة»، داعية كل أعضائها إلى «عدم التعامل بأي شكل من الأشكال مع هذه الخطة أو التعاون مع الجهود التي تبذلها الإدارة الأميركية لإنفاذها».
وفيما حمّل البيان الختامي «إسرائيل المسؤولية عن تدهور الوضع على الأرض»، أكد الأمين العام لمنظمة يوسف العثيمين، دعم أي جهود دولية لحل القضية الفلسطينية وصولاً إلى سلام شامل، وإقامة دولة على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية، والتمسك بالحلول المستندة إلى القرارات الدولية ومبادرة السلام العربية.
مبادئ التعاون
وإذ قدّر رئيس وفد الكويت وزير الخارجية الشيخ أحمد الناصر، في كلمته، جميع الجهود الدولية ومنها الأميركية، لإيجاد حل عادل وشامل لقضية فلسطين باعتبارها الرئيسية والمحورية للأمة الإسلامية، جدد التمسك بالمرجعيات الأساسية والثوابت ومنها قرارات مجلس الأمن والقمم الإسلامية ومبادرة السلام العربية الداعي جميعها إلى إنشاء دولة فلسطين المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967.وأسف المحمد لأنه «رغم مرور 51 عاماً من حريق المسجد الأقصى وإنشائها، ما زلنا بعيدين عن تحقيق تطلعات ما نصت عليه مبادئ أهدافها بدعم كفاح الشعب الفلسطيني وتمكينه من الحصول على حقوقه غير القابلة للتصرف بما في ذلك حقه في تقرير المصير وإقامة دولته ذات السيادة وعاصمتها القدس الشريف.تضامن سعودي
بدوره، دعا وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان الدول الإسلامية إلى التضامن مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، مجدداً تمسك الرياض بحل عادل يكفل حقوقه وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.واعتبر وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي أن «صفقة القرن» هي «محاولة غير مسبوقة لإنكار حق الشعب وتدمر أسس مفاوضات السلام لانحيازها بشكل كامل لإسرائيل»، معتبراً أنها «تشرع إجراءات الضم وتلغي القدس كعاصمة للدولة الفلسطينية».موقف عباس
ورغم إعلانه أمام وزراء الخارجية العرب تحرره من التزاماته بموجب اتفاقات أوسلو، ألمح الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أمس، إلى أن العلاقات الأمنية مع الولايات المتحدة وإسرائيل لا تزال قائمة.وقال عباس، الذي أشاد بالموقف العربي خلال رئاسته لجلسة حكومة محمد أشتيه في رام الله، «نحن سنتابع ما قلناه، وإذا استمر الأميركان في هذا المشروع فالمقاطعة موجودة، قاطعناهم بعد إعلانهم عن القدس عاصمة لإسرائيل، وقلنا لن نعمل مع البيت الأبيض، وبقيت قناة واحدة يجب أن تقطع»، مضيفاً: «كذلك مع إسرائيل لا يوجد الآن أي علاقة إلا الأغراض التي يبيعونا إياها ونشتريها منهم، والتنسيق الأمني، ونحن نرفض هذا التنسيق إذا استمروا في هذا الخط».حقوق كاملة
وقال عباس: «إما أن نأخذ حقوقنا كاملة حسب قرارات الشرعية الدولية، أو على إسرائيل أن تتحمل مسؤولياتها كاملة كقوة احتلال»، رافضاً أن تكون أميركا وسيطاً في عملية السلام وحدها لأنها «منذ أوسلو عام 1993 وحتى الآن لم تعط أي نقطة إيجابية».وأضاف: «سنواصل تحركنا على كل الصعد لمواجهة صفقة القرن، وسنقدم رؤيتنا إلى مجلس الأمن، وسنجدد رفضنا لهذه الصفقة، لأنها تنتقص من الحقوق الفلسطينية، وتتنكر لكل الاتفاقات وقرارات الشرعية الدولية».وهدد عباس بأن «السلطة الفلسطينية ستوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل ولن تتراجع عن موقفها من خطة ترامب ولن تقبل فرض الشرعية الأميركية وإلغاء كل المرجعيات الدولية».دولة مشروطة
وفي المقابل، حذر صهر ترامب ومستشاره جاريد كوشنير، في تصريح بشبكة «سي إن إن»، «إسرائيل من المجازفة بالاعتراف بالدولة الفلسطينية إذا لم يلتزم قادتها شروطاً معينة في «صفقة القرن».وأوضح كوشنير، الذي هندس الصفقة بنفسه، أن المطلوب من الفلسطينيين قبل الحصول على دولة أن تكون لديهم صحافة حرة وانتخابات حرة وحرية ممارسة المعتقد وقضاء مستقل ونظام مالي متين، مؤكداً أن الأراضي الفلسطينية تعني «دولة بوليسية لا ديمقراطية ناشئة».وفي حين اعتبر كوشنير أن خطته هي السبيل لتحقيق الازدهار للفلسطينيين، تحفظ وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان عليها، مشدداً على ضرورة «دولتين حقيقيتين مع كل الصلاحيات ومجمل الواقع الديمغرافي والمادي المرتبط بهما».وأكد أن «هناك منهجية وهي التفاوض. وفي الوضع الحالي المبادرات الأحادية الجانب ليست مثمرة آلياً بالتالي لدينا علامات استفهام وتحفظات إزاء هذا الوضع»، نافياً وجود أي التباس بشأن رد الفعل الفرنسي الأول على خطة ترامب وهو الإشادة بالجهود وليس بالنتائج».