العوضي: فككت الألوان حتى أوضح «آلام الربيع» العربي

أدخل عناصر جديدة للوحات معرضه محافظاً على «الإكريلك»

نشر في 05-02-2020
آخر تحديث 05-02-2020 | 00:02
تضمن معرض الفنان العوضي 24 لوحة ركز خلالها على ضحايا التهجير والقتلى والتعذيب والأطفال.
أقام الفنان عبدالوهاب العوضي في قاعة بوشهري معرضه الشخصي «آلام الربيع»، الذي يعبر من خلاله عن رؤى حياتية تتمحور حول مفهوم الربيع، لكن من زاوية أخرى يستشرفها الفنان في عمق ذاكرته التي ربما ترتبط معه بالألم، الذي لايمكن الكشف عن مدلولاته إلا من خلال التعمق في الرموز التي تتضمنها مختلف لوحات المعرض، ومن ثم فك طلاسمها اللونية، تلك التي تتجه إلى مسارات إنسانية كثيرة.

وبهذه المناسبة، قال العوضي «جاء معرض آلام الربيع بعد ثلاث سنوات من المعرض السابق، وأردت عمل موضوع جديد حتى طرأت في ذهني فكرة موضوع الربيع العربي، لأرسم لوحات حوله، وأركز على ضحاياه، وعموماً عرف الناس الربيع أنه موسم الحب والورد، والجمال، لكنني اتخذت عنواناً وهو آلام الربيع، فالربيع يمثل آلاماً، وتلك الآلام استشفيتها مما حصل في الربيع العربي، والتركيز كان على ضحايا التهجير، والقتلى، والتعذيب، والأطفال المهجرين، ووضعت تلك العناصر في أعمال هذا المعرض، ويتضمن 24 لوحة، أنجزتها في عام واحد».

موضوع آخر

وأضاف أن تغييراً «طرأ على أسلوبي التشكيلي إذ أدخلت عناصر جديدة، وخامات بسيطة، ولكن في المجمل «الإكريلك «هي المادة الرئيسية»، موضحاً أن» الكاريكاتير موضوع آخر، وأنا تناولت رسوماً كاريكاتيرية حول الربيع العربي، لكنني أحببت أن أقدم موضوع المعرض في التشكيل، وبالنسبة لي لم أر معرضاً تشكيلياً خاصاً تناول الموضوع، هذا بشكل عام، ممكن لوحة واحدة أو لوحتين».

فتاة من سنجار

وعند سؤاله هل أصبح موضوع الربيع العربي مستهلكاً قال: «أنا ركزت على الضحايا والأشياء السلبية التي حدثت، وتلك قضية واضحة ومازالت مستمرة، والموضوع لم ينته فما زالت تداعياتها وآثارها موجودة، وأنا تناولته تشكيلياً وبأسلوب جديد».

وعن الجديد الذي أدخله في أسلوبه قال» مزجت التجريد في التعبيرية، وقمت بتفكيك الألوان حتى أبين الآلام، وأصورها في اللوحة، والمتلقي سوف يرى تلك الآلام موجودة في اللوحة الأطفال، والموتى، والبكاء، والحزن».

وتابع العوضي أن رسم لوحة خاصة لمنطقة سنجار في العراق، وجاءت بعنوان «فتاة من سنجار» تحكى قصة الفتيات بشكل عام اللاتي تعرضن للتعذيب من المنظمات الإرهابية، لافتاً إلى أنه خصص لوحة لهذا الحدث بالذات، وهي الوحيدة التي جاءت بعنوان في المعرض.

المواضيع التشكيلية

ومن خلال القراءة المتأنية لمعاني المواضيع - التي يحاول الفنان رصدها في لوحاته - سنجد تقارباً في بعض الأحيان واختلافاً في أحيان أخرى مع عنوان المعرض وتلك المواضيع التشكيلية، ويظهر التقارب من خلال تضاد الألوان مع بعضها بعضاً، بينما الاختلاف يظهر من خلال الاحتفاء بالألوان الزاهية خصوصاً الحمراء والفاتحة

فربما يتحرى الفنان من خلال معرض لآثار عدة تتمحور حول واقعنا من خلال «الربيع العربي»، الذي يراه آلاماً، أو أنه يعرج بشكل شمولي إلى الربيع الذي يحل على واقعنا العربي من دون أن يستطيع تفتيح أزهار أحلامه فظلت كامنة ذابلة.

مزيج مرئي

من جهته، قال الشاعر محمد الأسعد عن المعرض: «للوهلة الأولى، يحمل اختيار عبارة «آلام الربيع» عنواناً لمعرض تشكيلي، أو أي معرض أو موضوع حتى، خروجاً على صورة الربيع المعتادة في ثقافتنا العربية، بل وفي الثقافات الأخرى، ويوازي هذا خروج آخر على فن التصوير المعتاد في تراث تشخيص المرئيات بواقعية يتوقعها المشاهد في بلادنا ويألفها هو عنوان إذاً، وأعمال تشكيلية، بينها وبين المألوف مسافة، ولكنها غير منقطعة عما يعاصرنا من أساليب، تتنقل بين التشخيص الواقعي ومزج التشخيص بالتجريد، والتجريد الخالص.

وأضاف الأسعد «سأحاول في هذه اللمحة تقديم جواب استناداً إلى موقفين في الشعر والرؤية ليسا بعيدين عن أسلوب الفنان عبدالوهاب العوضي في اختيار العنوان، وفي تحويل فضاء اللوحة إلى مزيج من مرئي ومن ما وراء المرئي على صعيد واحد.

وزاد: تنقلني عبارة «آلام الربيع» إلى أول سطرين من سطور قصيدة «الأرض الخراب» للشاعر الانكليزي ت.س. إليوت: نيسان أقسى الشهور/يولّد أزهار الليلك من الأرض الموات».

وتابع: «نيسان هذا كما نعرف هو شهر الربيع، ولكن لمَ يكون قاسياً لدى الشاعر ومؤلماً لدى الرسام؟ لأن نيسان يكون قاسياً ومؤلماً حين يأتي إلى الأرض الخراب، وأطفالها ونساؤها ورجالها تتقاذفهم العواصف والأمواج والمنافي، ولا يكون من هدف لهؤلاء المشردين سوى حماية أطفالهم، أي مستقبلهم، في أزمنة يُباد فيها بشر وتمحى مدن».

وخلص الأسعد إلى القول: «يقارب الرسام كل هذا مستخدماً المزج بين التجريد والتشخيص، كأنه يتطلع إلى الأفق الذي أشار إليه الناقد الفني جون بيرجر حين كتب:(يبدأ تشكيل الصورة الفنية باستنطاق مظاهر الأشياء وصياغة علامات ولئن كان هناك من يفكر بالمظاهر بوصفها حدوداً، فلابد من القول له إن الفنانين يبحثون عن رسائل آتية من وراء المرئي، ليس لأنهم إفلاطونو النزعة، بل لأنهم يمعنون النظر)».

سويلم: العوضي يدهشنا بجديده المختلف

قال الناقد التشكيلي يحيى سويلم: «لايقف الفن المعاصر على مسافة ما من الحياة، بل دائماً في إطارها ويستمر وجوده من استمرارية التعبير عنها، هكذا يدهشنا الفنان عبدالوهاب العوضي بجديده المختلف عن سابقه من أعمال، إذ استطاع بشفافيته التي يعرفها المحيطون به، والكشف عن بشاعة تلك الأحوال التي عاشتها أمتنا العربية ومازالت والتي تعنونت بالربيع العربي».

وأضاف: «يحرص العوضي عبر حلول تشكيلية ذكية على مدار عام كامل نشاركه تلك الآلام التي فرضت هيمنتها على أهلنا ضحايا هذا الربيع ونحن نشارك في تقديم هذا البحث الجمالي لرواد القاعة، إذ سخّر العوضي عناصره التعبيرية لنجاح المعرض ، وهو صاحب مسيرة طويلة من الاهتمام بقضايا الإنسان والمرأة والبيئة».

العوضي: طرأ تغيير على أسلوبي التشكيلي خلال معرضي الجديد

الأسعد: العوضي تنقَّل بين التشخيص الواقعي ومزج التشخيص بالتجريد والتجريد الخالص...
back to top