كتب الرباعي الوتري الكلاسيكي "the string quartet" سطراً جديداً من الإبداع في يوميات "موسيقى الاثنين"، التي تقام ضمن فعاليات مركز جابر الأحمد بموسمه الثقافي الثالث، وذلك عندما أحيوا مساء أمس الأول حفلاً مميزاً في القاعة المستديرة أمام حضور كبير من جمهور حركه حب الموسيقى الكلاسيكية وشغفه بالتعرف على تجربة ثرية يقدمها أربعة عازفين تحلوا بالموهبة، وجمع بينهم التفاهم والتناغم في الأداء، ليبحروا في عوالم كبار مؤلفي الموسيقي، ويختاروا من أرشيفهم المتخم بالمئات من المعزوفات الأبرز في تجربة جديدة ومختلفة توثق ظهورهم الأول في مركز جابر.

Ad

حماس وحرص

ويتألف الرباعي الوتري من العازفين: يس إجماع "كمان أول"، وجيرار تورغوميان "كمان ثان"، وجاك بورساريللو "فيولا"، وفيليب فيريه عازف "التشيلو"، وقبل الموعد المحدد بساعة تقريبا كان الجمهور بدأ التوافد على مركز جابر من مختلف الفئات العمرية والخلفيات الثقافية، إذ يختلف البشر في كل شيء ولكن توحدهم الموسيقى التي لا تعترف بحدود الزمان ولا المكان، وتتخطى بلغتها عائق اختلاف المجتمعات والثقافات واللغات.

ولعل ما ميّز هذا المساء أيضاً أنه لا وجود لأي وسيط إلكتروني لينقل أنغام الرباعي حيث تنساب موسيقاهم من بين أناملهم لتسري بين الحضور وتدخل القلوب دون استئذان.

واستقبل الجمهور الرباعي في تمام السابعة ليبدأوا جولتهم على بساتين كبار المؤلفين الموسيقيين، ويختاروا من أعمالهم الأبرز والأكثر رواجاً بين عشاق الموسيقى، إذ تنقل الرباعي برشاقة بين مختلف مدارس الموسيقى من إيطاليا إلى فرنسا، ثم حطوا الرحال في النمسا، قبل أن ينهلوا من إرث العبقري الألماني لودفيغ فان بيتهوفن.

إيطاليا

وبدأت رحلة الرباعي الموسيقية في تلك الأمسية من إيطاليا، إذ وقع اختيارهم على واحدة من أهم معزوفات الملحن وعازف الكمان الإيطالي الشهير أنطونيو فيفالدي، وهي كونشيرتو الوتريات في سُلّم صول صغير المصنف 153، ومن المعروف أن فيفالدي بدأ مسيرته المهنية في الموسيقى عندما أصبح أستاذاً للكمان في دار Ospedaledella Pieta للأيتام للبنات في البندقية عام 1703، وقد ألف عددا كبيرا من القطع الموسيقية للفرق النسائية في دار الأيتام خلال ذلك الوقت.

أما المحطة الثانية في جولة "the string quartet" فكانت فرنسا، إذ قدم الرباعي إحدى مقطوعات الملحن الفرنسي نيكولاس دالايراك، وهي "الرباعي الوتري في سلم ري كبير المصنف 7 الرقم 3"، واستحقوا عليها تحية كبيرة من الجمهور، ولم تمر دقائق حتى جاءت أنغام الرباعي الوتري، لتعلن واحدة من أبرز أعمال المؤلف الموسيقي النمساوي جوزيف هايدن، إذ اختاروا من مؤلفاته مقطوعة "الرباعي الوتري الرقم 39 في سلم دو كبير المصنف 33 الرقم 3 (العصافير) التي لاقت استحسان الجمهور، فكان لافتاً حرص البعض على توثيق العزف بكاميرا الهاتف النقال.

ويعد هايدن من أهم الأشخاص الذين قاموا بتطوير الآلات الموسيقية، وقد أطلق عليه اسم أبي السمفونية؛ لأنه قام بتطويرها من الشكل البسيط القصير التأليف الموسيقي إلى الشكل المطول المستخدم مع الأوركسترا الطويلة، وكتب أكثر من 80 مقطوعة رباعية مازال العديد منها يحظى بشهرة واسعة.

محراب موتسارت

وحط الرباعي الرحال في موسيقى النمسا ليدخلوا محراب المؤلف الموسيقي الأشهر فولفغانغ أماديوس موتسارت، ويختاروا من أعماله المتنوعة معزوفة "ديفرتيمنتو (موسيقى مرحة) في سلم ري كبير المصنف".

والمعروف عن موتسارت غزارة إنتاجه، إذ كتب أكثر من 600 عمل موسيقي في حياته.

وكان مسك ختام الحفل مع واحدة من روائع العبقري الألماني لودفيغ فان بيتهوفن وهي مؤلفة "الرباعي الوتري الرقم 1 المصنف 18 الرقم 1".

ويعتبر بيتهوفن من أهم الموسيقيين العالميين على مدار التاريخ، إذ ألف الكثير من السيمفونيات والمقطوعات الموسيقية الرائعة، ولاسيما السيمفونية التاسعة، وسوناتا القمر.

ويُعَدُ الرباعي الوتري من أكثرِ الأشكالِ شعبيةً لدى متذوقي الموسيقى الكلاسيكية، وقد وضع العديدُ من كبار مؤلِّفي الموسيقى الكلاسيكية قِطعًا موسيقية مخصصةً للرباعيِّ، ومن بينهم موتسارت وهايدن وبيتهوفن وشوبرت.

وهذه أولُ مرةٍ يُقدِّم فيها مركزُ جابر الثقافي حفلاً موسيقياً مخصصاً للرباعي الوتري يضمُّ آلاتِ الكمان الأول والكمان الثاني والفيولا والتشيلّو، مع عازفين بارزين من فرنسا والمغرب.