بعد ساعات على تعهده بعدم السماح له بتحقيق المزيد من المكاسب في إدلب، هدد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان نظيره السوري بشار الأسد أمس بشن بعملية واسعة في حال لم يسحب قواته من المناطق المحيطة بنقطتي المراقبة في موريك وسرنام وأمهله إلى نهاية شهر فبراير الجاري وإلا فإنه سيجبره على ذلك.

وقال إردوغان، أمام حزبه "العدالة والتنمية"، إن "استهداف الجنود الأتراك من النظام السوري بداية لمرحلة جديدة، وقواتنا الجوية والبرية ستتحرك عند الحاجة بحرية في كل مناطق عملياتنا وفي إدلب، وستقوم بعمليات عسكرية إذا اقتضت الضرورة"، مضيفاً: "اثنتان من 12 نقطة مراقبة تابعة لنا موجودة خلف خطوطه ونأمل أن ينسحب لما بعدهما قبل نهاية فبراير".

Ad

وحذر إردوغان من أن الجيش التركي سيرد بدون أي إنذار على أي هجوم جديد ضده أو ضد الفصائل الموالية بغض النظر عن المنفذ، موضحاً أنه أبلغ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال أول اتصال بينهما منذ بدء التصعيد بأن استهداف الأتراك بمثابة صفعة للجهود المشتركة وأنه سيستخدم الحق المشروع في الدفاع عن النفس ضد أي هجمات مماثلة وبحزم.

وأكد إردوغان أن الجيش التركي موجود في سورية بموجب اتفاقية أضنة، ودعا روسيا إلى "فهم حساسياته بصورة أفضل"، مؤكداً أن قوات النظام لا تتحرك في إدلب دون قرار منها.

الكرملين وبومبيو

وبعد مواجهات غير مسبوقة خلفت مقتل 8 جنود أتراك و13 سورياً وأججت التوتر مع موسكو، أعلن الكرملين أن الرئيسين اتفقا خلال اتصالهما على اتخاذ إجراءات عاجلة لزيادة فاعلية التنسيق على الأرض.

وندد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بهجمات الحكومة السورية على محافظة إدلب، مؤكداً الوقوف التام مع تحركات تركيا الشريكة في حلف شمال الأطلسي في الرد المبرر على خسارتها عدة جنود في إدلب.

ووصف بومبيو القصف السوري للمواقع التركية بأنه "تصعيد خطير"، مشدداً على أن المسؤولين الأميركيين "يدعمون في شكل تام أعمالها للدفاع عن النفس المبررة".

معركة سراقب

ميدانياً، دفع الجيش التركي أمس، بالمزيد من التعزيزات إلى الحدود السورية، تضم ناقلات جند مدرعة ودبابات ومدافع، غداة إرساله 10 شاحنات محملة بكبائن حراسة متنقلة مقاومة للرصاص إلى نقاط المراقبة التابعة له داخل محافظة إدلب.

ورغم تحذيرات إردوغان، واصل الجيش السوري تحت غطاء جوي سوري التقدم باتجاه مدينة سراقب الاستراتيجية وسيطر خلال الساعات الماضية على أكثر من 20 قرية وبلدة، وبات يحاصر 3 نقاط مراقبة تركية على الأقل في إدلب، بحسب المرصد السوري ووكالة الأنباء الرسمية "سانا".

وأصبحت وحدات الجيش السوري تطوق مدينة سراقب من الاتجاهات الثلاثة الشرقية والغربية والجنوبية، ولا يفصلها عن بوابة الأحياء الشرقية للمدينة سوى 1 كم فقط.

الجولاني ودمشق

وفي ثاني ظهور منذ بدء المعارك، تحدث قائد جبهة النصرة سابقاً أبو محمد الجولاني، لأول مرة، عن دخول العاصمة دمشق ولو بقي بيده شبر واحد من الأرض، محذراً من التهاون على خطوط القتال أو الانسحاب من الجبهات.

وقال الجولاني، لمجموعة انتحاريين اقتحموا حي الزهراء في ريف حلب السبت الماضي، "أرى نصر الله مؤزراً ندخل به إلى دمشق، حتى لو بقي لدينا شبر واحد في الأرض ونفَس واحد، سينصرنا وندخلها منتصرين"، مؤكداً أن القوات الحكومية ضعيفة ولو رفعت روسيا وإيران يديهما عنها فستسقط دمشق خلال أسبوع واحد.

تعاون أميركي

من جهة ثانية، أوقفت الإدارة الأميركية أواخر العام الماضي برنامجاً سرياً للتعاون في مجال المخابرات العسكرية مع تركيا استخباراتياً رداً على توغلها الأخير بسورية في 9 أكتوبر الماضي وإطلاق عملية سمتها "نبع السلام" لإبعاد الوحدات الكردية عن حدودها.

وقال أربعة مسؤولين أميركيين، لوكالة "رويترز"، إن البرنامج السري لجمع المعلومات عبر طائرات مسيرة غير مسلحة ساعد أنقرة سنوات في استهداف مقاتلي حزب العمال الكردستاني، انطلاقاً من قاعدة إنجرليك الجوية المركز الرئيسي لوكالات الاستخبارات الأميركية العاملة في المنطقة.

ومما يكشف عن حجم ضرر العلاقات بين أكبر شريكين في حلف "الأطلسي" والذي عمقه أيضاً شراء أنقرة لمنظومة الدفاع الجوي الروسية S400، أكد أحد المسؤولين أن "تعليق البرنامج القائم منذ عام 2007 يصعب الحملة على حزب العمال ويجعله أكثر تكلفة على تركيا".

ولم تعلق وزارة الدفاع "البنتاغون" مباشرة على برنامج بعينه، لكنها أشارت إلى أنها "دعمت تركيا في قتال الحزب على مدى عقود بطرق شتى، وسياستها تقضي بعدم الكشف عن تفاصيل تتعلق بالعمليات".