«كورونا»... عطسة الصين التي أصابت الاقتصاد العالمي بالحمى
مع تصاعد عزلة الصين على خلفية المخاوف المتعلقة بانتشار فيروس كورونا الذي يحصد مزيداً من الأرواح على مدار الساعة، فإن حالة الجمود النادرة التي تنتاب ثاني أكبر اقتصاد بالعالم تبدو ذات آثار كارثية على مشهد الاقتصاد العالمي.فحالة عدم اليقين بشأن الفيروس، الذي أصاب نحو 14500 شخص حتى الساعة وحصد مئات الأرواح، تصيب كل شيء في مشهد الاقتصاد العالمي بدءاً من حركة التجارة وسلاسل التوريد وأسعار الأصول والسلع الأولية حتى القرارات المستقبلية للمستثمرين وسط ندرة المعلومات والنظرة المستقبلية حول تطور انتشار الوباء.وبدأت البلدان حول العالم في إصدار قواعد تتعلق بمنع الزائرين القادمين من الصين ومراقبة مواطنيها العائدين منها في وقت بدأت شركات الطيران العالمية توسيع دائرة تعليق طائرتها إلى الصين في مشهد عنوانه العريض «لا صوت يعلو فوق صوت الأزمة».
ويقول تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» إن هناك حالة من الاضطراب تسود المشهد فيما يتعلق بالمستقبل والنتائج المترتبة على تعطل عجلة الإنتاج في الصين والآثار المحتملة على الاقتصاد العالمي، الذي تعتبر الصين رقماً لا يمكن تجاهله في مشهده.
الشركات والمصانع
في نهاية الأسبوع الماضي، بدأت شركات عالمية تغلق أبوابها في الصين على خلفية الأزمة المتعلقة بانتشار فيروس كورونا.لكن الغريب في الأمر كانت العشوائية التي جرت بها الأمور فيما بدا أنها حالة من الفوضى لم تكن لتعرف طريقها إلى القائمين على مقاليد الأمور بالشركات الكبرى لولا خطورة الموقف وتأزمه.تقول إحدى الموظفات لدى شركة «نيكسون بيبودي» التي تتخذ من سان فرانسيسكو مقراً لها للصحيفة: «المكالمات الهاتفية التي تلقيتها كانت فحواها أن لا أحد يعرف ماذا يفعل على وجه التحديد... الرعب أصاب موظفينا... لم يتعاملوا مع موقف كهذا من قبل».وفي نهاية الأسبوع الماضي، أعلنت شركة آبل الأميركية إغلاق كل فروعها ومكاتبها في الصين حتى التاسع من فبراير الجاري على خلفية الأزمة دون أن تقدم المزيد من التفاصيل.ولا تتوقف خسائر الشركة، التي توظف نحو 10 آلاف شخص في الصين، عند هذا الحد، فالمصانع التي تورد مكونات أجهزتها توقفت عن العمل هي الأخرى.الهروب
مع تنامي المخاوف المتعلقة بالوباء الجديد، بدأت شركات كبرى في إجلاء موظفيها الأجانب من الصين في قائمة طويلة تشمل شركات الأدوية والمؤسسات المالية والشركات متعددة الجنسية مع تعليق عدد كبير لشركات الطيران العالمية رحلاتها إلى الصين، بحسب ما ذكرته صحيفة «وول ستريت جورنال».وطلبت شركة بوسطن للاستشارات من موظفيها بالصين العمل من المنزل ومنعت أي من موظفيها من الخروج زيارة بر الصين الرئيسي خلال الثلاثة أسابيع المقبلة، بحسب ما ذكرته مصادر على اطلاع بالأمر للصحيفة.وفي تحول درامي، علقت شركات طيران كبرى على غرار «أميركان آير لاينز» و«دلتا آير» و«يونايتد إير لاين» رحلاتها إلى الصين مع إلغاء العديد من المسافرين والسائحين لرحلاتهم إلى الصين.النفط والأسهم
حينما يتراجع الطلب على النفط في أكبر مستورد بالعالم، فإن هبوط أسعار الخام يبدو أمراً بديهياً، إذ هوت الأسعار بنحو 16 في المئة منذ الإعلان عن انتشار الوباء في الصين في وقت دعت «أوبك» إلى اجتماع عاجل لبحث تداعيات انتشار الفيروس على مشهد الصناعة النفطية.وفي أسواق الأسهم كان الهبوط عنوان المشهد أيضاً، إذ هوى المؤشر الرئيسي لبورصة شنغهاي بنحو 8 في المئة عند الفتح يوم الاثنين الماضي مع هبوط حاد لأسهم قطاع التجزئة والنقل، قبل أن تعوض جزءاً من خسائرها وهو ما أرجعه تقرير لصحيفة «فايننشال تايمز» إلى مشتريات للصناديق الحكومية الصينية.وتراجع مؤشر داو جونز الصناعي بنحو 3.7 في المئة ليمحو مكاسب العام الحالي وسط موجة بيع على الأسهم واتجاه للأصول الآمنة على غرار الذهب.ماذا لو؟
ماذا لو لم تُحتو الأزمة؟ يدور هذا التساؤل في بال الجميع. بيد أن لا أحد يملك إجابة قاطعة حول هذا الأمر في ضوء حقيقة الضبابية التي تكتنف المشهد برمته، وحقيقة أخرى مفادها بأن تقييم الآثار المحتملة بناء على تجارب سابقة قد لا يمت للواقع بصلة في ضوء تغيير وضع الصين كرقم في مشهد الاقتصاد العالمي.ويقول تقرير صحيفة «وول ستريت جورنال» إن انتشار فيروس سارس قبل نحو عقد ونصف من الآن كانت الصين تمثل نسبة صغيرة من الاقتصاد العالمي، أما اليوم فإن الاقتصاد الصيني يمثل نحو خمس الاقتصاد العالمي بزيادة نسبتها 15 في المئة عن الولايات المتحدة حال احتساب الناتج المحلي الإجمالي المعدل للدخل.