يستعد المحتجون المطالبون بالإصلاح السياسي والاقتصادي في العراق، للنزول مجدداً إلى الشارع، اليوم، في خطوة يهيمن عليها التوتر الشديد بينهم وبين أنصار الزعيم الشيعي النافذ مقتدى الصدر.

وقالت مصادر سياسية في بغداد، إن الطرفين دخلا في "حرب مفتوحة"، مضيفة أن "المحتجين بعثوا بـ 3 رسائل للصدر في محاولة لردم الهوة بينهما، لكن الأخير اكتفى بالرد على واحدة منها فقط، بإجابات تتهرب من الواقع، خلاصتها: أنا أمضي وحدي، وأقرر وأسيطر أيّاً كان الثمن" .

Ad

وبمشاعر من الغضب، شيّع المحتجون في محافظة النجف العراقية المقدسة، أمس، تسعة من زملائهم سقطوا برصاص أنصار الصدر، الذين يطلق عليهم اسم "القبعات الزرق"، المكلفين من زعيمهم بالسيطرة على ساحات الاعتصام بهدف "منع تسكير الطرقات وغلق المؤسسات الحكومية والمدارس".

وكان عناصر من "القبعات الزرق" حاولوا أمس الأول اقتحام "ساحة الصدرين" في النجف حيث يعتصم آلاف المحتجين، واستخدموا للمرة الأولى بهذه الكثافة، الرصاص الحي، مما أدى إلى سقوط هذا العدد الكبير من القتلى، ومعظمهم مصاب بطلقات في الرأس.

وزار وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال ياسين الياسري النجف، أمس، وأمر باتخاذ الإجراءات الضرورية لحماية المتظاهرين، لكن عناصر من التيار الصدري كانوا لا يزالون يسيطرون على نقاط حيوية في الشوارع.

ووسط صمت صادم للصدر، الذي كان يعتبر الأقرب بين التيارات السياسية إلى الحراك الاحتجاجي قبل عملية تصفية الجنرال الإيراني قاسم سليماني وحليفه العراقي أبومهدي المهندس من جانب الأميركيين قرب مطار بغداد، أكد الناطق العسكري باسم ميليشيا "سرايا السلام" التابعة للتيار الصدري، صفاء التميمي، اعتقال عدد من المتهمين بأحداث ساحة الصدرين، متمسكاً بـ "التكليف" الذي أصدره الصدر، في حين عبّر صالح العراقي، الناطق باسم الصدر على وسائل التواصل الاجتماعي، عن "ارتياحه" لما جرى في النجف.

وكتب العراقي: "شكراً لله إذ خلصنا من المندسين وأكرمنا بالوطنيين"، في رد على تعليق يفيد بـ "عودة الحياة الطبيعية بعد طرد العناصر المندسة والمخربة بين صفوف المتظاهرين السلميين".

ووجه رئيس الوزراء المستقيل عادل عبدالمهدي، أمس، بتشكيل لجنة تحقيق في أحداث النجف، في حين حض رئيس الحكومة المكلف محمد علاوي حكومة تصريف الأعمال على حماية المتظاهرين.

ودانت السفارة الأميركية في بغداد "الهجوم الوحشي" بالنجف، داعيةً الحكومة إلى وضع حد لـ "البلطجة"، في وقت دان سفير الاتحاد الأوروبي في ​العراق​ ​مارتن هوث "الترهيب والعنف ضد المحتجين"، مطالباً بمحاسبة الجناة.

وفيما بدا أنه انعكاس للتوتر، اغتال مجهولون، أمس، القيادي البارز في التيار الصدري جاسم الحلفي بمحافظة البصرة.

وقال القيادي في التيار حاكم الزاملي، إن "هناك جهات تحاول زرع الفتنة"، متهماً "الطرف الثالث" بقتل المتظاهرين بالنجف، واغتيال الحلفي.

في المقابل، تنصل حلفاء الصدر السابقون من انعطافته السياسية والأمنية. ورفض رئيس "ائتلاف الوطنية" أياد علاوي، أن يكون طرفاً في حكومة رئيس الوزراء المكلف محمد علاوي، المدعوم من الصدر، والتي قال إنها "جاءت بإرادة خارجية وبحماية الميليشيات".

وقال أياد علاوي إن "الحديث عن تولي المناصب وسط شلال الدم العراقي المتدفق معيب ومخجل ولا يستحق التعاطي معه"، في حين أكد رئيس ائتلاف النصر رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، أمس، أن "الجماهير سيدة نفسها، ولا وصاية عليها".