في إطار هجوم واسع بدأه بدعم روسي في ديسمبر على آخر معاقل فصائل المعارضة بقيادة جبهة النصرة سابقاً، سيطر الجيش السوري، أمس، على كل مدينة سراقب، التي تشكل نقطة التقاء بين طريق M5، الذي يصل حلب بدمشق، ويعبر مدنا رئيسية عدة من حماة وحمص، وصولاً إلى الحدود الجنوبية مع الأردن، وطريق M4 الذي يربط محافظة حلب بإدلب ثم اللاذقية غرباً.

ووسط أنباء عن إعادة القوات التركية انتشارها غرب تل أبيض التابعة إدارياً لمحافظة الرقة، بثّ التلفزيون الرسمي لقطات مباشرة من المدينة، التي تضم 3 نقاط للجيش التركي، مشيراً إلى أن «الوحدات العسكرية تنهي تمشيطها بالكامل من المفخخات والألغام». وأوضح مدير المرصد رامي عبدالرحمن أن «القوات التركية استحدثت نقاطاً عدة قرب بلدات شمال سراقب، لتشكل جداراً حولها»، مرجحاً أن تركز قوات الحكومة بمشاركة مقاتلين إيرانيين ومن «حزب الله» اللبناني عملياتها الآن على محيط الطريق الدولي، بدلاً من التوجه إلى شمال إدلب.

Ad

وبعد دخول القوات الحكومية لسراقب، التي باتت شبه خالية من السكان نتيجة موجة نزوح ضخمة ومقتل أكثر من 300 مدني، هدّدت وزارة الدفاع التركية، أمس، بالرد على أي استهداف لمواقعها العسكرية «بشكل مناسب وبأشد طريقة، بناء على حق الدفاع عن النفس»، مؤكدة أن نقاطها الـ12 المنتشرة في إدلب «تواصل مهامها، وهي قادرة على حماية نفسها بالأسلحة والمعدّات التي تملكها». وقبل بدء المحادثات مع وفد روسي وتأكيد محاصرة ثلاث نقاط لها، أعلنت وزارة الدفاع التركية، التي واصلت إرسال تعزيزات عسكرية لإدلب شملت أكثر من 350 آلية تنقل تجهيزات وقوات، مقتل جندي وإصابة 4 آخرين، جراء حادث انقلاب مركبتهم بالمنطقة.

وأكد خبراء عسكريون ودبلوماسيون أن معركة مدينة إدلب ستمثل مرحلة أكثر دموية، مؤكدين إدراك روسيا أن أي مواجهة مع تركيا يمكن أن تغرقها في مستنقع عسكري.

وإذ أوضح مصدر رفيع في المخابرات الغربية أنه بدلاً من ذلك يبدو أن روسيا تعتزم «استقطاع» أجزاء من أراضي المعارضة بشكل تدريجي، أكد مسؤول تركي أن «قواعد الاشتباك تغيرت، وبدأت مرحلة جديدة، ومدينة إدلب خط أحمر»، مشيراً إلى أن الاستخبارات التركية أبلغت 40 من قادة مقاتلي المعارضة، خلال اجتماع عقد مؤخراً، أن المحادثات مع موسكو أخفقت وعليهم التأهب للأسوأ.

وذكر قادة عسكريون معارضون ومصادر مخابرات غربية أن موسكو هي من سيقرر ما إذا كان سيتم دخول إدلب في مرحلة ما، وموعد ذلك، وهي خطوة تتضمن مجازفة بحدوث حمام دم وتفاقم الأزمة الإنسانية.

ووفق محللين، فإن دمشق لا تملك في الوقت الراهن العديد أو الموارد اللازمة لاستعادة محافظة إدلب كاملة، مؤكدين أنه في الانتظار، يجد آخر المقاتلين والمدنيين المعارضين في المنطقة أنفسهم أمام خيارات محدودة أحلاها مرّ.

وأشار المحللون إلى أن دمشق «تحتاج إلى دعم روسي بري وجوي ومدفعي من غير المرجح أن تحظى به في هذه المرحلة، مبينين أن التصعيد يتم «لممارسة ضغوط كبيرة على تركيا وإجبارها على تحمل مسؤولية نزع سلاح النصرة، مقابل وقف الأعمال العدائية».

وحذروا من أن «كلفة السيطرة على المحافظة، التي تؤوي أكثر من ثلاثة ملايين شخص، وبينها مركزها، وصولاً إلى الحدود التركية، أعلى مما يريد الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين أو السوري بشار الأسد، تحمُّلَه في هذه المرحلة، مع تمركز النصرة والفصائل المتحالفة معها بأعداد كافية فيها».

وبدت تركيا حازمة في تحذيرات وجهتها إلى دمشق، بعد تعرّض مواقعها في إدلب، الاثنين الماضي، لقصف أوقع ثمانية قتلى بينهم خمسة عسكريين. وأمهل الرئيس رجب طيب إردوغان دمشق حتى نهاية الشهر الحالي لسحب قواتها من محيط نقاط المراقبة في مورك والصرمان، بعدما باتتا ضمن مناطق سيطرة دمشق.

وفي انتظار المضي في إدلب، يرى المحللون أنه سيتم «فتح المجال لمن يريد أن يستسلم أو أن يجري تسوية حقناً للدماء». أما المقاتلون الأجانب «فلا خيار أمامهم سوى الاستسلام والمحاكمة بسورية أو الهروب والعودة من حيث أتوا»، مرجحين «إقامة منطقة عازلة جديدة».

وبينما اعتبرت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، خلال اجتماع في مجلس الأمن الخميس، أن حملة الأسد وروسيا للسيطرة على إدلب «مجزرة»، عرضت إيران تقديم المساعدة من أجل خفض التوتر بين دمشق وأنقرة وتخطي الخلافات.

في غضون ذلك، اتهم الجيش الروسي، أمس الأول، إسرائيل باستخدام طائرة إيرباص 320 أقلعت من طهران وعلى متنها 172 مدنياً، كدرع للهروب من صواريخ أطلقها الدفاع الجوي السوري ليل الأربعاء- الخميس رداً على قصف إسرائيلي قرب مطار دمشق. وأوضحت وزارة الدفاع الروسية أنه «لحظة شن الطيران الإسرائيلي لهجماته كانت الطائرة تستعد للهبوط، لتجد نفسها بمنطقة مميتة بين الضربات الجوية ونيران المدفعية»، مؤكدة أنه بفضل «التدخل السريع لمراقبي الحركة الجوية في مطار دمشق تمكنت من الخروج من مرمى الدفاع الجوي والهبوط بأمان في قاعدة حميميم».