قوبل مسعى للتهدئة بين أنصار الزعيم الشيعي النافذ مقتدى الصدر، والمحتجين المطالبين بإصلاحات سياسية واقتصادية، بالشكوك، إذ انقسم المحتجون بين مؤيد ورافض للحوار مع الصدر، بينما أعلن الصدر مجموعة شروط قاسية على ساحات التظاهر كان مصيرها الرفض.
«اجتماع التحرير»
ومساء أمس الأول، عقد اجتماع بين أبو دعاء العيساوي، المعاون الجهادي للصدر، وبين محتجين في ساحة التحرير، وسط العاصمة العراقية بغداد، والتي تعد قلب الحراك الاحتجاجي المتواصل منذ أكتوبر الماضي. وأعلن إبراهيم الجابري، مدير مكتب زعيم التيار الصدري في بغداد، أنه جرى الاتفاق بعد الاجتماع على انسحاب أنصار التيار الذين يطلق عليهم اسم "القبعات الزرق" من ساحة التحرير وتسليمها للقوات الأمنية. وأشار الجابري الى أن "البعض من الطلبة المتظاهرين أرادوا تقديم اعتذار رسمي من التيار الصدري بحجة بعض الإساءات التي حصلت بحقهم بسبب تصرفات فردية من قبل القبعات الزرق، والتيار الصدري يقول اعتذر لأخيك فهذه مغنمة".وتحدث الجابري عن مطالب مشتركة بين الطرفين "أبرزها إخراج القناص الذي استهدف المتظاهرين"، داعيا إلى "مرحلة أخوة ضد السلطة التي قتلت الشعب".واجتماع التحرير جاء عشية تنديد واضح من المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني، في خطبة الجمعة، بالعنف الذي أودى بحياة محتجين في مدينة النجف بجنوب البلاد، والتي قتل فيها 9 محتجين بعد أن حاولت جماعة "القبعات الزرق" طرد المعتصمين من ساحة الصدرين.وانتقدت الخطبة "قيام جهات غير حكومية بالتدخل في الملف الأمني وفرض رؤيتها على المواطنين".«ميثاق الثورة»
وأمس أعلن الصدر، ما أسماه "ميثاق ثورة الاصلاح"، داعياً إلى انسحاب "القبعات الزرق" من الشوارع.وحث الصدر في ميثاقه المقترح على "عدم إجبار أي شخص على التظاهر والاحتجاج مطلقاً وعدم قطع الطرق والاضرار بالحياة العامة وعدم منع الدوام في المدارس كافة".وحض على "عدم التعدي على الأملاك الخاصة والعامة وعلى المرافق الخدمية والصور والمقار وغير ذلك مطلقا وإخلاء مناطق الاحتجاج والاعتصام من أي مظاهر التسليح. وينطبق ذلك على المولوتوف والقاعات والعصي".وأكد الصدر "ضرورة إدارة التظاهرات من الداخل والتخلي عن المتحكمين بها من الخارج وتوحيد المطالب وكتابتها بصورة موحدة وتشكيل لجان رسمية وإيجاد ناطق رسمي للتظاهرات".ودعا الى "مراعاة القواعد الشرعية والاجتماعية للبلد قدر الامكان وعدم اختلاط الجنسين في خيام الاعتصام، واخلاء اماكن الاحتجاجات من المسكرات الممنوعة والمخدرات، وما شاكلها".وطالب زعيم التيار الصدري بـ "تحديد اماكن التظاهر عموما، والاعتصام خصوصا، ومن خلال موافقات رسمية، وبالتنسيق مع القوات الامنية بصورة مباشرة".وأكد ضرورة "طرد كل من يثير الفتنة الداخلية والطائفية وكل من يعتدي على الذات الإلهية او الاعراف الدينية والاجتماعية وما شاكل ذلك" داعياً الى أن "يكون يوم الجمعة يوما لتظاهرات عراقية حاشدة من دون الاعلان عن أي انتماء لغير العراق ومن دون التفرقة بهتاف أو فعل أو لافتة أو ما شابه ذلك".واختتم الصدر تغريدته بالدعوة إلى "عدم زج الثوار في تشكيل الحكومة المؤقتة".وكان الصدر من أبرز الداعمين للاحتجاجات العراقية، لكن بعد مقتل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبومهدي المهندس في بغداد، أعلن انسحابه من الساحات، وزج القبعات الزرق، في مواجهة المتظاهرين.وأمس تجددت المسيرات والاحتجاجات في عدد من المناطق التي رفضت ميثاق الصدر ونددت باعتداءات "القبعات الزرق"، مجددة رفض تكليف محمد علاوي بتشكيل الحكومة.وعمد المتظاهرون في ساحة التحرير وسط إلى إقامة طوق من أجل حماية المتظاهرات من التجاوزات، أما في مدينة كربلاء التي شهدت الخميس الماضي اشتباكات بين أنصار الصدر والمحتجين، فخرج المحتجون، مرددين هتافات ضد إيران وتدخلاتها.وشهدت القادسية أيضاً تظاهرات وهتافات ضد الأحزاب. كما شهدت ميسان استمرار التظاهرات الرافضة لسياسة الأحزاب القمعية. كذلك، جدد المحتجون في ساحة الحبوبي، بذي قار (جنوب العراق) رفضهم تكليف محمد علاوي، هاتفين "محمد توفيق علاوي مرفوض باسم السيستاني مرفوض". وفي البصرة، تواصلت التظاهرات العشائرية الداعمة لموقف المحتجين الرافضين لتكليف علاوي.وكان المتظاهرون في النجف، جددوا في بيان، مساء أمس الاول، رفضهم اختيار علاوي لتشكيل الحكومة المقبلة، معتبرين أنه شخصية جدلية غير مطابقة لشروط ساحات التظاهر لرئاسة الحكومة الانتقالية.الى ذلك، دعا رئيس ائتلاف الوطنية اياد علاوي، أمس الى تشكيل محكمة خاصة لمحاكمة مرتكبي الجرائم بحق المتظاهرين، في حين طالب بمحاكمتهم علنيا. وقال علاوي في تغريدة على "تويتر"، انه "يجب محاكمة قتلة ومرتكبي الجرائم بحق المتظاهرين السلميين علنيا". وطالب بـ "تشكيل محكمة خاصة تصدر بمرسوم جمهوري ترتبط برئاسة الجمهورية يرأسها بعض القضاة النزيهين المتقاعدين من داخل العراق أو من خارجه".