كان فيروس كورونا ومحاكمة مجلس الشيوخ للرئيس دونالد ترامب العاملَين الرئيسيين الأكثر جذباً لانتباه الأسواق خلال الأسبوع الماضي، حيث ارتفعت حصيلة الوفيات من جراء تفشي الفيروس، الذي هز أسواق المال، إلى 500 حالة، هذا بالإضافة إلى أكثر من 28 ألف حالة إصابة مؤكدة.

وحسب تقرير أسواق النقد الأسبوعي الصادر عن بنك الكويت الوطني، فإنه في إطار مساعيها للحد من تداعيات انتشار الفيروس، والمضي قدماً نحو تنفيذ «المرحلة الأولى» من الصفقة التجارية مع إدارة الرئيس ترامب، أعلنت الصين عن خفض الرسوم الجمركية على بعض الواردات الأميركية إلى النصف. وصرحت وزارة المالية الصينية أن الرسوم المفروضة على بعض السلع الأميركية ستخفض من 5 إلى 2.5 في المئة، بينما سيتم خفض بعض الرسوم الأخرى من 10 إلى 5 في المئة بدءاً من 14 فبراير، وهو اليوم الذي يتم فيه تفعيل الاتفاقية التي تم إبرامها الشهر الماضي.

Ad

ووفقاً للسجل الفدرالي التابع لمكتب الممثل التجاري للولايات المتحدة، تخطط واشنطن أيضاً لخفض الرسوم الجمركية على بعض السلع الصينية من 15 إلى 7.5 في المئة، بدءاً من 14 فبراير. وتبعاً للاتفاقية، ستقوم الصين بزيادة الواردات من الولايات المتحدة بمقدار 200 مليار دولار على مدار عامين، مقارنة بمستويات 2017. ويعتبر العديد من الاقتصاديين هذا الهدف طموحاً جدا، حتى قبل تفشي فيروس كورونا الشهر الماضي. وصرح لاري كودلو، كبير المستشارين الاقتصاديين للرئيس ترامب، هذا الأسبوع، بأن عمليات الشراء قد تتأخر بسبب تفشي المرض.

وبالانتقال من أخبار الصين إلى الولايات المتحدة، وبعد ثلاثة أسابيع من المناقشات، قام مجلس الشيوخ الذي يحظى به الحزب الجمهوري بالتصويت بالأغلبية لمصلحة تبرئة الرئيسي دونالد ترامب من مادتي المساءلة، إلا انه على الرغم من ذلك، فالرئيس ترامب لم يتلقَّ الدعم الكامل من الجمهوريين، حيث أصبح السناتور الجمهوري ميت رومني أول سناتور في تاريخ الولايات المتحدة يصوت لإدانة رئيس من حزبه. هذا ولم يغير الرئيس الأميركي موقفه، حيث ظل مصراً على أنه لم يرتكب أي خطأ، وأن الأمر ببساطة ينطوي على محاولة من جانب الديمقراطيين لتغيير نتائج انتخابات عام 2016.

ودفعت أنباء تعهد الصين بخفض الرسوم الجمركية للنصف، بجانب تبرئة الرئيس ترامب، إلى زخم أداء كل من الدولار وأسواق المال، حيث ارتفع مؤشر CSI 300 الصيني بنسبة 7.14 في المئة، مقارنة بأدنى مستوياته المسجلة في بداية الأسبوع، في حين أنهى مؤشر توبكس (Topix) في طوكيو تداولات الأسبوع بمكاسب بلغت نسبتها 4.30 في المئة.

ومن جهة أخرى، وصل مؤشر ستوكس 500، الذي يقيس أداء أكبر الشركات الأوروبية، إلى مستوى قياسي جديد، وأنهى تداولات الأسبوع مرتفعا بنسبة 4.16 في المئة. أما على صعيد أداء وول ستريت، فقد ارتفع مؤشر ستاندرد أند بورز 500 بنسبة 2.84 في المئة، على مدار جلسات التداول الأربع الأخيرة، فيما يعد أقوى ارتفاع أسبوعي يسجله منذ يونيو الماضي. وشهدت أسواق العملات الاجنبية ارتفاع مؤشر الدولار الأميركي بنسبة 1.40 في المئة، خلال يومين اثنين فقط، لينهي تداولات الأسبوع عند مستوى 98.72، معززا بذلك مركزه أمام الجنيه الإسترليني واليورو، بما أدى إلى خسارتهما 2.53 و1.36 في المئة على التوالي مقابل الدولار.

وفقدت عملات الملاذ الآمن قوتها أيضاً، حيث انخفض الين الياباني بنسبة 1.22 في المئة، في حين تراجع الفرنك السويسري بنسبة 1.60 في المئة.

الأصول مرتفعة المخاطر

استمر زخم أداء الأصول مرتفعة المخاطر، بعد أن أظهرت البيانات مرونة الاقتصاد الأميركي، وتقلصت المخاوف المتعلقة بفيروس كورونا؛ حيث ارتفع مؤشر مديري المشتريات للقطاع غير الصناعي الصادر عن معهد إدارة التوريدات (ISM) الأميركي إلى 55.5 نقطة مقابل 54.9 نقطة الشهر السابق. كما سجلت مؤشرات 12 قطاعاً نمواً في يناير، بصدارة قطاع الزراعة والإدارة والدعم والرعاية الصحية. كما أظهرت البيانات أيضاً ارتفاع عدد الوظائف في الشركات الأميركية بمستويات فاقت التوقعات، حيث ارتفع عدد موظفي القطاع الخاص بواقع 291 ألف وظيفة من ديسمبر إلى يناير.

ومن جهة أخرى، ارتفع مؤشر مديري المشتريات الصناعي إلى 50.9 نقطة خلال الشهر الماضي، مقابل 47.8 نقطة في ديسمبر، على خلفية دعم الطلبيات الجديدة ونمو الإنتاج والصادرات. وبذلك يرتفع المؤشر لأكثر من مستوى 50 نقطة، وهو المستوى الفاصل بين النمو والانكماش، والذي لم نشهده منذ يوليو الماضي، كما يعتبر أعلى من توقعات الاقتصاديين عند 48.5 نقطة.

الوظائف جاءت أفضل

بدأ سوق العمل في الولايات المتحدة عام الانتخابات الرئاسية في وضع جيد، حيث فاقت أعداد الوظائف التوقعات في يناير، كما عادت الأجور لتسجيل معدل نمو يتخطى 3 في المئة. فعلى صعيد الوظائف غير الزراعية، تم تسجيل زيادة قدرها 225 ألف وظيفة خلال الشهر الماضي مقابل147 ألفا بالشهر السابق، لتتجاوز بذلك توقعات بارتفاعها إلى 163 ألفا، وقد أظهر التقرير أن وظائف مواقع البناء كانت الأكثر حظاً على صعيد النمو خلال العام الحالي. ومن المتوقع أن تتباطأ وتيرة نمو سوق الوظائف الأميركي لشهر فبراير، في ظل تعطل الإمدادات بسبب تفشي فيروس كورونا، خصوصا بالنسبة إلى شركات التكنولوجيا مثل شركة أبل.

من جهة أخرى، سجل معدل البطالة ارتفاعاً هامشياً، حيث وصل إلى 3.6 في المئة مقابل أدنى مستوياته المسجلة في 50 عاما، والذي سجله في ديسمبر عند مستوى 3.5 في المئة، ومن المتوقع أن يظل مستقراً عند هذا المستوى، في حين ارتفعت الأجور بنسبة 3.1 في المئة في يناير، على أساس سنوي، وهو ما يمثل تحسناً في اعقاب تراجع المعدل السنوي لنمو الأجور إلى أقل من 3 في المئة للمرة الأولى منذ عام 2018، خلال شهر ديسمبر الماضي، حيث تلقت دعماً على خلفية نمو متوسط الأجور بالساعة بنسبة 0.2 في المئة.

قطاع الخدمات البريطاني يشهد نمواً هائلاً

شهد القطاع الخاص في المملكة المتحدة نشاطاً متزايداً في يناير بأسرع وتيرة يسجلها منذ 16 شهراً، حيث ارتفع مؤشر مديري المشتريات المركب الصادر عن شركة IHS Markit إلى 53.3 مقابل 49.3 في شهر ديسمبر، ليشهد بذلك أول ارتفاعاته فوق مستوى 50 نقطة منذ أغسطس الماضي، بما يشير إلى أن أغلب المديرين يؤكدون نمو أنشطة القطاع.

ويعزى هذا التحسن في المقام الأول لنمو قطاع الخدمات، الذي يعتبر أكبر القطاعات المهيمنة في المملكة المتحدة، حيث اكدت الشركات ارتفاع معدلات الطلب وزيادة توسع النشاط بأعلى المعدلات منذ يونيو 2018. وقد جاءت قراءة مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات لشهر يناير عند مستوى 53.9 نقطة، فيما يعد أعلى المستويات المسجلة منذ 16 شهراً، والأكثر ارتفاعاً بالمقارنة بمستوى 50 نقطة التي تم تسجيلها في ديسمبر. كما ساهم ظهور بعض المؤشرات الأولية الدالة على تحسن معنويات الأعمال خلال الشهر الماضي إلى اتخاذ بنك إنجلترا قراراه بالإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير عند مستوى 0.75 في المئة خلال اجتماع الأسبوع الماضي.

بنك اليابان يدعم الاقتصاد

صرح نائب محافظ بنك اليابان ماسازومي واكتابي بأن البنك أبدى استعداده لتعزيز الاقتصاد من خلال تطبيق إجراءات تحفيزية إضافية، في حالة تباطؤ وتيرة تعافي الاقتصاد. ويأتي هذا البيان التحوطي في وقت قد يؤدي تفشي فيروس كورونا إلى الإضرار بمعنويات الأعمال وحركة التجارة العالمية.

ومن جهة أخرى، صرح نائب محافظ البنك بأن «بنك اليابان لن يتردد في اتخاذ خطوات إضافية لتيسير السياسات النقدية إذا تزايدت احتمالات فقدان الزخم المطلوب للوصول إلى مستوى 2 في المئة المستهدف». وقد أخفق بنك اليابان مراراً في الوصول إلى هذا المستوى المستهدف، حيث بلغ معدل التضخم الاستهلاكي 0.7 في المئة على أساس سنوي، وقد تؤدي الضغوط التي يفرضها تفشي فيروس كورونا على النمو العالمي في تمهيد الطريق امام البنك المركزي لتقديم المزيد من التدابير التيسيرية. وتقوم الأسواق حالياً ببحث إمكانية خفض سعر الفائدة بنسبة 0.1 في المئة في أكتوبر، بنسبة 50 في المئة.