غداة إعلان رئيس وزراء تسيير الأعمال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قيامه بإعداد خرائط جديدة لمناطق فلسطينية، تضمنتها خطة السلام الأميركية المعروفة بـ «صفقة القرن» بهدف ضمها، حذّر السفير الأميركي في إسرائيل ديفيد فريدمان من أن اتخاذ الدولة العبرية لخطوات أحادية بضم أراض بالضفة الغربية المحتلة سيخاطر بخسارتها دعم واشنطن لتلك الخطط.

وكتب فريدمان على «تويتر»: «رؤية الرئيس دونالد ترامب للسلام هي نتاج أكثر من ثلاث سنوات من المشاورات الوثيقة بين الرئيس ورئيس الوزراء نتنياهو وكبار المسؤولين في البلدين».

Ad

وأضاف: «على إسرائيل أن تستكمل عملية رسم الخرائط في إطار لجنة إسرائيلية أميركية مشتركة. أي إجراء من جانب واحد قبل استكمال العملية من خلال اللجنة سيهدد الخطة والاعتراف الأميركي».

وقال فريدمان في وقت لاحق في القدس، إن عملية الضم لن تستكمل على الأرجح قبل الانتخابات الإسرائيلية التي تجرى في الثاني من مارس المقبل.

خلافات وسجال

وجاء تحذير واشنطن، التي ترغب، على ما يبدو، في أخذ موافقة «الكنيست» الإسرائيلي على خطتها قبل أن تعترف بضم المناطق الفلسطينية، قبيل ساعات من الاجتماع الأسبوعي للحكومة الإسرائيلية.

ورغم أن البعض رأى في تصريحات فريدمان محاولة لإعطاء نتنياهو «بعض الدفاع» في مواجهة ضغوط من اليمين المتطرف للاستعجال في الضم قبل الانتخابات، إلا أن الاجتماع الحكومي الأسبوعي شهد خلافات حادة واتهامات بسبب معارضة وزراء اليمين «إقامة دولة فلسطينية».

وذكرت تقارير إسرائيلية أن خلافات وصراخاً ساد جزءا من اجتماع أمس، لدى تطرق نتنياهو، إلى «صفقة القرن» وانتقاده مطالب وزراء من تحالف أحزاب اليمين المتطرف بضم مناطق قبل الانتخابات.

وقال نتنياهو: «إنني أعمل على الضم منذ فترة طويلة. وآمل بتطبيقه بعد الانتهاء من رسم الخرائط. وأقترح ألا نحمل انطباعا من المغرضين الذين لم يحققوا كل ما حققته أنا».

واعترض الوزراء زئيف إليكين وتسيبي حوطوفيلي، من حزب الليكود، وبتسلئيل سموتريتش، على بند «الدولة الفلسطينية»، علماً بأن خطة ترامب تتحدث عن دولة منقوصة ومحاصرة بمناطق تسيطر عليها إسرائيل من جميع الجهات.

ورد سموتريتش على نتنياهو بالقول إن «إطلاقك النار علينا داخل المركبة المدرعة لن يمنحك أي صوت إضافي ولن يقربك من كرسي رئيس الحكومة. وحسب أقوالك، فإنك تؤيد الدولة الفلسطينية إذا لبى الفلسطينيون الشروط».

ودافع الوزير ياريف ليفين، المقرب من نتنياهو، صارخا بالقول: «بذلنا جهداً بالغاً من أجل التوصل إلى النتيجة بألا يتم طرح الخطة أمام الحكومة، وألا تكون إمكانية تنفيذ فرض السيادة مرتبطة بمصادقة الحكومة» عليها. وأضاف مخاطبا سموتريتس: «إصرارك على طرح ذلك هنا يلحق ضرراً هائلا ويشكل خطراً على إمكانية استكمال الخطوة» التي تهدف للضم.

وحاول نتنياهو إنهاء السجال بالقول: «لسنا مرغمين على الموافقة على دولة فلسطينية بقرار حكومي. والأميركيون لا يطالبون بذلك».

وأكد نتنياهو لمجلس وزرائه أن «الاعتراف الأميركي هو أهم شيء، ولا نريد أن نجازف بذلك» في إشارة إلى تحذير فريدمان.

وقال نتنياهو، إنه «صنع التاريخ» بلقائه برئيس المجلس السيادي في السودان عبدالفتاح البرهان، في أوغندا الأسبوع الماضي، زاعماً أن الدول العربية والإسلامية تسعى للتقرب من إسرائيل بعد أن أصبحت «عظمى».

عملية ساحقة

من جانب آخر، هدد نتنياهو خلال اجتماع الحكومة، فصائل غزة، بالقول إن «إسرائيل مستعدة لشن عملية عسكرية ساحقة» رداً على إطلاق الصواريخ والبالونات المتفجرة تجاه المستوطنات المتاخمة للقطاع.

وتابع «أقترح على الجهاد الإسلامي وحماس أيضا تنشيط ذاكرتهم». وذكّر عبر «تويتر» عقب انتهاء الاجتماع باغتيال إسرائيل القيادي في «سرايا القدس» الذراع العسكرية لحركة الجهاد بغزة بهاء أبوالعطا.

في موازاة ذلك، قال وزير الدفاع الإسرائيلي، نفتالي بينيت، خلال مشاورات أمنية قرب القطاع: «التصرفات غير المسؤولة من قادة حماس تقربنا من عملية قاتلة ضدهم».

ومساء أمس الأول، أعلن الجيش الإسرائيلي، رصده إطلاق صاروخ من غزة بعد إطلاق صافرات الإنذار في منطقة النقب.

رفض فلسطيني

في المقابل، رد المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبوردينة على إعلان نتنياهو «بدء التحضير لخرائط ضم المستوطنات والأغوار وشمال البحر الميت» بالتأكيد أن «الخريطة التي نعرفها هي خريطة دولة فلسطين، على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، ولن نتعامل مع خرائط غيرها».

وأضاف: «أي خرائط أخرى تعني استمرار الاحتلال، ولا يمكن القبول بها».

من جهتها، اعتبرت «حماس» أن إعلان نتنياهو امتداد لـ «العدوان الأميركي- الإسرائيلي على حقوق الشعب الفلسطيني».

وطالب الناطق باسم الحركة فوزي برهوم «كل الفلسطينيين بالتحرك العاجل لتوحيد الجهود الكفاحية والنضالية، استعدادا لمواجهة الخطر الداهم وخوض المعارك لحماية الحقوق».

من جهة ثانية، التقى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، بوزير خارجية المغرب ناصر بوريطة، في العاصمة الأردنية عمّان، أمس، وسلّم إليه رسالة من الملك محمد السادس للتأكيد على موقف الرباط الداعم للشعب الفلسطيني وقضيته.

من جانب آخر، حُذفت إدانة خطة السلام الأميركية للشرق الأوسط من نصّ مشروع قرار فلسطيني، من المقرّر التصويت عليه في مجلس الأمن الدولي غداً، ويمتنع عن ذكر الولايات المتحدة خلافاً لصيغته الأولى.

والنص الذي قدم للدول الـ 15 الأعضاء في مجلس الأمن أمس الأول، ينص على أن «المبادرة التي تم تقديمها في 28 يناير 2020 بشأن النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، تبتعد عن المعايير المتّفق عليها دولياً لحلّ دائم وعادل وكامل لهذا النزاع كما وردت في قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة».

لكنّ تخفيف لهجة القرار الذي لا يزال يتضمّن إدانة الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما في ذلك في القدس الشرقية، ويؤكّد ضرورة الحفاظ على خطوط التقسيم التي حددت في 1967، قد لا يكون كافيا لمنع الولايات المتحدة من استخدام حق النقض (الفيتو) خلال التصويت على النص.