مقتل 5 جنود أتراك في ثاني هجوم للجيش السوري
• المعارضة خسرت نصف إدلب وتهاجم طريق حلب
• أنقرة تؤكد فشل المحادثات الروسية قبل الجولة الثانية • واشنطن على خط التصعيد
وسط مخاوف من مواجهة شاملة، هاجم الجيش السوري للمرة الثانية القوات التركية المنتشرة في إدلب، مما أسفر عن مقتل 5 جنود، في تطور ميداني تزامن مع بدء فصائل المعارضة عملية عسكرية واسعة لوقف توغله المستمر في آخر معاقلها.
في تطور ميداني خطير، أعلنت وزارة الدفاع التركية، أمس، مقتل 5 جنود وإصابة 5 آخرين في هجوم بالمدفعية الثقيلة للجيش السوري على نقطة المراقبة التابعة لها بمطار تفتناز في إدلب، وذلك بعد مرور أسبوع من خسارتها 8 عناصر في قصف مماثل ردت عليه بضرب 50 هدفاً وقتل عشرات الجنود السوريين.وأوضحت «الدفاع» التركية أن قواتها قامت بالرد الفوري على مصادر النيران، ودمرت مواقع للحكومة السورية انتقاماً لجنودها، مبينة أن الجهات المختصة تتابع تطورات الأحداث في إدلب عن كثب، وتتخذ التدابير اللازمة.وأكد مصدر في المعارضة أن القوات السورية قصفت القاعدة العسكرية في تفتناز، وقال شهود إن طائرات هليكوبتر تركية حلقت في سماء شمال غرب سورية لنقل المصابين.
وفي الخامس من فبراير، أمهل الرئيس رجب طيب إردوغان نظيره السوري بشار الأسد حتى نهاية الشهر لسحب قواته من محيط نقاط المراقبة التركية، إلا أن قواته واصلت عملياتها، معتبرة أن «محاولات الدول الداعمة للإرهاب لن تفلح في الحد من الانهيار المتزايد في صفوف تلك التنظيمات المسلحة».
هجوم مضاد
وفي محاولة لوقف التقدم السريع للجيش السوري، شنت القوات التركية، أمس، قصفاً مكثفاً على مواقعه شرق إدلب، تزامناً مع انطلاق جولة محادثات جديدة من المحادثات مع روسيا لاحتواء الوضع المتدهور، الذي تسبب في نزوح نحو 700 ألف بحسب الأمم المتحدة.وأكد المرصد السوري، الذي أحصى فرار أكثر من 900 ألف مدني خلال شهرين، أن القوات التركية مهدت بهذا القصف الصاروخي لقيام فصائل المعارضة بعملية مضادة في النيرب وسراقب لقطع طريق حلب- دمشق الدولي.وأفاد مصدر بوزارة الدفاع بأن الجيش التركي يجري نشاطات وتحصينات ويستقدم تعزيزات مرتبطة بتحضيرات لعملية محتملة في إدلب.وذكرت وكالة «بلومبرغ» أن أنقرة أرسلت المئات من الدبابات وعربات نقل الجنود المدرعة، فضلا عن قوات خاصة، ونشرت مدافع «هاوتزر»، والقاذفات متعددة الصواريخ، وسيارات الإسعاف، والشاحنات المحملة بالذخائر.خطة وتفاهم
وفي حين حذر وزير الدفاع خلوصي أكار «من وجود خطة ثانية وخطة ثالثة»، شدد وزير الخارجية مولود جاويش على أنه سيتم اتخاذ ما يلزم «في حال واصل النظام السوري هجماته»، مشيراً إلى استئناف المباحثات مع الجانب الروسي من أجل التوصل إلى تفاهم، وإذا لم يتم ذلك فسيلتقي الرئيسان رجب طيب إردوغان وفلاديمير بوتين.وأعلن جاويش أن اجتماع السبت بين الوفدين الروسي والتركي لم يتمخض عنه أي اتفاق، مؤكدا استحالة الحديث عن المسار السياسي وتفعيل عمل لجنة صياغة الدستور، في ظل استمرار الهجمات على إدلب وتهجير المدنيين وقتلهم.وللمرة الثانية خلال 3 أيام، احتضنت أنقرة، أمس، جولة جديدة من المحادثات بين مساعد وزير الخارجية التركي سادات أونال ونظيره الروسي سيرغي فيرشينين، بحضور مبعوث الكرملين ألكسندر لافرنتييف لبحث آخر المستجدات الحاصلة في إدلب بحضور مسؤولين من وزارة الدفاع وجهاز الاستخبارات ورئاسة الأركان.ودخلت واشنطن على خط التصعيد بإرسال مبعوثها إلى سورية جيمس جيفري غداً إلى أنقرة لعقد مباحثات مع مساعد وزير الخارجية وزير الدفاع ستركز على الوضع الأخير والخطوات المتخذة في إدلب.وسبق لجيفري أن عرض يوم الخميس تقديم واشنطن أي مساعدة يحتاجها الأتراك، مؤكداً أن لديهم «جيشاً قادراً وكفؤاً، ويعزز مواقعه ولا يوجد أي مؤشر على انسحابه من نقاط المراقبة في إدلب».طريق 60
وفي عملية مفاجئة، انتزع الجيش السوري بلدات مزارايا وكفر حلب جنوب شرق مدينة الأتارب، قاطعاً بذلك الطريق الواصل بين مدينتي إدلب وحلب، ليوسع نطاق سيطرته لأكثر من 600 كلم، ويقلص عملياً المساحة الجغرافية لفصائل المعارضة بقيادة «جبهة النصرة» إلى 52% فقط من محافظة إدلب وأجزاء من المحافظات الثلاث المحاذية لها، حلب وحماة واللاذقية.وغداة مقتل 20 مدنياً في قصف مماثل استهدف قرية كفرنوران، أفاد المرصد بأن «طائرات حربية روسية استهدفت بعد منتصف ليل الأحد- الاثنين قرية أبين سمعان المكتظة بالنازحين في ريف حلب الغربي» المحاذي لمحافظة إدلب، مما أسفر عن مقتل «9 مدنيين بينهم ستة أطفال، وإصابة 20 آخرين بجروح»، كما قتل 9 آخرين في قصف جوي ومدفعي للقوات الحكومية على المحافظتين.قتلى ونازحون
وفي حين أحصى المرصد مقتل أكثر من 350 منذ ديسمبر، حذّر المتحدث الإقليمي باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة ديفيد سوانسون من «تزايد عدد النازحين بشكل يخرج عن السيطرة»، مشيراً إلى أن «بلدات عدة باتت فارغة مع ارتفاع عدد الفارين باتجاه مناطق أكثر أمناً شمالاً، إلا أنها تتقلص تدريجياً مع التقدم الميداني المستمر في مواجهة المعارضة».وتعدّ موجة النزوح الأخيرة من بين الأكبر منذ اندلاع النزاع في 2011، وهي وفق سوانسون «تفاقم الوضع الإنساني السيئ أساساً». وحذّرت منظمات إنسانية دولية من «كارثة إنسانية» جراء موجة النزوح الضخمة. وبات مصير النازحين من التصعيد مجهولاً، وتزداد معاناتهم في فصل الشتاء، مع انخفاض حاد في درجات الحرارة.
مقتل أكثر من 350 مدنياً خلال شهرين... والنزوح يخرج عن السيطرة