خارج السرب: كوميديا الحسد الكويتي
حسدنا مضحك وغير أريب، حيث يمكن وصفه على طريقة الدعايات بمذمتين في واحد، بدليل أن الغني الذي يسكن القصر يحسد الفقير على الفقر، وذو الدخل الممدود والرصيد المنتفخ المكرش يحسد ذوي الدخل المحدود المعصقل على راتب مصاب بأنيميا القروض والمصاريف.
![فالح بن حجري](https://www.aljarida.com/uploads/authors/613_1685039147.jpg)
يورد العم يعقوب الغنيم في كتابه "حكايات بحرية وشعبية" قصة رواها والده، المرحوم بإذن الله، العم يوسف الغنيم، وتحكي عن خلاف حدث بين غاصة إحدى سفن الغوص على اللؤلؤ قديماً، حيث شكا الغاصة للنوخذة صاحبهم الذي كان يحضر القليل من المحار، وهم يحضرون الكثير، فيشاركهم في المحصول كله حسب اشتراكية الغوص الكويتي المطبقة قديماً، وطالبوه بتطبيق نظام "العزال" عليه، حيث يحاسب على ما يحضره فقط بدون مشاركتهم، فقال لهم النوخذة ناصحًا بأن الرزق قد يكون في محارة واحدة لا في كل أكوام المحار. ولكنهم أصروا على عزل محاره، فما كان من النوخذة إلا الطلب من الغواص بأن يحقق لهم طلبهم، فوافق مضطرًا ووكل أمره إلى الله، وبعدها سارت وتيرة الغوص كالمعتاد، وعند فلق المحار في الصباح وجد الغواص في إحدى محاراته درة (حصباة) تقدر باثنتين وثلاثين ألف روبية، وهذا المبلغ حينها يمثل ثروة كبيرة جداً، فتجمع البحارة حول النوخدة وطالبوه بنصيبهم من الدرة حسب العرف الذي طالبوه بإلغائه بالأمس، فرد عليهم النوخذة، وقال: لا حق لكم فيها، هذا توفيق من الله سبحانه وتعالى له، ونصيب ساقه إليه.وبيعت الحصباة واغتنى الغواص المحسود، وظل حاسدوه يعانون الفقر بعده لسفرات وسفرات... قُتل الحسد ما أعدله بدأ بصاحبه غير الأريب، فقتل الناس عليه من الضحك والسخرية.