في يوم السبت 1 فبراير كلف رئيس الجمهورية العراقية برهم صالح محمد توفيق علاوي بتشكيل الحكومة العراقية المقبلة في ضوء اتفاق سياسي تم بين زعيمي تحالف (سائرون) مقتدى الصدر و(الفتح) هادي العامري، غير أن المتظاهرين في الشارع العراقي أعلنوا أن هذا التكليف قد جاء خلافا للشروط التي حددوها؛ لذا فإنهم مستمرون في احتجاجاتهم حتى تُلبَّى جميع مطالبهم. وأصدر معتصمو ساحة التحرير بيانا غاضبا، قالوا فيه إن سلطة القمع مازالت تصر على جر البلد إلى المجهول، وقد أثبتت من خلال ترشيح محمد توفيق علاوي أنها لا تهتم بدمائنا وتضحياتنا التي بذلناها من أجل استعادة الوطن من براثن الفساد والإرهاب والولاءات الخارجية، وأكدوا في بيانهم أن الدماء التي سالت لم تكن من أجل تغيير عبدالمهدي بوزير سابق توافقت عليه الكتل. كما أعلن المتظاهرون في ساحات اعتصام المحافظات الجنوبية رفضهم للمكلف بتشكيل الحكومة، وأعلنوا عزمهم اتخاذ خطوات تصعيدية في حال إصرار القوى السياسية الحاكمة على ترشيح شخصيات لا تلبي طموحاتهم.
ويبدو من سيرة الرئيس المكلف أنه من مواليد بغداد 1954، وكان من أتباع محمد باقر الصدر، وانتمى إلى حزب الدعوة لفترة من حياته، وأنه فرّ من العراق إلى لبنان 1977 بعد تزايد حملة القمع ضد المعارضة العراقية، وتخرج من قسم الهندسة المعمارية بكلية الهندسة في الجامعة الأميركية ببيروت، عمل مستشارا للشؤون الإنسانية في منظمة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، وفي عام 2005 شارك في تشكيل القائمة العراقية الليبرالية مع ابن عمه إياد علاوي، وفاز بعضوية مجلس النواب العراقي 2006 وتولى منصب وزير النقل والاتصالات في حكومتي المالكي الأولى والثانية، لكنه استقال منها بعد عامين بسبب خلافه مع المالكي.وبعد تكليف الرئيس علاوي ألقى كلمة متلفزة للشعب العراقي، وطالب المحتجين بمواصلة احتجاجاتهم ومساندته حتى تتحقق المطالب التي رفعوها، وتعهد لهم بالسعي إلى خدمة البلاد وعدم تضييع دماء الشهداء ومحاسبة المعتدين والمجرمين وتقديمهم للعدالة، وتشكيل حكومة بعيدة عن المحاصصة الطائفية والحزبية، وحصر السلاح بيد الدولة وعدم حمله ضد الشعب، وحصره بحماية الشعب وصيانة الحدود وتعزيز الكرامة الوطنية. وتعهد الرئيس بتشكيل فريق عمل بمشاركة ممثلين من حراك المتظاهرين السلميين من أجل التهيئة لإجراء انتخابات مبكرة تحت إشراف الأمم المتحدة، وتعهد بتوفير فرص عمل للمواطنين ومحاربة الفساد، وتعهد بتقديم تقرير دوري إلى الشعب من خلال مجلس النواب حول التقدم الذي تحققه الحكومة، كما أشيع أنه اجتمع مع الفريق الركن المتقاعد عبدالوهاب الساعدي المحبوب عند المتظاهرين والذي ساهم في تحرير الفلوجة وعرض عليه حقيبة وزارة الداخلية.وبالرغم من هذه الوعود الجيدة فإن المحتجين مازالوا يواصلون التظاهر ضدها، خشية أن تكون تلك الوعود مجرد خدعة، وفي بيان من السفارة الأميركية في بغداد رأت أن الظروف في المنطقة والعراق تتطلب وجود حكومة مستقلة ونزيهة ملتزمة بتلبية احتياجات الشعب العراقي، وتعهدت في بيانها بالعمل مع الحكومة الجديدة فور تشكيلها لتهيئة الظروف لعراق مستقر ومزدهر وذي سيادة، ورحبت الأمم المتحدة بتكليف علاوي، وأبدت واشنطن استعدادها للتعاون مع الحكومة الجديدة.نرجو أن يخرج العراق من هذه المحنة ويعود عراقا عربيا بعيدا عن النفوذ الإيراني.
مقالات
استمرار غضب الشارع العراقي
12-02-2020