قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني إن مخاوف آثار وانتشار فيروس كورونا في أواخر يناير الماضي أضرت بالأسواق المالية التي كانت تتمتع حتى ذلك الحين ببداية متفائلة إلى حد كبير بفضل الآفاق الاقتصادية الواعدة الناجمة عن التوصل إلى اتفاقية تجارية بين الولايات المتحدة والصين، إذ أنهى مؤشر ستاندرد آند بورز الأميركي تداولات شهر يناير بتراجع شهري بلغ نسبته -0.2 في المئة بعد أن سجل ارتفاعاً بنسبة 3 في المئة في منتصف الشهر. ووفق التقرير، سجلت عائدات السندات الحكومية العالمية تراجعاً حاداً. وعلى الرغم من أن الصورة الكاملة للآثار المترتبة على انتشار المرض ما زالت غير واضحة، فمن المتوقع أن يترك أثراً شديداً على نمو الاقتصادي الصيني في الربع الأول من العام الحالي، في حين بدأ ثاني أكبر اقتصاد على مستوى العالم في الاستقرار نسبياً.
كما أدت المخاوف المتعلقة بتأثر الطلب الصيني والعالمي على النفط إلى تراجع أسعار النفط، إذ انخفض سعر مزيج خام برنت بنسبة 20 في المئة من أعلى المستويات المسجلة في يناير.وسجل الاقتصاد الأميركي نمواً بنسبة 2.1 في المئة على أساس سنوي في الربع الرابع من عام 2019، أي بنفس معدلات الربع الثالث وبما يتماشى مع التوقعات. وتباطأت وتيرة الإنفاق الاستهلاكي إلى 1.8 في المئة مقابل 3.1 في المئة في الربع الثالث الذي شهد أداءً قوياً، كما ساهم تباطؤ نمو المخزونات في التأثير سلباً على النمو. وعوضت عن تلك العوامل السلبية، زيادة الإنفاق الحكومي "2.7 في المئة" وخصوصاً الانخفاض الحاد للواردات "-8.7 في المئة"، نتيجة تراجع الواردات في الربع الثالث عندما كانت الشركات تتطلع إلى تجنب ارتفاع التعرفة الجمركية على السلع الصينية، التي كانت منتظرة في سبتمبر الماضي. وتراجع معدل النمو بصفة عامة في عام 2019 إلى 2.3 في المئة مقابل 2.9 في المئة في عام 2018، فيما يعد أدنى المستويات المسجلة منذ العام 2016.
تفشي الفيروس يهز اقتصاد الصين
ارتفع عدد الوفيات في الصين بعد تفشي فيروس كورونا إلى أكثر من 800 حتى الآن، إلى جانب نحو 38 ألف إصابة، وهي نسبة أعلى بكثير من الحالات المرضية خلال تفشي مرض السارس في عامي 2002-2003. وكان لهذا المرض وستظل له تداعيات سلبية على الاقتصاد، حيث تتخذ جميع السلطات المعنية على المستويين المحلي والدولي المزيد من التدابير العاجلة للحد من انتشار الفيروس. وقامت الحكومة بتمديد عطلة رأس السنة القمرية الجديدة في سبيل التخفيف من الآثار السلبية على الأسواق وأوقفت عدداً من الشركات العالمية بما في ذلك ستاربكس وأبل وهيونداي عملياتها إلى أجل غير مسمى.وسوف يؤثر ذلك سلباً على النشاط الاقتصادي في الربع الأول من عام 2020، خصوصاً بعد ظهور بيانات تشير إلى استقرار معدلات النمو عند مستوى 6.0 في المئة على أساس سنوي في الربع الرابع من عام 2019، أي دون تغيير عن الربع السابق.لكن بالنسبة لعام 2019 ككل، تباطأت وتيرة النمو إلى أدنى مستوياتها المسجلة خلال ثلاثة عقود تقريباً، إذ بلغت 6.1 في المئة في عام 2019 مقابل 6.6 في المئة في عام 2018، على الرغم من أنه لايزال ضمن مستوى 6-6.5 في المئة المستهدف من الحكومة. ويعزى هذا التباطؤ بصفة رئيسية إلى ضعف أداء القطاع الخارجي وتراجع الإنفاق الاستثماري والاستهلاكي. وأظهرت البيانات الرسمية لمؤشر مديري المشتريات عن شهر يناير ركود النشاط الصناعي عند مستوى 50.0 مقابل 50.2 في ديسمبر، لكن تلك المستويات ربما لا تعكس التأثير الكامل لتفشي الفيروس. ومن جهة أخرى، وفي محاولة منها لتعزيز النشاط الاقتصادي، أعلنت الجهات الرقابية المالية في الصين عن ضخ سيولة بقيمة 242 مليار دولار وتخفيف قيود الإقراض لمساعدة الأعمال التجارية. وتشير الأنباء إلى سعي السلطات للحصول على بعض المرونة في التعهدات التي تم الاتفاق عليها بموجب "المرحلة الأولى" من الاتفاقية التجارية مع الولايات المتحدة بعد أن قامت السلطت الصينية بتخفيض بعض التعرفات الجمركية إلى النصف. وتراجع أداء سوق الأوراق المالية بنسبة 7.7 في المئة، فيما يعد أعلى معدل خسائر يومية منذ سنوات، عندما تمت إعادة فتح الأسواق بعد العطلة الممتدة وانخفض اليوان بنحو 7 يوان مقابل الدولار.تراجع أسعار النفط
أدى فيروس كورونا الصيني إلى تراجع سعر مزيج خام برنت، المقياس المعياري لخام النفط، للتراجع في ظل تزايد المخاوف المتعلقة بالتأثير المرتقب لتفشي الوباء على الاستهلاك الصيني، وبالتالي الطلب على مصادر الطاقة. وكما في 5 فبراير، تراجع سعر مزيج خام برنت بنسبة 20 في المئة من أعلى مستوياته المسجلة في يناير، إذ بلغ 55.3 دولاراً للبرميل، وصولاً إلى أدنى مستوياته المسجلة منذ أكثر من عام. وتعتبر تلك في واقع الأمر أسوأ بداية يستهل بها النفط العام الجديد منذ عام 1991، إذ يقدر استهلاك الصين للنفط بنسبة 20 في المئة على الأقل "3 ملايين برميل يومياً" – وتعد تلك أكبر صدمة يتعرض لها الطلب على النفط منذ الأزمة المالية العالمية نظراً لتعليق الرحلات الدولية.وأدى التراجع الحاد في أسعار النفط إلى دفع أوبك وحلفائها إلى التفكير في تقديم موعد اجتماعها المقرر انعقاده في شهر مارس لبلورة الاستجابة المناسبة لهذا الموقف، وقد تقوم أيضاً بتعميق خفض حصص الإنتاج. وأفادت التقارير أن المحادثات الجارية بين أعضاء الفريق الفني للأوبك وحلفائها في أوائل فبراير أوصت بخفض إضافي مؤقت لإنتاج النفط بمقدار 600 ألف برميل يومياً. وتشير كل الدلائل إلى أنه في ظل ضعف الطلب على النفط، ستستمر زيادة الامدادات والمخزون النفطي العالمي.ودخل منحنى مزيج خام برنت للعقود الآجلة في هيكل ''كونتانجو'' Contango "بمعنى أن أسعار تسليم عقود النفط الآجلة أعلى من تلك الفورية" للمرة الأولى منذ يوليو الماضي. وتراجعت أسعار النفط على الرغم من خسارة ما يقدر بنحو مليون برميل يومياً من الإنتاج الليبي، بينما تشير أنباء أخرى إلى أن الإنتاج الليبي قد تراجع عن مستوى 0.3 مليون برميل يومياً، فيما يعد أدنى مستوياته المسجلة منذ عام 2011.