قدمت أكاديمية "لابا" للفنون الأدائية مسرحية "سبيليات إسماعيل" ضمن فعاليات مهرجان المسرح الأكاديمي في دورته التاسعة بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وهي من إعداد فارعة السقاف، وإخراج رسول الصغير، وبطولة شيرين حجي.

وتدور أحداث المسرحية حول شخصية "أم قاسم" التي كانت بمنزلة تأريخ لأحداث واقعية، وهي الحرب ما بين العراق وإيران، وتحاكي المسرحية أيضاً عدة قضايا سواء على المستوى العام أو الخاص.

Ad

وعلى المستوى العام (الجانب الإنساني)، الذي يتمحور حول الإنسان، وكيفية مواجهته لعوائق الحياة حتى يتغلب عليها، طرحت المسرحية جوانب إنسانية مهمة تبينت دور الإنسان في بناء الحياة والقتال من أجل العيش، لذا يمكن القول إن الصراع القائم في المسرحية قد يتشكل بأكثر من صورة، بحيث يمكن أن يكون الصراع نفسياً بين شخصية أم قاسم وذاتها.

أما على المستوى الخاص (الجانب المجتمعي)، فتسلط المسرحية الضوء على القضية الوطنية وأثر الحروب على المجتمع سواء كانت آثار مادية مثل دمار المؤسسات والمباني أو آثارها على حياة الإنسان، وهذا يؤثر سلباً على اقتصاد ونمو البلد، فلا حياة لمجتمع دون وجود الإنسان.

وبالنسبة للأداء التمثيلي، نجد أن المسرحية اعتمدت كلياً على شخصية واحدة، هي أم قاسم، وهي المحور في سلسلة تطور أحداث المسرحية، كما بدأ بها قبل انطلاق العرض بوجودها ضمن الحاضرين خارج المسرح، حتى يكسر الحاجز الرابع، ويعطي إيحاء بأن شخصية أم قاسم هي جزء منا جميعاً ومن المجتمع، ويمكن أن تمثل مجتمعاً كاملاً، وهذا بكل تأكيد كان أمراً مقصوداً من المخرج، واختيار المخرج للشخصية النسائية لم يكن عبثياً، بل له دلالات رمزية عميقة، فالمرأة من صفاتها (الصبر) كما تحاكي الوطن والمجتمع الذي عانى كثرة الحروب.

وقدم المخرج أحداث مسرحيته المونودراما بأسلوب غير تقليدي محافظاً على إيقاع أحداث المسرحية قدر الإمكان إضافة إلى تجسيد شخصيات مثل شخصيتي الملازم عبدالكريم وعبود، من خلال التعبير الحركي والصوتي أيضاً.

وما أضاف جمالية بصرية للأداء هي الأزياء التي انقسمت إلى جزأين (في البداية) كانت الأزياء باللون الأبيض ممزوجة بملابس شعبية، وهنا تدل على الزفاف، والبراءة والطهارة، ثم مع تطور الأحداث يتبين أن الشخصية ترتدي (عباءة سوداء) تحت اللباس الشعبي، لذا يتبين أن اللباس الشعبي هو العامل المشترك منذ بداية الأحداث وكأن المخرج هنا يدلل على أن الشخصية شعبية.

أما بالنسبه لديكور المسرحية فقد كان ثابتاً خلال الأحداث، وكان يمثل الفوضى بسبب آثار الحرب، لكن اختلفت وظيفة الديكور بحسب مجريات الأحداث بحيث اعتمد عليها في بعض التصورات مثل

(الفلاش باك) واستخدام الخيال، إضافة إلى استخدام بعض عناصرها كنوع من وسائل االتعبير، فعند استخدام أم قاسم (لمطحنة الحبوب) كأنه يشير إلى دقات الجنود في الحرب، وهنا يبين باستخدام العناصر الموجودة في فضاء المسرح والتي تعطي دلالة رمزية واضحة.

وتميز العمل في استخدام الموسيقى ضمن سياق الأحداث، بشكل تنسجم الموسيقى مع الشخصية خلال الحدث، وتحديداً في مشهد القصف، إذ استخدمت بعض المؤثرات الصوتية التي تدلل على الحرب ممزوجة باستخدام آلة الكاسور، وهي دلالة على المكان.

أخيراً، استطاع المخرج أن يمزج ما بين أحداث واقعية دموية إنسانية مختلفة، على نطاق المكان والزمان، عن طريق شخصية واحدة هي أم قاسم، لذا نجد أن أم قاسم كأنها سردت الحرب بأسلوبها الخاص بطريقه تعبيرية.