اشتباك نادر بين قوات أميركية وسورية في القامشلي

إردوغان يهدد بالقصف «في كل مكان»... وموسكو تتهمه بالتنصل من اتفاقيات إدلب

نشر في 13-02-2020
آخر تحديث 13-02-2020 | 00:05
دورية أميركية في القامشلي أقصى شمال شرق سورية أمس 	(أ ف ب)
دورية أميركية في القامشلي أقصى شمال شرق سورية أمس (أ ف ب)
في حدث نادر تزامن مع رفع تركيا سقف تهديداتها لتشمل ملاحقة الجيش السوري في كل مكان، اشتبكت ميليشيات الدفاع الوطني الموالية للرئيس بشار الأسد مع القوات الأميركية في محافظة الحسكة، مما أسفر عن سقوط قتيل.
على وقع تصاعد التوتر بين دمشق وأنقرة، أعلن التحالف الدولي بقيادة واشنطن أمس عن تعرض دورية تابعة له لإطلاق نار أثناء مرورها قرب حاجز لقوات الحكومة السورية، مما دفعها إلى الرد على مصادر النيران.

وقال المتحدث باسم التحالف مايلز كيكينز، في بيان: «واجهت قواتنا أثناء القيام بدورية بالقرب من القامشلي نقطة تفتيش تحتلها القوات الموالية للنظام السوري، وبعد سلسلة من التحذيرات تعرضت الدورية لنيران من أسلحة خفيفة من مجهولين»، موضحاً أن «قوات التحالف قامت بالرد على النيران كمحاولة للدفاع عن النفس»، مؤكدة انتهاء التصعيد وعودة الدورية إلى قاعدتها.

وحصل تبادل لإطلاق النار، الذي قتل فيه شخص مؤيد لنظام الرئيس بشار الأسد، بحسب المرصد السوري، «أثناء مرور الدورية خطأ» في قرية خربة عمو جنوب شرق مدينة القامشلي، والخاضعة لسيطرة قوات الدفاع الوطني، الموالية لدمشق، مؤكداً استهداف طيران التحالف المنطقة بغارة بهدف «إخافتها».

وخلال تحليق كثيف للطيران، سحبت آليات تابعة للتحالف الدولي ترفع الأعلام الأميركية بواسطة كابلات مدرعتين تحملان أيضاً الأعلام نفسها أثناء خروجهما من القرية.

وأوضح مصدر من وحدات الأمن الكردية (الأسايش) أن قوات الدفاع الوطني، الموالية لدمشق، احتجزت آليتين تابعتين للقوات الأميركية التي أرسلت «تعزيزات من 10 آليات على الأقل، ونجحت في سحب الآليتين العالقتين».

وليست هذه أول مرة تشهد فيها الحسكة توتراً بين الجيش السوري والدوريات الأميركية، ففي يناير 2019 منع حاجز له عربات أميركية من المرور، لكن الأمر لم يتطور إلى استخدام السلاح من قبل الطرفين، كما يشهد ريف الحسكة توترا بين القوات الأميركية والشرطة العسكرية الروسية، تطور بعضها إلى استعراض قدراتهما الجوية في المنطقة، كان آخرها في 4 فبراير الجاري.

صرب ومجازر

وبعد وقوع مواجهات مباشرة خلال الأيام العشرة الأخيرة تسببت في زيادة التوتر، هدد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، للمرة الثانية خلال 24 ساعة، بضرب الجيش السوري «في كل مكان» في حال تعرض جنوده لأذى، متهماً في الوقت نفسه حليفته روسيا بالمشاركة في ارتكاب «مجازر» في إدلب.

وقال إردوغان، الذي عززت قواته في إدلب بمئات الآليات المحملة بقوات خاصة وصواريخ وعسكريين خلال الأيام الماضية: «سنضرب قوات نظام الأسد في كل مكان اعتباراً من الآن بغض النظر عن اتفاقية سوتشي، في حال إلحاق أدنى أذى بجنودنا ونقاط المراقبة التابعة لنا أو في أي مكان آخر».

وفي موقف قلّ مثيله، انتقد إردوغان روسيا بشكل مباشر، بقوله إن «النظام وبدعم القوات الروسية يهاجم المدنيين باستمرار ويرتكب مجازر، وتركيا ستفعل كل ما هو ضروري على الأرض وفي الجو ودون أي تردد ودون أي تأخير، لرده إلى خلف نقاط المراقبة الاثنتي عشرة التي رسمها اتفاق سوتشي بحلول نهاية فبراير»، مشدداً أيضاً على أن الطائرات التي تضرب التجمعات السكانية في إدلب «لن تتحرك بحرية بعد الآن».

وقال إردوغان: «حتى لو غض الجميع الطرف وأداروا ظهورهم وجمّدوا ضمائرهم، تركيا لن تقف موقف المتفرج على هذا الوضع»، لافتاً إلى أن فصائل المعارضة احتشدت الآن لإخراج القوات السورية من إدلب.

الكرملين ودمشق

وفي اتصال أكدته الرئاسة التركية دون ذكر تفاصيل، عبّر الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين وإردوغان عن رغبتهما «بالتطبيق الكامل» لاتفاقات خفض التصعيد، بحسب المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، الذي اتهم أنقرة بأنها لا تحترم اتفاقات وقف إطلاق النار ولا تفعل شيئاً من أجل «تحييد الإرهابيين» في إدلب.

وأوضح بيسكوف أن موسكو ملتزمة مثل السابق وتركيا «ملزمة بتحييد المجموعات الإرهابية»، لكن «كل تلك المجموعات تهاجم القوات السورية وتقوم بأعمال عدوانية ضد المنشآت العسكرية الروسية، وهذا أمر غير مسموح به ويتناقض مع اتفاقيات سوتشي».

إلى ذلك، وصفت وزارة الخارجية السورية تهديدات إردوغان بأنها «جوفاء وفارغة وممجوجة»، ولا تصدر إلا عن «شخص منفصل عن الواقع»، مؤكدة أن أي تواجد لقواته بسورية غير مشروع وخرق فاضح للقانون الدولي يتحمل نظامه المسؤولية الكاملة عن تداعياته.

وقال مصدر في وزارة الخارجية: «تؤكد الدولة مجدداً الإصرار على الاستمرار في واجباتها الوطنية والدستورية في مكافحة التنظيمات الإرهابية على كامل الجغرافيا السورية وتخليص أهلنا من نيراها بما في ذلك فتح معابر إنسانية آمنة، والتي أعاقت المجموعات الإرهابية المدعومة من رأس النظام التركي خروج المدنيين عبرها لاستعمالهم دروعاً بشرية لهم».

تقدم وتراجع

ورغم وصول موكب جديد من مدرعات تركية إلى بلدة بنش، تواصل القوات السورية التقدم والتوسع في عدد من البلدات في المحافظة، بعد سيطرتها على كل طريق حلب-دمشق الدولي للمرة الأولى منذ عام 2012.

وفي إطار عمليات حلب، دخلت وحدات الجيش السوري قرية الشيخ بعد سيطرتها منطقة خان العسل وحي الراشدين 4، بعد عمليات مكثفة لتستكمل تحرير الجانب الشرقي من الطريق الدولي.

وأفاد المرصد السوري عن «تقدم متواصل منذ الثلاثاء لقوات النظام في إطار تأمينها محيط الطريق الدولي» وإبعاد جبهة النصرة سابقاً والفصائل الأخرى عنه منعاً لاستهدافه.

في المقابل، أفاد المرصد أمس بانسحاب القوات التركية من مواقعها في قرى حليوة وجاموس وعريشة ومحمودية والسودة والسعيد وخربة جمو الواقعة في منطقة تل تمر – أبو رأسين (زركان)، في الحسكة دون إبداء أسباب.

ورجح المرصد بأن القرى تلك لم تكن ضمن المخطط التركي في الأساس، مشيرة إلى توجه قسم من القوات المنسحبة إلى بلدة تل حلف الواقعة غرب مدينة رأس العين على بعد 3 كلم عنها.

وفي ريف الرقة الشمالي، الذي يشهد تفجيرات مستمرة وآخرها اكتشاف سيارة محملة بالمتفجرات أمس الأول، فرض الجيش التركي والفصائل الموالية له وحظراً للتجوال في مدينة تل أبيض من الساعة السابعة مساءً حتى السادسة صباحاً.

وعزا رئيس المجلس المحلي لتل أبيض وائل حمدو سبب إجراء هذا الحظر لـ«ضرورات أمنية»، مطالبًا المدنيين بالتقيد به كي لا يتعرضوا للمساءلة القانونية.

القوات السورية تتوسع في إدلب وحلب... وتراجع تركي بالحسكة
back to top