بينما لايزال رئيس الحكومة العراقية المكلف محمد توفيق علاوي منكباً على "هندسة" تشكيلة حكومته، التي يفترض أنها سترضي الأحزاب السياسية المتناقضة، وكذلك الشارع المنتفض، وبعد الصدامات بين المحتجين المطالبين بإصلاحات سياسية واقتصادية، وأنصار رجل الدين النافذ مقتدى الصدر، بدا أمس أن هناك محاولة جديدة من السلطات الأمنية لتقييد الاحتجاجات المتواصلة منذ أكتوبر.

وقبل ساعات من قيامها بفتح الطرقات والجسور التي كان يغلقها المحتجون في العاصمة بغداد (الخلاني، شارع الرشيد، ساحة الوثبة، جسر السنك)، أصدرت قيادة عمليات بغداد بياناً، أعلنت فيه "تخصيص قوة حماية للمتظاهرين السلميين بعد أن حددوا منطقة التظاهر في ساحة التحرير".

Ad

وحذرت القيادة من "الاندفاع إلى خارج المنطقة المحددة، أو استخدام الوسائل التي تدخل في مجال العنف ضد القوات الأمنية".

جاء ذلك بعد قيام مجموعة يعتقد أنها تنتمي إلى "التيار الصدري" بطعن فتاة في إحدى خيم التحرير في العاصمة أمس الأول، زاعمين أنها شتمت الصدر.

وكان الصدر، أعلن أمس الأول، حل "القبعات الزرق"، وهي مجموعة من أنصاره كان قد كلفها بحماية المتظاهرين في بداية حراكهم الإصلاحي. لكن بعد تصفية الجنرال الإيراني قاسم سليماني، وحليفه العراقي الأول أبومهدي المهندس بغارة أميركية قرب مطار بغداد مطلع يناير الماضي، تبدل موقف الصدر الذي كان يعتبر الأقرب إلى المحتجين، وباتت المهمة الجديدة لـ "القبعات الزرق" مساعدة الأمن على قمع التظاهرات.

وفشلت حتى الآن سلسلة مواقف أطلقها الصدر من ردم الهوة مع المحتجين. وعلّق رئيس ائتلاف العراقية اياد علاوي، على حادثة الطعن ببغداد قائلا: "بلا مروءة ولا رجولة ولا قيم، يصل الاستهتار بالعصابات الخارجة على القانون الى حد طعن امرأة متظاهرة وممارسة التهديد والترويع دون رادع"، داعياً "المتظاهرين إلى إيصال أسماء اولئك القتلة، وتوثيق حالات الاعتداء ليتم تقديمها للمحاكم الجنائية العراقية والدولية".

على صعيد آخر، نقلت وكالة "رويترز" عن مصادر لم تذكر هويتها قولها، إن إيران كلفت الشيخ محمد الكوثراني، ممثل "حزب الله" اللبناني في العراق، والذي عمل عن قرب مع قاسم سليماني عدة سنوات، بمهمة توجيه الجماعات المسلحة العراقية مؤقتاً بعد مقتل سليماني.

وبحسب الوكالة، فقد ألمح مصدران عراقيان الى أن الكوثراني قد يكون وراء خطة تكليف محمد توفيق علاوي برئاسة الحكومة، ونيله دعم مقتدى الصدر والفصائل الموالية لطهران.

وأشارت الوكالة الى الكوثراني كان قد وبّخ الجماعات المسلحة مثلما فعل سليماني في أحد اجتماعاته الأخيرة معها، لتقاعسها عن التوصل لخطة موحدة لاحتواء الاحتجاجات الشعبية.

ونقلت عن مصدر عراقي قوله: "يرى الكثير من قادة الفصائل أنفسهم أكبر كثيرا، وأهم من أن يأخذوا الأوامر... في الوقت الحالي، وبسبب ضغوط من إيران فإنهم يتعاونون مع الكوثراني، لكني أشك في أن هذا سيستمر ويعرف الإيرانيون ذلك".

وبحسب مسؤول أميركي كبير في المنطقة، وزعيم سياسي عراقي فإنه من الصعب السيطرة على هذه الفصائل العراقية، بينما يُنظر إلى "حزب الله" على أنه أكثر انضباطا.

وقال المسؤول الأميركي لـ"رويترز"، إنه من المرجح أن تعتمد إيران جزئياً على نفوذ الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، الذي يعتقد انه يوجه الكوثراني، وهو شخصية تحظى باحترام عميق بين حلفاء إيران.