التردي الذي وصل إليه القطاع التعليمي بات واضحاً ويحتاج إلى نفضة للمناهج وإعادة النظر في بعض المعلمين الذين هم أقل من المستوى أو حمل الأمانة التعليمية بسبب المستوى المتدني للعديد من طلبتنا، ورغم الآهات التي يطلقها أولياء الأمور عادة أمام عجزهم عن معالجة أوضاع أبنائهم فإنهم أصبحوا أمام أمر واحد، وهو اللجوء إلى الدروس الخصوصية في معاهد التقوية المسائية التي أصبحت تعمل علناً دون أي خوف من القانون أو المحاسبة.فظاهر هذه المعاهد هو حضانات صباحية، ومساء تتحول إلى فصول للدروس الخصوصية مقابل أموال طائلة يدفعها أولياء الأمور لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بعد الفشل التعليمي في بعض المدارس.
وزارة التربية ولجانها المختصة التي يفترض أن تكون أكثر فاعلية في متابعة مستوى المعلمين والوقوف على أرض الواقع من خلال رصد أدائهم التعليمي باتت غائبة عن الواقع، فضلا عن بعض المدارس الخاصة التي ترفع شعار النجاح مقابل الدفع، لحين وصول الطالب إلى الصف الثاني عشر، وهنا الكارثة الكبرى حيث يجد نفسه قد دخل مستنقعاً لا يمكن الخروج منه، وهو أنه لا يفقه شيئا لأنه اعتاد على النجاح دون تقييم فعلي طوال السنوات التي قضاها قبل الثانوية العامة.وإن وزارة التربية أمام مسؤولية كبيرة تتطلب إعادة هيكلة، خصوصاً أن المعني في هذا الموضوع هم أجيال المستقبل الذين يجب أن يكونوا أكثر وعيًا وإدراكا لحجم المسؤولية التعليمية لا الاستهانة طالما أن الواسطة حاضرة والغش "على عينك يا تاجر".وإن الانتقاد الذي يوجه للشهادات الوهمية من الخارج خطورته في الوضع الداخلي أكبر، فمدارسنا هي الأساس والوسيلة لتحويل الطالب إلى مسارين: إما الالتزام والاستمرار بمستوى تعليمي حقيقي، وإما اللجوء بعد الثانوية إلى الجامعات التي تبيع الوهم لأنهم اعتادوا ذلك.إن بناء أي مستقبل يعتمد بالأساس على التعليم في مختلف مراحله لخلق جيل واع يخشى الفساد ويحاربه، وإن تهاون البعض في وزارة التربية في هذا الأمر يحملهم مسؤولية كبيرة تستدعي من قبل قيادييها، وعلى رأسهم الوزير، تطهير الوزارة من هؤلاء ومحاسبتهم حتى لا يدمروا تلاميذنا ويساهموا في نشر ثقافة الفساد عبر النجاح بالواسطة أو الغش.كما أن إعادة النظر في المناهج أصبحت ضرورة مع سرعة اتخاذ القرارات المناسبة بشأنها قبل "ما يفوت الفوت" فوقتها "ما ينفع الصوت"، فحافظوا على أجيالنا الحالية لأنهم هم المستقبل، وحاسبوا المعلمين الذين برخصة قيادة أو تجديد دفتر المركبة يبيعون ضمائرهم ويتحولون إلى موظفين عند بعض أولياء الأمور، فهل يعقل أن طلبة في الثانوية العامة لا يستطيعون كتابة جملة مفيدة، بل يخطئون في كتابة أسمائهم؟ هل يعلم المسؤولون في قطاع التعليم حجم هذه الكارثة؟ وهل اللجان الإشرافية على دراية بما يحدث خلف أسوار بعض المدارس وفصولها المغلقة؟
مقالات - اضافات
شوشرة: أنقذوا الأجيال
14-02-2020