وثيقة لها تاريخ: لولوة إبراهيم القاضي تؤكد وكالتها لصالح العبدالله البسام في عام 1932م
مثلما يتم في الوقت الراهن تصديق الشهادات والوثائق لاستخدامها في دول أخرى حيث تقوم السفارات والوزارات المعنية بالتأكد من صحة التوقيعات على الوثائق من خلال ما يسمى بـ"اعتماد التوقيع"، استخدم سكان الجزيرة العربية نظاماً مشابهاً لتصديق الوثائق والشهادات والأحكام القضائية. ولا شك أن تصديق الوثائق أمر ضروري في المواريث وفي الشراء والبيع وفي التوكيلات وذلك لإنجاز المعاملات وقضاء المصالح. أتذكر أن المرحوم، بإذن الله تعالى، العم أحمد محمد الوزان أبلغني أنه حصل على حكم في الكويت ضد مواطن سعودي في فترة الأربعينيات من القرن الماضي، لكنه لم يكن بإمكانه الحصول على أمواله من غريمه لأنه ترك الكويت؛ فاضطر العم الوزان إلى السفر إلى جدة، وهناك عرض الحكم الكويتي على محكمة سعودية فحُكِم عليه بالسجن، لأن الحكم غير مصدق من المعتمد البريطاني في الكويت، إلا أن المحكمة أعطته فرصة لتصديق الورقة قبل تنفيذ الحكم. وبدلاً من أن يعود العم أحمد إلى الكويت لتصديق الحكم، قرر التوجه إلى القنصلية البريطانية في جدة، وفعلاً تم تصديق الحكم بعد تردد شديد، واستطاع في نهاية الأمر أن يسترجع أمواله. اليوم ننشر لكم وثيقة جميلة توضح كيفية تصديق الوثائق قديماً بين السعودية والكويت والعراق، وهي عبارة عن وكالة من امرأة سعودية لرجل سعودي تم التصديق عليها من جهات عديدة سنذكرها. تعود وثيقة اليوم إلى عام 1351 هـ/ 1932م، وهي من وثائق الأرشيف البريطاني حصلت عليها من خلال الموقع الإلكتروني لمكتبة قطر الوطنية.
تبدأ الوثيقة التي حررها صالح بن عثمان القاضي بما يلي:"بسم اللهمن عنيزة إلى البصرةلجناب الأمجد الأجل الأفخم المكرم الحاج صالح العبدالله البسام المحترم دام محروساً السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهأدامكم الله بخير وسرور، أما بعد مخصوصا، وكالتي لجنابكم السابقة لكم مني على ما يخصني من ميراثي من تركة المرحوم خالي عبدالله العويد الدارج علي من قبل والدتي موضي العويد، ووالدي إبراهيم العبدالرحمن القاضي، فإني حسب القانون الجاري بطرفكم، أؤكد لجنابكم على أنني باقية على وكالتي لجنابكم كما تقدم وكالة مطلقة من جميع الوجوه التي يطلبها القانون، وبموجب نص الوكالة المتقدمة منا لجنابكم، ولأجل ما ذكر تحرر هذا ودمتم محروسين.الموكلة لولوة بنت إبراهيم العبدالرحمن القاضي.شهد بما تحرر أعلى الورقة الصادر من لولوة بنت إبراهيم بن عبدالرحمن القاضي، وأثبته خادم الشرع الشريف في بلد عنيزة حالاً محرر الأحرف صالح بن عثمان القاضي في 20 محرم 1351 هـ. شهد بما تحرر أعلاه عبدالله الخالد السليم".وهنا يتضح لنا أن الورقة كتبها قاضي مدينة عنيزة صالح بن عثمان القاضي، وشهد عليها أمير مدينة عنيزة عبدالله الخالد السليم، وبخط آخر ولون آخر نشاهد تصديق الوكيل السعودي المعتمد في الكويت عبدالله النفيسي. كما نشاهد أيضاً تصديق المعتمد البريطاني في الكويت على الورقة باللغة الإنكليزية، وهو تصديق على صحة التوقيعات الواردة في الورقة، وليس على ما ورد فيها من مضمون.نتوقف عند هذا الحد، ولنا لقاء آخر ووثيقة أخرى، إن شاء الله في الجمعة المقبلة.