غير الأمل لا نملك شيئاً
![حسن العيسى](https://www.aljarida.com/uploads/authors/25_1682522445.jpg)
على هذه المجموعة "المأمولة" أن تفكر جدياً في خطاب سياسي جديد تواجه به الغد المظلم حتماً بنزول أسعار النفط، وفي خلق بدائل للطاقة، فسهل جداً الاستعراض بالخطاب الشعبوي -لا الشعبي- عبر الخطب العاطفية، حين نتحدث مثلاً عن الفساد المعمم ورفض أي إصلاحات مالية وفرض ضرائب تصاعدية، وفتح الدولة للاستثمارات الأجنبية والسياحة، لكن الخطاب العقلاني الذي بالتأكيد لا يستهوي أغلبية غرقت في عالم الاستهلاك الريعي، ولا تكترث لتوطن واقع الفساد وتقنينه في العقدين الماضيين، وفقدت الأمل تماماً من قدرة السلطة على تغيير واقعنا، وقالت لنفسها "خل القرعى ترعى"، ذلك الخطاب السياسي العقلاني الواعي "ربما" لن يجد له الأرضية اللازمة، كي ينهض بدُعاته، ولكن بالعمل بنشر الوعي السياسي عند الجمهور يمكن أن نتخيل أن نجد له موضع قدم في المستقبل. قبل أن تفكر هذه المجموعة بأي أمر، لابد أن تكون على قناعة مطلقة بأنه يستحيل الإصلاح بتغيرات جزئية هنا أو هناك، وعبر خطب عنترية رنانة، كأن نطالع الأخبار عن إحالة فرد أو أفراد لنزاهة أو للنيابة، فهذه "رتوش" وليست عملاً منهجياً، فمسألة الإصلاح ومحاربة الفساد لن تكون إلا بقلب معظم المؤسسات التي تدار بها الدولة رأساً على عقب، والبدء ببناء جديد لا علاقة له بالقديم، ففوضى الفساد لا تقصر فقط على قيادي أو وزير، وإنما يتغلغل للعمق، لمعظم إدارات الدولة، يتمدد من الأعلى للأسفل، هل تتخيلون إدارة ما في الدولة ليس بها واسطة أو محسوبية، هل تتصورون إدارة أو خدمة مفروضة مما يمكن أن تنجز بدون تقديم المعلوم (رشوة)، هل تتصورون أن وزيراً أو قيادياً نزيهاً يمكنه أن يصلح وحده من إدارته من دون أن يتدخل "عوير وزوير" ونواب الفساد لقلب الأمور على رأسه، أو قد يجد هذا القيادي نفسه أمام واقع لا يمكنه أن يغيره فيسلم أمره لله ويستقيل، أو يبقى مع جوقة الخراب ويصبح واحداً منهم!أحلام وآمال لا نملك غير العمل كي تتحقق.