المحلات التجارية... عوائد مقبولة ومخاطر منخفضة
18.9 مليون دينار إجمالي التداولات في 2019 وتملك المحال يسحب البساط من بعض القطاعات العقارية
يؤكد مطورو بيع محال التجزئة، أنها لاقت نجاحاً كبيراً، ودليل هذا النجاح إقبال المستثمرين على التملك، موضحين أن أسعار المحال شهدت ارتفاعاً في قيمتها السوقية بنسبة تجاوزت 10 في المئة.
بلغ إجمالي تداولات المحلات التجارية 18.9 مليون دينار، في 2019 ويعد العام الأول الذي يشهد تداول مثل ذلك الاستثمار، في وقت استحوذت تلك التداولات على 0.5 في المئة من إجمالي التداولات القطاع العقاري ككل البالغة 3.4 مليارات دينار، وفق البيانات المذكورة في إدارة التسجيل العقاري بوزارة العدل.تملّك المحال التجارية فكرة ليست جديدة على السوق المحلي، بل تم تطبيقها في فترة السبعينات القرن الماضي، لكن على نطاق ضيق إذ سمحت الحكومة بتملك المحال في ما يسمى «بلوكات» المباركية.ولم تشهد تلك الفكرة رواجاً خلال السنوات الماضية، إذ تم تطوير العقارات وتأجير المحلات بدلاً من بيعها للاستفادة بأكبر قدر ممكن من العوائد الإيجارية.
لكن في منتصف عام 2017 خرجت شركات عقارية تسوّق لتملك المحال التجارية وخصوصاً في منطقة صباح الأحمد البحرية، بوثيقة حرة ومعتمدة من وزارة العدل.وأكدت تلك الشركات في العديد من المناسبات أنها حصلت على موافقات من الجهات المعنية، وتم السماح لها ببيع محال التجزئة في المجمعات التجارية، في حين استدعت وزارة التجارة والصناعة تلك الشركات ودققت على بياناتها والموافقات التي حصلت عليها من بلدية الكويت.وواجهت الشركات صعوبة في إقناع المستثمرين بتملك المحال، إذ اعتادوا على تأجيرها بدلاً من تملكها، ولا ننسى أن الشركات لم تقم بتسويق مثل هذه الاستثمارات طيلة 20 سنة الماضية.لكن وسط انعدام الفرص الاستثمارية وارتفاع أسعار الأراضي والعقارات، توجه عدد كبير من المستثمرين نحو تملك المحلات التجارية، بعدما تم التأكد من صحة الوثيقة، ويمكن إعادة بيعها.وكذلك تم جذب العديد من المستثمرين سواء أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة أو الصغيرة والمتوسطة، عن طريق العوائد التي تتراوح نسبتها بين 4 و7 في المئة حسب مساحة المحل وموقعه في العقار التجاري.
عوائد مغرية
وتلك النسبة هي مغرية على الرغم من انخفاضها، لكنها تعتبر أفضل بكثير من عوائد الودائع في البنوك، وسط توقعات بأن ترتفع عوائد المحال خلال السنوات المقبلة خصوصاً أن منطقة صباح الأحمد البحرية تشهد العديد من التطورات العمرانية، وأصبحت محل اهتمام كثير من الشركات والمستثمرين.وتظهر التقارير أن العديد من صغار المستثمرين توجهوا إلى تملك المحال وتفضيل ذلك الاستثمار العقاري على غيره في القطاع، وخصوصاً قطاع شقق التمليك الذي يعاني الفوضى وعدم التنظيم، ناهيك عن ارتفاع الأسعار.وأعلنت الشركات المطورة للمجمعات بيع أكثر من 98 في المئة من محال التجزئة، وتم نقل النسبة الأكبر من ملكية تلك المحال إلى المستثمرين، واستخراج الوثائق الخاصة بهم.وتتعهد الشركات المطورة للمستثمرين بالبحث عن تجار التجزئة وتأجير المحال لمالكيها، وإدارتها والحفاظ على مرافق المجمع، وذلك مقابل رسوم سنوية.ويؤكد مطورو بيع المحال التجزئة، أنها لاقت نجاحاً كبيراً، ودليل هذا النجاح إقبال المستثمرين على التملك، موضحين أن أسعار المحال شهدت ارتفاعاً في قيمتها السوقية بنسبة تجاوزت 10 في المئة.ويفضل الكثيرون من أصحاب رؤوس الأموال الاستثمار في العقار المحلي وعوائد متدنية بعض الشيء على الاستثمار في العقار الخارجي، وذلك بسبب عمليات النصب التي تعرضوا لها طوال السنوات الماضية. وكان يقام في السوق المحلي ما لا يقل عن 13 معرضاً عقارياً في السنة الواحدة، ويعرض من خلالها العديد من العقارات في دول عدة، ونتجت على أثر تلك المعارض عمليات نصب وصلت قيمتها إلى أكثر من مليار دينار طيلة السنوات الماضية.ويرجع البعض حالات النصب العقاري إلى أسباب عديدة، منها عدم وجود فرص استثمارية في السوق المحلي، مما ساهم في هجرة الأموال إلى الخارج، وأيضاً عدم وجود رقابة من الجهات المعنية على الشركات المسوقة للمشاريع، والتراخي في تطبيق القانون.قوانين التملك
إضافة إلى ذلك، يعتبر جهل المستثمرين بقوانين الدول من أهم الأسباب أيضاً، فمن المفترض اطلاعهم على كل قوانين التملك، وعلى الوثائق الخاصة بالعقار، فهناك اختلاف كبير في قوانين التملك بين مدينة وأخرى بنفس البلد.ويمكن القضاء على ظاهرة النصب العقاري بعدة خطوات، منها التشدد في الرقابة على الشركات والطلب منها جميع الوثائق الخاصة بالعقارات وما يثبت خلوها من أي مديونيات أو رهونات، إضافة إلى العمل على تعديل وإقرار القوانين الكفيلة بعودة رؤوس الأموال وتوفير المزيد من الفرص في السوق المحلي والعمل على جذب المستثمر الأجنبي.وهذا ما أكدته إحصائية «الجريدة» بأن هناك أكثر من 18 مليون دينار، تم توطينها في السوق المحلي في استثمار تملك المحلات التجارية، إذ يبحث أصحاب هذه الأموال عن المزيد من الفرص الاستثمارية، خصوصاً أن هناك عوائد ستعظم رؤوس أموالهم على مدار السنوات القادمة.وبما لا شك فيه أن تشجيع الدولة لمثل هذا النوع من الاستثمارات ودعمه وابتكار أنواع أخرى، من شأنه إنعاش السوق العقاري والمصرفي والمقاولات أيضاً، هذا إضافة إلى توفير فرص عمل للمواطنين وإنعاش تجارة التجزئة.وسبقت العديد من دول مجلس التعاون الخليجي الكويت في تطبيق مثل هذه الاستثمارات على أرض الواقع، بل أتاحت بعض الدول المجال للمستثمر الأجنبي تملك محلات التجزئة بنسبة 100 في المئة.وجميع تلك الخطوات ستعود بالتأكيد بالنفع على الدولة والمستثمر المحلي، إضافة إلى أنها تستقطب المستثمر الأجنبي وتشجعه على عملية التصنيع وبيع المنتجات أو الخدمات بطريقة مباشرة للمستهلك.من جهتهم، أفاد عدد من العقاريين أنه لابد للجهات المعنية أن تجري دراسة دورية لاحتياجات السوق سواء العقارية أو غيرها، فهناك العديد من المتغيرات تطرأ بين حين وآخر.وقال العقاريون، إنه لابد من توفير المزيد من الفرص الاستثمارية، لأصحاب رؤوس الأموال، والاستفادة من تجارب الدول التي سبقت الكويت في تطبيقها.وأكدوا أن هناك العديد من الأفكار الاستثمارية التي تم تطبيقها في العديد من البلدان، ولاقت نجاحاً وإقبالاً كبيراً من المستثمرين، موضحين أنه قبل التفكير في طرح أنواع جديدة من الاستثمارات، يجب العمل على تنظيم السوق العقاري والتخلص من المعوقات التي تعوق تطوره ونموه.ظاهرة الخلوات
تقضي فكرة السماح بتملك المحلات التجارية على العديد من الظواهر السلبية التي يعانيها السوق المحلي، ومنها ظاهرة الخلوات التي تكبد المستثمرين آلاف الدنانير بلا وجه حق أو مستند قانونيوتبرز عادة في حال انخفاض العرض وارتفاع الطلب من المستثمرين على محلات التجزئة كما يطالب المستأجر القديم بالخلو من المستأجر الجديد بسبب التجهيزات والتكاليف التي تحملها المستأجر القديم.وللإشارة وصلت أسعار خلوات بعض المحال التجارية في المجمعات التجارية إلى عشرات آلاف الدنانير، تزيد من أعباء المستثمر الجديد، وتساهم في رفع معدلات التضخم، خصوصاً أن دفع مبلغ من المال نظير إخلاء المحل أمر غير قانوني، ولا يوجد نص في القوانين أو التشريعات ما يشير إلى شرعيته.
العديد من صغار المستثمرين توجهوا إلى تملك المحال وتفضيل ذلك الاستثمار العقاري على غيره في القطاع