الجمعة الماضية ١٤ فبراير كنت عائداً على متن الخطوط الجوية الكويتية من مطار الدوحة الرحلة رقم ٦١٩، كل الأمور كانت طيبة حتى الإقلاع الذي تم في موعده، بعد أقل من خمس دقائق من تحرك الطيارة سمعنا صراخاً وجلبة في الطيارة وتراكض المضيفون من كل حدب وصوب، وتبين أن أحد الركاب قد أصيب بضيق تنفس أو شيء من هذا القبيل، وأنه سقط على أرض الطائرة.في هذه اللحظات نظرت من نافذة الطيارة فعرفت أننا ما زلنا في الأجواء القطرية وتوقعت أنه ربما نعود لنتوقف في مطار الدوحة لإسعاف الرجل، لكن الرحلة استمرت فخمّنت أن الحالة تحت السيطرة والأمور طبيعية.
زاد بعد ذلك تجمع المضيفين وركاب الطائرة ونادى قائد الطائرة إن كان هناك طبيبٌ للمساعدة فقام أحد الركاب من جنسية عربية ثم جاء راكب آسيوي يجيد الإسعافات الأولية وتعاونا مع طاقم المضيفين- الذين بذلوا جهوداً واضحة طوال الرحلة- في محاولة إسعاف الراكب، وبدا الارتباك والخوف بشكل واضح في وجوه الجميع، ونظراً للنشاط الحثيث في الطائرة توقعت أنها قد تتوقف في مطار البحرين أو مطار الظهران لكنها استمرت في الطيران.أكثر من نصف ساعة والكل يسعى في إسعاف الراكب في الجو، سألت أحد أفراد الطاقم عن الأمور فأجابني أنهم يتأملون خيراً، ثم سألت أحد الركاب فأخبرني أنهم يحاولون إسعاف الرجل، وأن الطبيب الحاضر ربما قام بحقن الراكب بحقنة لمحاولة إفاقته، لم يخبرنا أحد أنه توفي، ولم يتوقف المسعفون والمضيفون عن تنفيذ عمليات الإنعاش حتى وصلنا الكويت الساعة ٢:٢٠ ظهراً تقريباً وتوقعنا حينها أن سيارة الإسعاف جاهزة في انتظار الرجل، والمحزن أن الطائرة توقفت على مدرج بعيد وغير متصل بقاعة المطار، وهذا يعني الحاجة إلى رافعة لحمل نقالة الإسعاف.ظللنا ٧ أو ٨ دقائق على أرض المطار حتى وصلت الإسعاف، لم يفتح باب الطائرة إلا بعد ربع ساعة تقريباً وصار هرج في الطيارة والركاب يصيحون كيف يضيع كل هذا الوقت في هذه الحالة الحرجة، ولما ركب المسعف تبين أنه عاجز عن حمل الراكب الممدد على الأرض وأن رافعة حمل نقالة الإسعاف غير موجودة في موقف يثير الغضب والأسى على سوء استعداد وتعامل كل معني بهذه الحادثة.لاحقاً عرفنا أن الراكب عواد سعد الماجدي انتقل إلى رحمة الله، ونعزي أهله ومحبيه بوفاته، كتبت في «تويتر» جزءاً من هذه الوقائع وطالبت الخطوط الكويتية والطيران المدني ووزارة الخدمات بالتحقق من سلامة الإجراءات المتبعة من ساعة وقوع الحادثة حتى وصول الطائرة للكويت، وصدر بيان مقتضب جداً من الطيران المدني عن وفاة راكب، اتصل بي أحد المسؤولين وأبلغني أن الموضوع سيلاقي اهتماماً لكني لم أجد بياناً شافياً من وزير الخدمات أو من الخطوط الكويتية أو من الطيران المدني أو من نقابة الطيارين للمطالبة بالتحقيق في هذه الواقعة الأليمة.الموت مكتوب علينا جميعاً لكن بذل الأسباب لحماية الأرواح وإنقاذ البشر واجب على الجميع، واليوم أكتب لكم ما شاهدته ليكون الموضوع للشعب كافة، وأطالب بتشكيل لجنة تحقيق محايدة لتنظر في سلامة إجراءات الإسعاف والأمن والسلامة وجودة الاستعدادات في الطائرة أو على الخدمات الأرضية وصحة العمل حسب المعايير الدولية الذي تم في الحادثة من بدايتها إلى نهايتها، لا تتساهلوا في أرواح الناس، لا تجاملوا في حماية البشر، ألا هل بلغت؟ والله الموفق.
مقالات
حقِّقوا في وفاة راكب الكويتية
18-02-2020