شدد رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم على ضرورة الالتزام بالدستور واللائحة الداخلية في التعاطي مع تقرير اللجنة التشريعية بشأن العفو الشامل، بجلسة اليوم، مؤكدا أن المجلس هو المعني باتخاذ قرار بالتصويت على دمج المقترحات الأربعة، أو التصويت على كل اقتراح منفردا، وليس الرئيس.ورأى الغانم في تعاطي البعض مع "العفو الشامل" أنه افتعال لمعارك وهمية لخلق أبطال وهميين، داعيا من يحاول إدارة المشهد من الخارج إلى العودة للكويت والاعتذار من صاحب السمو.
واستهل الرئيس الغانم تصريحه للصحافيين بالآية الكريمة: "ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله"، قائلاً إن مضمون هذه الآية يتكرر معنا بشكل يومي في الكثير من الأحداث التي تتكرر، لتزيد من إيماننا ويقيننا بهذه الآية، كما استشهد بالحديث النبوي الشريف: "ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء".وتابع: "إن ما يحصل أخيرا من انحدار في مستوى الحوار في بعض الاحيان يرفضه الشعب الكويتي، فمن حق كل شخص أن يدافع عن رأيه وإقناع الآخرين به، لكن ليس من حق أحد الإساءة إلى الآخرين ولا النيل من وجهات النظر الأخرى المغايرة".وأضاف أن هناك أزمة مفتعلة فيما يتعلق بالعفو الشامل، ومعارك وهمية لخلق أبطال وهميين، وهؤلاء اشتكوا من قيام اللجنة التشريعية بدمج المقترحات كافة في تقرير واحد، مع أنه مهما كان تقرير اللجنة بالدمج أو تقديم تقرير منفصل لكل اقتراح، فإن من يحسم الأمور هو تصويت المجلس على التقرير، سواء بقبول الدمج أو رفضه، فلماذا خلق هذه المعارك والأزمات غير الحقيقة؟
تطبيق اللائحة
وجدد التأكيد على التزامه بالدستور واللائحة، بغض النظر عن قناعته الشخصية في كل ما يرده من اقتراحات، ومنها اقتراحات العفو الشامل كلها والتي أراها غير دستورية، لكن هذا لم يمنعني من إحالتها إلى اللجنة المختصة تطبيقا للائحة.وأوضح أن اللجنة التشريعية –طبقا لما ورد في تقريرها– قامت بدمج ثلاثة اقتراحات للعفو الشامل، ثم قامت بدمج اقتراح رابع وصلها حديثا، لقناعتها بأن موضوع الاقتراحات الأربعة واحد وهو العفو الشامل، طبقا لمادة دستورية، وإن اختلف المشمولون بالعفو في هذه الاقتراحات، ومن حق كل شخص أن يبدي وجهة نظره من دون طعن.وعن ضم الاقتراح الرابع إلى التقرير ذكر الغانم أنه ما لم يتم إدراج تقرير اللجنة على جدول الأعمال فمن حقها كلجنة، وليس رئيسها، تعديل التقرير إذا شاءت، وبما ان الاقتراح الرابع مقدم بصفة الاستعجال، فمن الطبيعي أن يتقبل مقدمو الاقتراح هذا الاستعجال الذي طالبوا هم به، ولو كانوا لا يريدون له الانضمام للتقرير فكان بإمكانهم انتطار مناقشة التقرير قبل تقديم مقترح جديد، أما سحب التقرير من جدول الأعمال، فهذا قرار بيد المجلس وليس الرئيس.الرئيس والثقة
وردا على من يطالب بإعادة تقرير العفو إلى اللجنة قال الغانم: "أنا حاضر، ولكن يجب اولا تعديل اللائحة وأعطوني سلطة إعادة التقارير التي أريدها إلى اللجنة المعنية وإبقاء ما أريده على جدول الأعمال ونقل هذه السلطة من المجلس إلى رئيسه، وأنا شخصيا لو تم طرح هذا التعديل على اللائحة فسأرفضه، لأنه لو كان النواب مشكورين يثقون بي في منحي هذه السلطة، لكن على المدى البعيد في المستقبل قد لا يكون رئيس المجلس محل ثقة الأعضاء، علما أنني ارى أن ما قامت به اللجنة التشريعية من إجراءات لائحية حول مقترحات العفو صحيح، لكني لا أملك فرض رأيي على الآخرين".وأوضح أن رأيه الشخصي هو أن يصوت المجلس على كل قانون على حدة، لكن هذا ليس وفق مزاج الرئيس أو أي أحد آخر، فالحسم بقرار من المجلس.وجدد تأكيده على موقفه الذي لن يتغير بالترهيب ولا الشتائم ولا التغريدات، وهو أن العفو يطلب من صاحب السمو ولا يفرض بأي حال من الأحوال، وإن كان تقديم الاقتراح حقا دستوريا لا جدال فيه، وبناء عليه تمت إحالة الاقتراحات إلى اللجنة التشريعية.وتابع: "أنا أعتقد بعدم وجود أغلبية للموافقة على قانون العفو، ومع ذلك لو افترضنا وجود أغلبية بسيطة فلن تجدي دون موافقة من صاحب السمو الذي يملك رد القانون، وحتى لو كان المجلس كله مؤيدا لأي قانون في حال رده من قبل الحكومة فإن خيار حل المجلس يبقى بيد صاحب السمو ووفق تقديره"، مضيفا: "ما راح يكون في شي غصب".طريق العفو
وأشار إلى أن استعراض البعض وخلق البطولات الوهمية لا يفيد البلد ولا يفيد أحدا، وأعتقد أن بعض النواب ربما قالوا كلاما هم أنفسهم غير راضين عنه، لكن نعذر ونقدر الناس الذين كانوا في السر والعلن واضحين بنفس المبدأ.وقال الغانم إن العفو عن طريق صاحب السمو، "فلا يقص أحد على الناس"، لأن طريق العفو هو ما سلكه بعض الاخوة الأفاضل أمثال وليد الطبطبائي وفهد الخنة وراشد العنزي وآخرين، فالاعتذار من صاحب السمو من شيم الرجال، وليس عيبا بل يكبرك ما يصغرك، ومع ذلك لم أفرض قناعتي الشخصية على الآخرين الذين أردوا المضي في اجراءاتهم وحقوقهم الدستورية بتقديم اقتراحات العفو الشامل. وأوضح أن صاحب السمو لم يدخر جهدا في العفو الخاص، وسموه فتح أبوابه وتم تقليص مدة الحبس من ثلاث سنوات ونصف السنة إلى أيام معدودة، ومن كان عنده واجب العزاء تركه سموه لحين الانتهاء من هذا الواجب، ومن كان يريد الذهاب إلى المستشفى فلم يمانع سموه، وأنا أقول هذا الكلام عن سموه بعد الاستئذان منه، وأنا مسؤول عن كلامي، فسموه لم يقصر في العفو عن قضايا أخرى وكثيرة، وبالتالي لا حاجة لقانون يفرض العفو.وأشار إلى من يحاول إدارة المشهد ويريد أن يتحول إلى البطل القائد وهو في الخارج، ولهذا نقول ارجع إلى الكويت، وبدلا من الاتصال على كل النواب -بمن فيهم أنا الذي ربما هاتفني عن طريق الخطأ- وتستجديهم وأنت في حالة يرثى لها تعال واعتذر من صاحب السمو، والدك، كما اعتذر الآخرون، فهذا هو العفو الخاص الذي سعينا له كلنا، وأنا جزء من هذه المساعي مع مجموعة من النواب، ومن ينكر هذا الأمر فهو غير صادق، أما التصويت غدا على تقرير اللجنة فسيكون على طريقة وآلية العفو لا على العفو نفسه.وأضاف: أعرف أن هناك من يسعى لتخريب جلسة الغد، ولن يستطيع، وكل واحد يعبر بأسلوب ما سيرجع عليه هذا الأسلوب، فمن يريد إبداء وجهة نظره باحترام وأدب التزاما باللائحة والدستور فهذا حقه وسيعامل بالمثل، ومن يريد ألا يحترم نفسه فسيواجه باللغة التي يفهمها، وليتحمل الجميع المسؤولية، فتصويت الأغلبية هو ما سيحسم الأمور. وقال: "نسأل الله التوفيق للجميع، فنحن أمام قانون يراه البعض أولوية، والبعض الآخر لا يراه كذلك، فتقرير اللجنة التشريعية مدرج على جلسة الغد ولم يتسن إدراجه على الجلسة الماضية لأنه وصلني بعد توزيع جدول الأعمال، كما قامت اللجنة بتعديله قبل إدراجه بدمج اقتراح رابع"، مشددا على أن الدمج من عدمه لا يعني شيئا امام قرار المجلس.واشار إلى وجود سابقة في دور انعقاد سابق في هذا المجلس بضم ثلاثة اقتراحات عفو في قضايا مختلفة، ولم يعترض أحد.تقديم بند على آخر
وردا على سؤال في شأن رغبة البعض في تقديم بند قانون الاستبدال على العفو أوضح الغانم أن "تقديم بند على آخر يقرره المجلس، فنحن من طلبنا تقديم بند تعديل قانون التأمينات، الذي نرى أن له الأولوية، لكن هناك من طلب أولوية للعفو الشامل، ونتمنى أن نصل إلى صيغة مقبولة لتعديل قانون التأمينات بطريقة سليمة لا تضعف مؤسسة التأمينات وتساعد المتقاعدين وتساندهم، فهذا واجب علينا"، متقدما في الوقت نفسه بالتهنئة إلى وزيري المالية والكهرباء الجديدين براك الشيتان ومحمد بوشهري، وإلى وزيرة الشؤون مريم العقيل بهذه المسؤولية الجديدة عليها.من جانب آخر أعرب الرئيس الغانم عن تقديره لوجهات النظر المختلفة حيال ملف الجنسية والهوية والوطنية، مؤكدا أنه ومجموعة كبيرة من النواب مستمرون في هذه القضية إلى النهاية.