الإساءة إلى الديمقراطية
ما حدث في مجلس الأمة يحز في نفوسنا كثيراً، ويسيء إلينا ككويتيين ولتجربتنا الديمقراطية، لأن المناقشات عادة تتم بهدوء احتراما للدستور ولوائح مجلس الأمة التي تحكم العلاقة بين الأعضاء داخل قاعة عبدالله السالم الصباح (أبو الدستور)، تلك القاعة التي يعتز بها كل كويتي وكويتية محب لبلده الكويت ومحب للديمقراطية.
شاهدت بعض التقارير المصورة وما نشر في صحفنا المحلية عما حدث في جلسة مجلس الأمة يوم الثلاثاء الموافق ١٩ فبراير ٢٠٢٠، هذا المجلس الذي نسميه بيت الأمة صرح من الصروح التي نعتز بها، لأنه تأسس بعد الاستقلال، وكان نتاج المجلس التأسيسي الذي وضع الدستور، وبعده تشكل أول مجلس أمة في تاريخ الكويت، وبعد ذلك بدأت الكويت خطواتها بالتقدم والازدهار، وتشكلت مجالس أمة متعاقبة وشكلت حكومات متعددة. ما حدث مؤخرا في مجلس الأمة من خناقات وألفاظ غير مقبولة ووصلت الأمور إلى التشابك بالأيدي هو إساءة إلى الديمقراطية وعدم احترام لهذا الصرح البرلماني الذي نعتز به ككويتيين، والذي كنا نفاخر به أشقاءنا في الخليج والدول العربية الأخرى، لأن الكويت الحديثة الاستقلال اختطت لها طريق الديمقراطية عبر الانتخابات البرلمانية المباشرة من الشعب، هذا النهج الديمقراطي هو الذي أقنع الكثير من الدول بأن تشارك في عملية تحرير الكويت ١٩٩١. ما حدث في مجلس الأمة يحز في نفوسنا كثيراً، ويسيء إلينا ككويتيين ولتجربتنا الديمقراطية، لأن المناقشات عادة تتم بهدوء احتراما للدستور ولوائح مجلس الأمة التي تحكم العلاقة بين الأعضاء داخل قاعة عبدالله السالم الصباح (أبو الدستور)، تلك القاعة التي يعتز بها كل كويتي وكويتية محب لبلده الكويت ومحب للديمقراطية.
وقعت حوادث للأسف في السابق لم تتعدَّ الصراخ المتبادل واستخدام الألفاظ الخارجة عن الآداب العامة، لكن أن تصل إلى الضرب في هذه الجلسة فهذا تطور خطير في التعامل بين أعضاء مجلس الأمة، لأن في ذلك إساءة إلى ديمقراطيتنا والأعراف التي جُبل عليها أبناء الكويت في تعاملهم في مجلس الأمة، قد يضرب البعض مثلاً بأن هناك مجالس منتخبة في بعض الدول يحصل فيها ذلك، وقد يكون أشد، هذا صحيح ولكن علينا أن نقتدي بالأفضل لا الأسوأ. كانت الكويت سباقة في كل المجالات للأشقاء في الخليج، وكذلك العرب في كثير من الأمور وخاصة مع وجود برلمان منتخب مباشرة من الشعب، مع مرور السنوات أخذ البعض يسيء استخدام الديمقراطية، وأخذ الإخوة في الخليج يعيبون علينا ممارسة الديمقراطية بسبب ممارسات البعض في مجلس الأمة من افتعال الخناقات، وكذلك صفقات سياسية وفساد من بعض الأعضاء وممن يمولهم من الفاسدين. أخذت معاول الهدم المبرمجة تهدد هذه المؤسسة التي نعتز بها ونفاخر بها لأنها المؤسسة الوحيدة التي تجعلنا في عداد الدول المتقدمة متى ما أحسنا استخدام الممارسة الديمقراطية السليمة. الانتخابات البرلمانية قادمة بعد عدة أشهر، بإذن الله، فعلى كل مواطن ومواطنة يحق له الانتخاب وتهمه مصلحة الكويت وتقدمها أن يحسن الاختيار، يوم تفتح صناديق الاقتراع، ويدلي كل ناخب وناخبة بدلوه، وأن يحكموا ضمائرهم ويخافوا الله فيمن ينتخبون، وأن يفكروا في بلدهم ومستقبل أبنائهم، بأن ينتخبوا الشخص الكفؤ رجلاً كان أم امرأة، الأمين المخلص الذي يحترم الدستور والقوانين التي يجب أن تطبق على الجميع بدون تفرقة. لا شك أن الكويتيين المخلصين لبلدهم سيهبون لحماية الدستور من العابثين، وأن يأتوا بنواب يمثلون الكويت وشعبها الطيب خير تمثيل، وتعاود الكويت مسيرتها في التقدم والازدهار، وتصبح جوهرة ومنارة تشع فيها الأنوار لمستقبل أفضل، وهذا ليس بغريب على أهل الكويت الذين تحدوا الصعاب في الأيام الصعبة. أسأل العلي القدير أن يهدينا جميعا، ويحفظ بلدنا الكويت من كل مكروه، والله خير الحافظين.