رغم الدعاية الحكومية المكثفة وحث المرشد الأعلى علي خامنئي الإيرانيين على المشاركة بكثافة في الانتخابات العامة، جاءت المشاركة الجماهيرية بالتصويت، الذي أجري أمس الأول في إيران، متدنية مقارنة مع مثيلاتها في السنوات الأخيرة ووصفت بالأقل في تاريخ البلاد.وقال مصدر مطلع في وزارة الداخلية الإيرانية لـ"الجريدة"، إن نسبة المشاركين، في انتخابات مجلس الشورى "البرلمان" وتكميلية مجلس "خبراء القيادة"، بالكاد وصلت إلى 25 في المئة وهي أدنى مستوى مشاركة انتخابية تشهده البلاد في تاريخها بعد الثورة الدستورية، منذ حوالي المئة عام.
وعزا المصدر سبب ضعف المشاركة إلى أن العديد من الإيرانيين كانوا غير راضين عن الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية إضافة إلى أن مجلس "صيانة الدستور" قام بإقصاء عدد كبير من المرشحين الذين كانت لديهم شعبية كبيرة وسمح لوجوه تفتقد إلى الشعبية بخوض الاستحقاق.وأضاف المصدر أن تقارير مراقبي وزارة الداخلية أكدت أن مجمل الذين قاموا بالتصويت كانوا من عناصر المؤسسات التي تجبر منتسبيها على المشاركة عبر الترهيب والترغيب، وأن البقية ممن يؤيدون النظام واستجابوا لدعوات المرشد وفي المرتبة الأخيرة جاءت مشاركة البعض بهدف إنجاح مرشح محدد. وأضاف المصدر أن موضوع الإعلان عن انتشار فيروس "كورونا" زاد من الطين بلة فالعديد من الذين كانوا عادة يشاركون في التصويت خلال السنوات السابقة من كبار السن وبعد سماعهم أنباء العدوى عزفوا عن التصويت. ولم تفلح جهود وزارة الداخلية التي قررت السماح بالتصويت، دون استخدام حبارة مشتركة للبصمات، في إقناع الإيرانيين بالمشاركة.
تمديد التصويت
وأشار المصدر إلى أن "الداخلية" مدّدت فترة التصويت عدة مرات، كي يمكن جذب أكبر قدر ممكن من الجمهور، لكن رغم ذلك لم تصل نسبة المشاركة إلى 20 في المئة، مما يعني بحسب الدستور إعادة الانتخابات.واضطرت السلطات إلى استدعاء جميع جنود الخدمة العسكرية واجبارهم على التصويت بشكل جماعي بهدف رفع نسبة المشاركة فوق الـ20 في المئة.وكشف المصدر أن التصويت في العاصمة طهران ومحافظة ألبرز وصل إلى 16 في المئة بالكاد. وفي الوقت نفسه، فإن معظم المحافظات بما فيها أصفهان، وخوزستان، وخراسان الرضوية، وفارس، وأذربيجان الشرقية، كانت نسبة المشاركة فيها أقل من 30 في المئة.وأوضح المصدر أن التوقعات تؤكد احتمال تحقيق التيار الأصولي المتطرف انتصاراً ساحقاً كما كان متوقعاً.يشار إلى أنه بعد الاحتجاجات المناهضة لرفع أسعار البنزين التي اندلعت في نوفمبر الماضي، في عموم إيران، تم إطلاق عدة حملات لمقاطعة الانتخابات البرلمانية، وتوسعت الحملات بعد إسقاط "الحرس الثوري" طائرة الركاب الأوكرانية قرب طهران، مما أدى إلى مقتل جميع ركابها وأغلبهم من الإيرانيين.تقدم أصولي
وأظهرت آخر نتائج الانتخابات وفقاً للهيئة العليا للانتخابات عدا دائرة طهران، فرز الأصوات في 96 دائرة انتخابية، من أصل 208 دوائر، كما أظهرت أن 98 مرشحاً تأكد فوزهم بمقاعد في البرلمان المؤلف من 290 مقعداً.وأظهرت النتائج فوز 14 مرشحاً ممن كانوا في حكومة الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد بمقاعد. وأعلنت لجنة الانتخابات فوز قائمة المحافظين الأصوليين بزعامة عمدة طهران السابق محمد باقر قاليباف بمقاعد العاصمة الـ35، التي كانت بحوزة التيار الإصلاحي في الماضي.وتناقلت تقارير إيرانية أن قائمة المرشحين المرتبطين بـ"الحرس الثوري" تتصدر الانتخابات.ونقلت وكالة أنباء "فارس" عن مصادر مطلعة، تقدم زعيم التيار الأصولي المتشدد محمد باقر قاليباف عن دائرة طهران، منوهة بأنه شارك في طهران 1.9 مليون ناخب من أصل 9 ملايين 644 ألفاً و981 شخصاً يحق لهم التصويت.وجرت الانتخابات في 55 ألف مركز اقتراع في إطار 208 دوائر انتخابية في مختلف أنحاء البلاد.وبلغ عدد الذين يحق لهم التصويت في هذه الانتخابات 58 مليوناً، من ضمنهم نحو 3 ملايين لأول مرة بعد بلوغهم السن القانونية للتصويت وهي 18 عاماً.وكان المتحدث باسم لجنة الانتخابات، إسماعيل موسوي، أكد أنه ستكون هناك جولة ثانية لانتخابات مجلس الشورى في بعض الدوائر الانتخابية وستقام في 17 أبريل المقبل.الدولار يرتفع
إلى ذلك، اعادت مؤسسة "FATF" الدولية المعنية بملاحقة عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب إيران إلى "قائمتها السوداء" أمس الأول، بعد انتهاء آخر مهلة منحت لطهران من أجل التوقيع على 4 مذكرات بهذا الخصوص، وهو ما رفضه التيار المتشدد. وغداة الإعلان عن اعادة الإدراج ارتفعت أسعار العملات الأجنبية والدولار في إيران وأعلن قائد شرطة طهران، حسين رحيمي، عن تشدید تدخل الشرطة في سوق الصرف الأجنبي.ووصف قائد شرطة طهران الكبرى ارتفاع سعر العملات الأجنبية بأنه "خطيئة كبرى ودعم للولايات المتحدة"، لكن البنك المركزي الإيراني استبعد تأثير العودة إلى "القائمة السوداء" على استقرار سعر الصرف.اشتباك حدودي
من جهة أخرى، أعلنت إيران مقتل عنصرين من قوات حرس الحدود في اشتباك مع مجموعة إرهابية جنوب شرقي البلاد عند الشريط الحدودي مع باكستان.على صعيد منفصل، كشفت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" أن عدد الجنود الأميركيين الذين أصيبوا بارتجاجات دماغية جراء إطلاق إيران صواريخ على قاعدتهم في العراق يناير الماضي انتقاما لقيام واشنطن بقتل قائد "فيلق القدس" قاسم سليماني ارتفع إلى 110.وقال "البنتاغون" في بيان، إنه تم تشخيص إصابات جميع الجرحى بارتجاجات خفيفة في الدماغ، مضيفاً أن 77 منهم عادوا إلى الخدمة.وأضاف البيان أن 35 جندياً نقلوا إلى ألمانيا لمزيد من التقييم، ولاحقاً تم إرسال 25 منهم إلى الولايات المتحدة.