الصينيون لا يقصدون المطاعم ويستعينون بـ«خدمات التوصيل»
• لازموا منازلهم جرّاء تفشّي الوباء
• أصحاب المطاعم: الرواد قليلون والإيرادات شبه معدومة
في ظل حال الهلع التي تجتاح الصين جرّاء تفشّي وباء فيروس كورونا المُستجد، امتنع الصينيون عن زيارة المطاعم، إذ لازموا منازلهم ولجأوا إلى خدمة التوصيل إلى المنازل للحصول على الطعام.في مقهي "سينديز" في أحد المراكز التجارية في بكين، يقول المدير كاي ياويانغ إن أعداد الضيوف قليلة للغاية، والإيرادات النقدية شبه معدومة، فيما تعمل خدمات التوصيل بشكل محدود.ويتابع "كنّا نحقّق دخلاً بنحو ألف يوان «131 يورو» يومياً من خدمة التوصيلات. أمّا الآن فهي لا تتجاوز 200 إلى 300 يوانم. لقد تأثّرنا بشكل كبير للغاية".
على مسافة ليست ببعيدة، في "كافية بيللاجيو" يتمّ إعداد وصفات أقل بنحو 6 مرّات بالمقارنة مع النمط المعتاد.لقد مرّ شهر على انعزال الصينيين في منازلهم التزاماً بتدابير احتواء الوباء أو خوفاً من الإصابة بالعدوى.يشرح كاي أن "الخسائر قد تصل إلى مئات آلاف اليورو في سلسلة "سينديز"، التي تضمّ عشرات المطاعم في الصين، بسبب الاستمرار بدفع الإيجارات والرواتب فيما الإيرادات معدومة". وقد يؤدّي هذا الواقع في النهاية إلى منح فرص غير مدفوعة للموظّفين.لا شكّ أن هذا الوضع يشكّل ضربة قوية لقطاع المطاعم في الصين الذي حقّق إيرادات بقيمة 610 مليار يورو في العام 2019، وقد تنسحب تأثيراته على شركات أخرى.إلى ذلك، أكّد تشو كونغشوان، رئيس سلسلة مطاعم "لاوتشيانغجي" للوجبات السريعة، التي تضمّ أكثر من 800 مطعماً، أنها خسرت حتى الآن ما لا يقل عن 66 مليون يورو.يستعين الصينيون حالياً بخدمات التوصيل إلى المنازل للحصول على الطعام، وهو ما يبيّنه الاستخدام المتزايد للتطبيقات المحمولة.لا تظهر في الشوارع شبه المهجورة سوى الدرّاجات النارية لعمّال خدمة التوصيل، ما دفع وسائل الإعلام إلى وصفهم بـ"الأبطال" الذين يساهمون بالحفاظ على إمداد الأسر بحاجياتها. لكن البروتوكولات المطبّقة عليهم باتت أكثر تعقيداً؛ في شنغهاي، يقول غاو يوتشاو «30 عاماً» الذي يعمل على منصّة "إيل.مي" إن عليه ارتداء واقيين على وجهه وقياس درجة حرارته في المطاعم التي يجمع منها وجبات الطعام، وفي المنازل التي يوصل الطعام إليها.في حين تتضّمن كلّ طلبية بطاقة يدوّن عليها درجة حرارة الأشخاص الذي أعدّوا كلّ طبق، ومن قاموا بتعبئته وتوصيله.من أجل كسب ثقة المستهلكين، تقّدم منصّتا توصيل الطعام العملاقتان "إيل.مي" و"مايتوان" خدمات "التوصيل من دون حصول أي احتكاك". فيما تحذو كلّ من "ماكدونالدز" و"كاي أف سي" و"ستاربكس" حذوهما.ويقوم المبدأ على إيداع الطلبية على مدخل المنزل ومغادرة عامل التوصيل قبل أن يستلمها الزبون، وذلك لتجنّب إي احتكاك بينهما للحدّ من إمكانية الإصابة بأي عدوى.ويشير غاو لوكالة فرانس برس إلى أن هذه الطريقة "أكثر نظافة خصوصاً أن بعض الناس لديهم رهاب من عمّال التوصيل"، إذ يقوم بعضهم بالصراخ عليهم طالبين ترك البضائع على الباب والمغادرة بسرعة.بالإضافة إلى وجبات الطعام، يتمّ حالياً توصيل كلّ الاحتياجات الأخرى من البقالة إلى مواد التنظيف.في الواقع، شهد عملاق التجارة عبر الإنترنت "جا دي.كوم" قفزة في مبيعات المنتجات الطازجة عبر الانترنت بنسبة 215% خلال عطلة رأس السنة الصينية التي تزامنت مع بدء الأزمة. ويعدّ الأرز والحليب الأكثر طلباً بالتوازي مع أدوات التنظيف والتطهير.إلى ذلك شهدت شركة "مايتوان" للبقالة ارتفاعاً بنحو ثلاث مرّات في مبيعات البقالة اليومية في بكين خلال العطلات، مع ارتفاع مماثل في شراء الطحين وزيت الطهي.وقد أعلنت شركة "جاي دي.كوم" في منتصف فبراير عن رغبتها بتوظيف 20 ألف عامل في توصيل ونقل السلع. وهو ما قد يعدّ نعمة لموظّفي المطاعم العاطلين عن العمل تقنياً.إلى ذلك، ترى بعض المؤسّسات في خدمة التوصيل منقذاً لها. ففي سلسلة مطاعم "يونهاي ياو" تبدو طاولات المطاعم ممتلئة بالخضار الطازجة المعدّة للنقل كما هي أو مقطعة، وذلك بدلاً من الأطباق الجاهزة التي تبرز عادة على قائمة الطعام لديهم.ويقول لي جيانينغ المدير المشرف على 10 مطاعم ضمن هذه السلسلة إلى أن "الإيرادات تراجعت، ولا تمثّل راهناً أكثر من 10% مما اعتدنا على تحقيقه". علماً أن بسبب التكاليف المرتفعة اضطرت السلسلة إلى استدانة نحو 10 ملايين يوان. ويشير لي إلى إن "مئات الموظفين" وقعوا عقوداً مؤقتة مع المنصات الالكترونية والمحلات للعمل في خدمة التوصيل إلى المنازل.