فوضى الإيجارات... بوابة مثالية لغسل الأموال
الكويت لا تعطي أهمية للعقود رغم أنها المستند القانوني الوحيد المبرم بين المستأجر والمؤجر
من أهم إيجابيات العقود الموثقة التضييق على عمليات غسل الأموال، إذ تعتبر العقارات من أهم الجهات التي يستهدفها غاسلو الأموال، وهي مصدر مدر للدخل بالنسبة لهم.
يفتقد السوق العقاري المحلي إلى العديد من الضوابط، التي تعمل على تنظيمه وحمايته من أي معوقات، كما أنه يعاني الفوضى التي جعلته بيئة مثالية لكل العمليات السلبية سواء الاحتكار أو المضاربة أو حتى عمليات غسل الأموال.«الجريدة» تتطرق في هذا التقرير إلى فوضى الإيجارات بالتحديد، في كل القطاعات العقارية وعدم وجود أي آليات تعمل على تنظيم هذا النشاط، مما جعله عرضه للكثير من العمليات المشبوهة.الكويت لا تعطي لعقود الإيجار أهمية رغم أنها المستند القانوني الوحيد المبرم بين المؤجر والمستأجر، كما لا توجد صيغة موحدة لها، وعادة ما يتم وضع بنود إضافية فيها تكون لمصلحة ملاك العقارات.
وتسعى الجهات المعنية إلى تنظيم القطاع العقاري، ومكافحة عمليات غسل الأموال، إلا أنها لا تستطيع ذلك بالشكل المطلوب، وذلك لعدم وجود عقود إيجار موثقة وموحدة.ولا تقتصر أهمية عقود الإيجار الموثقة والموحدة على الشأن الاقتصادي أو العقاري، بل تنعكس على المسائل الأمنية في الدولة، إذ إنه ليس بمقدور الجهات الأمنية معرفة سكن شخص ما في ظل قدرته على التنقل من سكن لآخر دون الحاجة إلى عقد إيجار.ويحرم عدم وجود العقود الموثقة الدولة من معرفة متوسط القيم الإيجارية الحقيقية لكل نوع من الوحدات وفي المناطق، كما يحرمها أيضا من معرفة نسب التضخم في تلك القيم، وبالتالي لا تستطيع وضع الحلول لمعالجة ذلك التضخم مستقبلا.
شواغر الوحدات العقارية
لا شك أن عدم وجود عقود موثقة، سيترتب عليه عدم الدقة في معرفة عدد الشقق أو الوحدات العقارية الشاغرة والمؤجرة، اذ تعمل كل دول العالم على إعداد الاحصائيات والدراسات، لمعرفة التغيرات التي طرأت على القطاع العقارية، والاحتياجات المستقبلية.وتؤكد العديد من التقارير المختصة بالشأن العقاري أن بعض القطاعات العقارية، تعاني ارتفاعا في نسبة الشواغر، ولكن لا توجد نسبة دقيقة لتلك الشواغر، اذ تشير تقارير إلى أن نسبتها في القطاع الاستثماري مثلا بلغت 10 في المئة، في حين تذكر تقارير أخرى أنها تصل الى 16 في المئة، وذلك التفاوت لا شك له تأثير كبير على سير نشاط القطاع الاستثماري.وترجع أسباب ارتفاع نسب الشواغر في بعض القطاعات العقارية الى العديد من العوامل، أبرزها، الاجراءات التي اتخذتها الحكومات لمواجهة العجز الذي تعانيه الموازنة، وذلك عن طريق رفع الدعوم عن معظم الخدمات المقدمة من الدولة، وفرض المزيد من الرسوم خاصة على الوافدين.وكل تلك الخطوات جعلت هناك نوعا من التقشف لدى شريحة واسعة من الوافدين وهم المشغل الرئيسي للقطاع الاستثماري بالتحديد، الذي تأثر كثيرا، اذ فضل العديد من هؤلاء مشاركة السكن مع مجموعة أخرى مع العزاب، وترحيل أسرهم الى بلدانهم، بهدف التوفير في ظل ارتفاع القيم الإيجارية والخدمات الأخرى.وتأثرت قطاعات أخرى نتيجة لارتفاع المعروض، وانخفاض الطلب، كما هو الحال في مجمعات المطاعم، إذ انخفضت القيم الإيجارية بنسبة تجاوزت 50 في المئة في بعض المناطق.مصدر إيراد للدولة
وتكون عملية إبرام عقد الإيجار بين المؤجر والمستأجر عادة مصدر إيراد للدولة، وتُفرض من خلالها رسوم، كما تعتمد معظم دول العالم على معرفة ايرادات القطاعات العقارية من خلال تلك العقود، ويمكن ايضا من خلالها فرض الضرائب، إذ إن معظم دول العالم تعتمد على العقود الموحدة والموثقة في معرفة الايرادات وتضع من خلالها الشروط والضوابط التي تضمن عدم التلاعب من قبل الملاك أو المستأجرين. وهذا ما قامت به على سبيل المثال كل من المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة، اذ وضعتا نظام «إيجار» تضمّن كافة الشروط والتنظيمات، والذي يهدف إلى تنظيم اجراءات قطاع الايجار العقاري وتعزيز الثقة به وتحقيق التوازن الذي يحفظ حقوق اطراف العملية الإيجارية ويحفز على الاستثمار.غسل الأموال
ومن أهم ايجابيات العقود الموثقة هي التضييق على عمليات غسل الأموال، حيث تعتبر العقارات من أهم الجهات التي يستهدفها غاسلو الأموال، وهي مصدر مدر للدخل يمكن من خلاله غسل الأموال.وتأتي عملية الغسل من خلال العقارات عن طريق إبرام عقود ايجارات للوحدات العقارية الشاغرة، او تدوين القيم الايجارية بمبالغ أكبر من المتفق عليها بين المؤجر والمستأجر، ومن ثم ادخالها الى البنوك بكل سهولة ودون شبهات قانونية.ومما لا شك فيه أن عمليات غسل الأموال تضر بالاقتصاد وبسمعة البلد، وتعرقل النمو الاقتصادي الطبيعي، وتساهم في انتشار الفساد المالي، وتقوم دول العالم على مكافحة تلك العمليات بكل صورها وطرقها المتجددة دائماً.ويمكن للدولة، من خلال إصدار عقود إيجار موحدة وإلزام الجميع بتوثيقها لدى الجهات المعنية، محاربة عمليات غسل الاموال، ومعرفة دخل العقارات والتحقيق في اي عقود مبرمة بأسعار لا تتوافق مع القيم السوقية.وكما ذكرنا في بداية هذا التقرير فإن السوق المحلي يعاني فوضى الإيجارات، وعدم وجود آلية تعمل على تنظيمه، رغم وجود قانون ينظم عملية الزيادة والمدة التي يحق للمؤجر زيادة الإيجار على المستأجر، إلا ان العديد لا يلتزم بمواد القانون.ويذهب البعض إلى إضافة بنود اضافية على المستأجرين، إذ لا توجد بنود موحدة للعقود، وهذا يهضم حق المستأجرين، كما اننا نفتقد الى وجود لجان مختصة او دوائر لمتابعة المتغيرات، حيث ان العقود الايجارية الحالية كانت تلبي الاحتياجات في وقت سابق، ولكن مع مرور الزمن وتطور الانظمة، اصبح الزاما مواكبة ذلك التطور وسد الثغرات.ويعتبر توحيد العقود وتوثيقها خطوة تنظيمية اكثر، وتضفي الشفافية، هذا بالاضافة الى انها تحفظ حقوق الاطراف المعنية في العملية الايجارية.خطوات استباقية
من جهة أخرى، أوضح عدد من العقاريين أن العديد من الدول اتخذت خطوات استباقية وعلاجية، وذلك للقضاء على التصرفات والإجراءات الشخصية التي تلحق الضرر بالسوق العقاري.وأشار العقاريون الى ان اننا بحاجة الى جهاز او هيئة مختصة بالقطاع العقاري، تعمل على اعداد الدراسات وتتابع احتياجات السوق المتغيرة باستمرار، وإضفاء الشفافية على عقود الايجارية. وأوضحوا أن عقود الايجارات الموحدة تكون عادة بصيغة معينة لا يستطيع احد التلاعب بها او تغيير محتواها، لافتا الى ان هنا في الكويت يوجد أكثر من 7 انواع للعقود للايجارية، ويمكن اضافة بنود على حسب الاتفاق.وأكدوا ان توحيد العقود وتوثيقها خطوة ستصب في مصلحة السوق وستساهم الى حد كبير في تنظيمه، وتحمي الاطراف المشاركة في العملية الايجارية، اذ ان الكويت تأخرت كثيرا في هذه الخطوة، ولابد من اتخاذها في اسرع وقت.وذكر العقاريون أن القطاع العقاري تأثر كثيرا نتيجة لاصدار قرارات عشوائية وغير مطابقة للواقع، او لها العديد من المثالب التي استغلها البعض لمصالح شخصية، مؤكدين ان القوانين السابقة أصبحت تشكل عائقا امام نمو القطاع، ولا تواكب التطور الحاصل.
يمكن معرفة الدخل الحقيقي ونسب التضخم بالإيجارات والتضييق على غسل الأموال من خلال العقود الموثقة
في الكويت أكثر من 7 أنواع لعقود الإيجار ويمكن إضافة بنود حسب الاتفاق
في الكويت أكثر من 7 أنواع لعقود الإيجار ويمكن إضافة بنود حسب الاتفاق