قال تقرير أسواق النقد الأسبوعي الصادر عن بنك الكويت الوطني، إن التأثير الاقتصادي لتفشي فيروس كورونا أصبح أكثر وضوحاً في مختلف أنحاء العالم، إذ أعلنت شركة "آبل" خفضاً مفاجئاً في توقعات مبيعاتها، في حين خفّضت حكومات بعض الدول الآسيوية توقعات النمو، إلى جانب تدهور معنويات المستثمرين في ألمانيا. ووفق التقرير، ما كانت الآثار المترتبة على تفشي الفيروس لتحدث في وقت أسوأ من ذلك بالنسبة لاقتصادات مثل اليابان وألمانيا، التي بدأت تتعافى للتو بعد عام من التوترات التجارية العالمية، التي أثرت على قطاعي الصناعات التحويلية والتصدير.
من جهة أخرى، تؤكد الصين استقرار معدلات الإصابة بالفيروس خصوصاً أن انعكاس الأضرار الاقتصادية أصبح أشد وضوحاً على اقتصادها المحلي وسط توقف أنشطة الأعمال الرئيسية، ووقعت كل القطاعات تحت وطأة تلك الضغوط نظراً إلى اضطرار المصانع للتعامل مع مشاكل تغيب العمال ونقص سلاسل التوريد، في حين يواجه المستهلكون القيود المفروضة على حركة السفر ومخاوف الإصابة بالعدوى. كما بدأت المخاوف تنتشر في أوروبا أيضاً، إذ تخشى شركات صناعة السيارات من تعرض سلاسل التوريد للمزيد من الاضطرابات، وتتحمل ألمانيا الجزء الأكبر من تلك الأعباء خصوصاً بعد مرورها بعام سيئ على الصعيد الاقتصادي على خلفية تراجع قطاع السيارات، الذي يعد من أهم القطاعات الرئيسية. وخلال الأسبوع الماضي تراجع اليورو إلى مستويات قياسية وارتفعت أسعار الذهب أيضاً إلى مستويات قياسية في حين تراجعت الأسهم الآسيوية. وارتفع الدولار الأميركي وصولاً إلى أعلى مستوياته المسجلة منذ ثلاث سنوات مقابل سلة من العملات الرئيسية ليقترب من الحاجز النفسي قرب مستوى 100.
توقع استقرار أسعار الفائدة
أصدر مجلس الاحتياطي الفدرالي محضر اجتماع اللجنة الفدرالية للسوق المفتوحة المنعقد في 28-29 يناير 2020 وقرر خلاله الإبقاء على أسعار الفائدة الحالية دون تغير ضمن نطاق يتراوح بين 1.5 و1.75 في المئة. وعبر مسؤولو اللجنة عن ثقتهم بأوضاع الاقتصاد الأميركي حتى في ظل قيام الأسواق المالية بتسعير خطوة خفض أسعار الفائدة مرة واحدة على الأقل أو ربما مرتين خلال العام الحالي. وذكر أعضاء اللجنة أن الرؤية المستقبلية للاقتصاد أصبحت "أقوى" مقارنة بتوقعاتها الصادرة في ديسمبر. ولم يتضمن محضر الاجتماع سوى عدد قليل من الإشارات إلى الأخطار المحتملة لفيروس كورونا على الرغم من أن انتشار المرض، الذي قد تحول لتوه إلى مشكلة وقت انعقاد الاجتماع.وأشار محضر الاجتماع إلى أن "بعض الشكوك التجارية تضاءلت في الآونة الأخيرة، هذا إضافة إلى ظهور بعض العلامات الدالة على استقرار النمو العالمي. لكن على الرغم من ذلك فقد ظلت الشكوك المحيطة بآفاق النمو الاقتصادي بما في ذلك تلك الناجمة عن تفشي فيروس كورونا". وكانت اللجنة الفدرالية للسوق المفتوحة خفضت أسعار الفائدة ثلاث مرات خلال عام 2019 لكنها قررت الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغير خلال اجتماعيها الأخيرين. وعلى الرغم من تراجع حدة التوترات التجارية، فإن العديد من الرسوم التجارية ما زالت سارية وقد تتفاقم التوترات في أي لحظة، كما ذكر محضر الاجتماع أن السياسة النقدية ستظل مرنة وفقاً لتغير الظروف. وبالنسبة للتضخم، فقد وصل المؤشر المفضل لدى الاحتياطي الفدرالي لقياس التضخم إلى 1.6 في المئة العام الماضي ولم يتمكن محافظو البنوك المركزية من الحفاظ على المستوى المستهدف البالغ 2 في المئة منذ الإعلان عنه في عام 2012.كما كشف محضر الاجتماع إمكانية قيام العديد من المسؤولين بدعم رفع المستوى المستهدف هامشياً ليتخطى حد 2 في المئة، واستهل الاقتصاد الأميركي عام 2020 بأداء قوي واقترب معدل البطالة من أدنى مستوياته المسجلة منذ حوالي نصف قرن، إذ بلغ 3.6 في المئة بينما ارتفع متوسط دخل الفرد بالساعة بنسبة 3.1 في المئة على أساس سنوي. من جهة أخرى، فان زخم الإنفاق الاستهلاكي – بدعم من انخفاض أسعار الفائدة - من شأنه أن يساهم في تعزيز وتيرة النمو ورفع معدل التضخم مجدداً إلى مستوى 2 في المئة المستهدف. في ذات الوقت، يقوم محافظو البنوك المركزية بشراء 60 مليار دولار من الأوراق المالية شهرياً لتعزيز الاحتياطيات وسوف يواصلون الشراء حتى الربع الثاني من عام 2020. وتتسابق صناديق الاستثمار إلى شراء الدولار الأميركي بالتزامن مع تسجيل الين الياباني أسوأ أداء له منذ قرابة عامين ونصف العام على خلفية المخاوف المتعلقة بتفشي فيروس كورونا في كوريا الجنوبية واليابان وبكين بما ساهم في دفع الطلب بعيداً عن العملات الآسيوية لمصلحة الدولار الأميركي. ووسط استمرار توجه المستثمرين نحو الأصول الآمنة، وعملات الملاذ الآمن انخفض العائد على سندات الخزانة القياسية الأميركية لأجل 10 سنوات إلى 1.5186 في المئة بينما انخفضت عوائد سندات أجل عامين إلى 1.3892 في المئة.