«المتحف المصري الكبير» يُفتتح نهاية العام و«نادي القصة» مُهدد بالإغلاق
الأول سيتحول إلى «مجمع حضاري» والثاني يبحث عن سداد الإيجار!
يعيش الوسط الثقافي في مصر راهناً شعورين متناقضين، أولهما الاحتفاء بصدور قرار رئاسي بتحويل المتحف المصري الكبير المقرر افتتاحه نهاية العام الحالي إلى «مجمع حضاري» يتبع وزارة السياحة والآثار، والآخر الحزن في ظل تهديد «نادي القصة» العريق بالإغلاق.
في خطوة وضعت «المتحف المصري الكبير» في واجهة المشهد الثقافي والتاريخي، أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي، الأسبوع الماضي، تحويل المتحف الذي يُجرى إنشاؤه حالياً والمقرر افتتاحه نهاية 2020، إلى هيئة عامة اقتصادية تتبع وزارة السياحة والآثار، ومجمع حضاري عالمي متكامل يهدف إلى التعرف إلى الحضارة المصرية القديمة، ويوفر الخدمات والأنشطة اللازمة للسائحين.وفي هذا الصدد، قال المشرف العام على مشروع المتحف الكبير، عاطف مفتاح في تصريح: «وفقاً لهذا القانون الصادر ستختص هيئة المتحف بعرض المجموعات الأثرية واستخدام أحدث أساليب وتقنيات العرض المتحفي للزائرين، إضافة إلى التوثيق الرقمي وتسجيل القطع الأثرية وحفظها وتأمينها ودراستها وترميمها، بما يتوافق مع قانون حماية الآثار الصادر بقانون رقم 117 لسنة 1983».وأضاف مفتاح: «يختص المتحف أيضاً بإجراء الأبحاث اللازمة وعقد الندوات والمؤتمرات والأنشطة الثقافية والعلمية وتوعية الأجيال المقبلة بالحضارة المصرية».
ومن المقرر افتتاح المتحف، الواقع قرب أهرامات الجيزة (إحدى عجائب الدنيا السبع) نهاية العام الحالي، وجرى تصميمه بشكل يشبه إلى حد كبير تصميم الأهرامات الفرعونية على مساحة تقدر بنحو 117 فداناً.ولا تزال أعمال الإنشاءات مستمرة في المتحف، الذي من المقرر أن يستوعب نحو 100 ألف قطعة أثرية مهمة ونادرة من مختلف الأُسر الفرعونية، ويُتوقع أن يستقبل أكثر من خمسة ملايين زائر سنوياً.
توفيق الحكيم
من ناحية أخرى، يواجه «نادي كُتّاب القصة»، وهو عبارة عن جمعية أهلية تتبع وزارة التضامن الاجتماعي، وقد أسسه الأديب الراحل يوسف السباعي وترأسه الكاتب الكبير الراحل توفيق الحكيم في عام 1954، خطر الإغلاق بعد صدور حكم قضائي بإخلاء مقره التاريخي في ضاحية «غاردن سيتي» وسط القاهرة.وقضت محكمة مصرية، الأسبوع الماضي، بإعطاء «نادي القصة»، أجلاً مدة شهر في أول جلسة بالدعوى المرفوعة من ورثة القيادي السياسي الراحل فؤاد سراج الدين، لإخلاء المقر وتسليم العقار للورثة.ويقبع المقر في بناية شهيرة معروفة بـ«عمارة سيف الدين»، التي كان يسكنها عدد من مشاهير الفن والثقافة تاريخياً، وأبرزهم مؤسس نادي القصة يوسف السباعي والمطربة الراحلة ليلى مراد.النادي العريق
إلى ذلك، أطلق عدد من الكُتّاب والمبدعين حملة لإنقاذ النادي العريق، الذي تعاقب على رئاسته قامات أدبية كبيرة، من بينهم طه حسين وتوفيق الحكيم، معتبرين أنه من غير اللائق إغلاق هذا الكيان الثقافي بسبب عجز المثقفين والمؤسسات عن حمايته أو تقدير قيمته الرمزية.وضم نادي القصة في عضويته منذ تأسيسه عدداً كبيراً من الأدباء، أمثال نجيب محفوظ، ومحمد تيمور، وإحسان عبدالقدوس، وأمين يوسف غراب، وعبدالحميد جودة السحار، وثروت أباظة، وطه حسين، ومحمد فريد أبوحديد، وعلي أحمد باكثير، ويحيى حقي، ومصطفى محمود.أما سبب الأزمة التي يمر بها النادي حالياً، فيكمن في أن موارده المالية تأثرت بعد تقليص دعم وزارة الثقافة منذ عام 2011، مما انعكس سلباً على إصدارات النادي، ومنها سلسلة «الكتاب الفضي» ومجلة فصلية لم تعد قادرة على الخروج إلى النور بانتظام، كما أن آخر مبلغ دعم لم يكفِ لسداد إيجار شهر واحد للمقر، حسبما قال رئيس النادي الكاتب محمد قطب.يشار إلى أن ورثة فؤاد سراج الدين (المستحقون للإيجار) استندوا في قضية المطالبة بإخلاء المقر إلى مادة في القانون تتعلق بتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، وهناك مَن يؤكد أن هذه المادة ثبت عدم دستوريتها فيما تضمنته من إطلاق عبارة: «لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان، ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد»، لتشمل عقود إيجار الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية، لاستعمالها في غير غرض السكن.الكيان الأدبي
ووفق أعضاء في النادي، تُجرى محاولات راهناً للتنسيق مع وزارتي الثقافة والتضامن الاجتماعي للبحث عن وسيلة للحفاظ على هذا الكيان الأدبي والإبقاء عليه في مقره الحالي أو توفير آخر في حالة صدور حكم بالإخلاء، حيث قررت المحكمة تأجيل القضية إلى جلسة 11 مارس المقبل، بناء على طلب النادي لتحضير الدفاع والمستندات.
القرار يستهدف تحويل المتحف إلى وجهة للتعرف على الحضارة المصرية القديمة