ماليزيا: أزمة بعد استقالة مفاجئة لمهاتير محمد
أحزاب من الائتلاف الحاكم تحشد لعودته
قدم رئيس وزراء ماليزيا مهاتير محمد استقالته أمس، في خطوة مفاجئة بعدما سعى حلفاؤه السياسيون لتشكيل ائتلاف جديد، في مسعى لمنع أنور إبراهيم من خلافته.وجاء الإعلان بعد شهور من التوتر ضمن ائتلاف «تحالف الأمل»، الذي حقق فوزا مفاجئا في انتخابات 2018 في وجه حكومة طغى عليها الفساد وحكمت ماليزيا على مدى 6 عقود.لكن دعوات لمهاتير، أكبر قادة العالم سنا (94 عاما) صدرت للبقاء في السلطة من قبل حلفائه الذين أصرّوا على أنه لم يدعم تشكيل حكومة جديدة واستقال لشعوره بالاشمئزاز من المخطط.
وبدأت التطورات السياسية، أمس الأول، عندما عقد خصوم أنور من الائتلاف الحاكم وسياسيون معارضون سلسلة اجتماعات في كوالالمبور غذّت التكهنات بشأن تشكّل تحالف جديد.وذكرت تقارير أن التحالف كان سيستبعد أنور، خليفة مهاتير المفترض وأيقونة المعارضة السابق، الذي سجن عدة سنوات بتهم تتعلّق باللواط، سرت شكوك بشأنها، ما كان سيعرقل صعوده إلى منصب رئاسة الوزراء.وبينما خيّمت الضبابية على مصير الائتلاف الحاكم أمس، قدّم مهاتير استقالته للملك الذي قبلها، لكنه عيّنه كرئيس وزراء مؤقت إلى حين العثور على خليفة له، بحسب بيان رسمي.وقال أنور، الذي كثيرا ما اتسمت علاقته بمهاتير بالتقلّب، إن رئيس الوزراء أكد له امس أنه «لم يكن له أي دور» في محاولات تشكيل حكومة جديدة، مضيفا أنه كان «واضحا جدا في مسألة أنه لن يعمل إطلاقا مع أولئك المرتبطين بالنظام السابق».وذكرت تقارير إعلامية أن الائتلاف الجديد المقترح سيضم «المنظمة العامة للملايو المتحدين»، حزب رئيس الوزراء الأسبق نجيب رزاق، الذي أحاطت به تهم بالفساد، وأزيح من السلطة قبل عامين.ووضع أنور ومهاتير خلافاتهما جانبا، ووحدا صفوفهما للإطاحة بحكومة استشرى فيها الفساد في انتخابات 2018. وتعهّد مهاتير، الذي شغل منصب رئيس الوزراء من عام 1981 حتى 2003، قبل الانتخابات بتسليم السلطة لأنور، لكنه رفض مرارا تحديد موعد لذلك.وقبل وقت قصير من استقالته، أعلن حزب مهاتير «بيرساتو» أنه سيغادر الائتلاف الحاكم بينما استقال عدد من النواب عن حزب أنور، ما تسبب في انهيار «تحالف الأمل»، وأثار تكهّنات بوجود جهود جارية لتشكيل تحالف جديد. واستقال مهاتير كذلك من رئاسة «بيرساتو».وقال ليم غوان انغ العضو البارز في «حزب العمل الديمقراطي»، الذي شكّل قسما من «تحالف الأمل»، إن مهاتير استقال احتجاجا على «المحاولة الشنيعة» للإطاحة بالحكومة.وأضاف ان «مهاتير أعلن بوضوح أنه لا يمكنه العمل مع المنظمة العامة للملايو المتحدين عندما نجح في الإطاحة بالحزب في انتخابات 2018 العامة».وأوضح رئيس شركة «مركز مرديكا» المستقلة للاستطلاعات إبراهيم سفيان، ان مهاتير قد يعود رئيسا للوزراء، وقد تصب الأزمة في مصلحته.ولا تزال النتيجة النهائية للتطورات الأخيرة غير واضحة، بينما توقّع بعض المحللين أن تتم الدعوة لانتخابات مبكرة.وتعاون أنور مع خصمه السابق مهاتير للإطاحة بحكومة نجيب التي تورّط في فضيحة فساد ضخمة، لينتصر تحالفهما على الائتلاف الذي قاد ماليزيا على مدى 6 عقود.وهيمنت علاقتهما المتقلّبة على المشهد السياسي في ماليزيا على مدى عقدين. وأقال مهاتير في التسعينيات أنور من الحكومة قبل أن يدان الأخير بالفساد واللواط، في قضية اعتبرها البعض مسيّسة.ولطالما طبع التوتر «تحالف الأمل» بينما تراجعت شعبيتهما في وقت اتهمهما معارضوهما بإهمال عرقية الملايو المسلمة التي تشكّل الأغلبية في البلاد والفشل في تطبيق إصلاحات.وتعد مسألة العرقية وحماية حقوق الملايو مسألة حساسة في ماليزيا، التي يشكّل المسلمون 60 في المئة من سكانها، لكنها تضم كذلك أقليات عرقية صينية وهندية كبيرة.