على وقع الإصابات بـ "كورونا المستجد"، التي ظهرت في البلاد أمس، تحركت وزارة الصحة على غير صعيد وجبهة في إجراء يكشف العمل بصيغة ردة الفعل على الحدث الذي لم تكن الوزارة قد استعدت لاحتوائه بالشكل المناسب، وهو الذي تمثّل في عدم القدرة على احتواء عودة المواطنين من إيران، واتخاذ الإجراءات المناسبة للتعامل مع أي إصابة بـ "كورونا" في صفوفهم، علما بأن "الصحة" كانت قد أعلنت أمس الأول عدم إصابة أي منهم، لتعود أمس وتعلن عن 3 إصابات بينها مواطن وآخر سعودي، وثالث من غير محددي الجنسية.وفي سياق التحرك الصحي، أعلن وزير الصحة، د. باسل الصباح، عقد مؤتمر صحافي مع عدد من النواب بعد ظهر أمس، تبيّن فيه أن اقتصار الحضور النيابي على اثنين فقط حوّل المؤتمر الى اجتماع مغلق ناقش تداعيات الأزمة.
وعقب اللقاء مع الوزير قال النائب الحميدي السبيعي إن "الصحة" حوّلت 198 مواطنا عادوا أمس من قُم الى الحجر الصحي في أحد الفنادق، باعتبار أنهم قدموا من منطقة موبوءة، مضيفا أنه حتى الآن لم تظهر نتائج الفحوص التي أُجريت لهم.وحول التهديد باستجواب وزير الصحة، قال السبيعي إن ذلك سابق لأوانه وفي غير وقته، مضيفا أنه وفق التطورات سنرى الإجراءات التي سنتخذها.
مؤتمر حكومي
بدورها، أكدت الحكومة أنها اتخذت كل الإجراءات المتفق عليها في مواجهة فيروس كورونا المستجد COVID-19، من منظمة الصحة العالمية والمنظمات الدولية والإقليمية، للحد من انتشار الوباء وطرق التعامل مع المصابين به، مع التشدد في تطبيق الإجراءات المتبعة، حفاظا على سلامة وصحة المجتمع الكويتي، مشددة على أنه لا تهاون ولا مجاملة على حساب صحة وأمن دولة الكويت.جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي مشترك عقد ظهر أمس في قصر السيف، بعد إعلان وزارة الصحة اكتشاف 3 حالات مصابة بالفيروس، شارك فيه رئيس مركز التواصل الحكومي، الناطق الرسمي باسم الحكومة، طارق المزرم، ووكيل وزارة الصحة د. مصطفى رضا وفريق الوزارة، ومساعد وزير الخارجية للشؤون القنصلية، السفير سامي الحمد.وبيّنت وزارة الصحة أن إحدى الحالات المكتشفة لم تكن من ضمن طائرات الإجلاء الجوي الأخير، إنما لشخص ذهب إلى إيران وعاد، وتقدّم للوزارة بعد أن ظهرت عليه أعراض الإنفلونزا، في حين أن الحالتين الأخريين كانتا من ضمن طائرات الإجلاء، وتم الكشف عن إصابتها مبكرا، وقبل ظهور أعراض الإصابة بالفيروس، مؤكدة أنها تعاملت مع القادمين من مدينة قم بإجراءات صحيّة متشددة، لكونهم قادمين من مدينة مصدّرة للوباء، في حين تم التعامل مع بقية القادمين من المدن الأخرى بإجراءات أقل من الحالة الأولى، إلا أنها أعلى من الإجراءات المتّبعة في بقية الدول الأخرى.الشفافية
بدوره، قال المزرم إن التعامل مع انتشار "كورونا"، يتطلب منّا التعامل معه بشفافية، وهذه الشفافية تحتاج إلى دعم الجميع، والابتعاد عن تناقل الإشاعات، ونواجه الآن كمّا كبيرا من هذه الإشاعات غير صحيح، ولا نعلم جهاتها، وندعو الجميع الى أخذ المعلومات من مصادرها الرسمية، مبينا أن إعلان "الصحة"، صباح أمس، عن الحالات المصابة أتى من منطلق الشفافية، وحرصا على سلامة المواطنين والمقيمين، وموضحا أن مواجهة الوباء المنتشر تتطلب اتخاذ إجراءات مشددة.وبيّن المزرم أن جميع الجهات الحكومية تعمل على الحماية ومنع انتشار الوباء، وهذا الأمر يتطلب إجراءات استثنائية لمواجهة انتشاره، وجميع الإجراءات التي طبّقت أعد لها منذ نهاية ديسمبر الماضي، ومنذ إعلان الصين عن الفيروس، وعلى ضوء ذلك تم تفعيل خطة الطوارئ بين الجهات الحكومية والفرق المشكّلة بموجب قرار مجلس الوزراء، والتي سبق أن أعلنها المجلس.إجراءات «الصحة»
من جانبه، قال د. رضا إن وزارة الصحة أعلنت اكتشاف 3 حالات مصابة بالفيروس، مبينا أن أحد المصابين كويتي، والآخر سعودي، والثالث من غير محددي الجنسية.وأكد رضا أن وزارة الصحة، منذ إعلان المنظمة العالمية للصحة، نسقت مع كل الجهات الحكومية والمنظمات العالمية والدولية باتخاذ كل الإجراءات والتدابير لمواجهة هذا الوباء المعدي، فضلا عن اتخاذ إجراءات استثنائية، مبينا أن الكويت اتخذت منحى متشددا في إجراءاتها لمواجهة الفيروس، وذلك عبر منع القادمين من الدول الموبوءة من دخول البلاد، أو من كان فيها قبل إعلان انتشار الوباء في تلك الدول بـ 14 يوما، كإجراء احترازي، وهذه المدة هي المعلن عنها من منظمة الصحة العالمية الكافية لحضن الفيروس.وشدد على أن الكويت وفّرت جميع احتياجاتها من الكواشف المخبرية ومستلزماتها للكشف عن الفيروس، وتعدّ من أوائل الدول في العالم التي حصلت على الكواشف بعد الولايات المتحدة الأميركية، وهي سبّاقة في الحصول عليها.وقال رضا إنه بفضل خطة الطوارئ التي وضعها مجلس الوزراء والفريق المشكّل بين العديد من الجهات الحكومية، وضعت خطة لمواجهة هذا الوباء، كما دعت وزراء الصحة في الدول الخليجية الى اجتماعين؛ الأول كان في دبي والآخر بالرياض، للعمل على تنسيق وتوحيد الجهود لمواجهة هذا الفيروس ومكافحته.ولفت الى أنه بعد إعلان إيران عن إصابات بالفيروس في مدينة قم، أغلقت الكويت فورا المنافذ الجوية والبحرية مع إيران، منعا لانتشار وانتقال الفيروس، وتبعه الأمر بإغلاق جميع المنافذ مع العراق، لعدم وضوح الأمر لديهم.وقال إن الكويت لا تعد دولة موبوءة حتى الآن، إنما انتقل اليها المرض من خلال المسافرين الى الصين، وانتقل عبرهم الفيروس.قُم موبوءة
وبيّن أنه تم إجلاء المواطنين من إيران على دفعات، ولأن مدينة قُم هي التي تعتبر مدينة موبوءة تم التعامل مع المواطنين الذي كانوا موجودين فيها بإجراءات متشددة، وذلك عبر بروتوكول صحّي متشدد، تمثّل في توقيع كل المواطنين القادمين من مدينة قم على الإجراءات المتخذة قبل صعودهم الى الطائرات، وإبلاغهم بأنه سيتم الحجر عليهم 14 يوما، وأخذ كل الفحوص الطبية عليهم، وملاحظتهم لحين انتهاء الحجر، حتى وإن لم تتبين أعراض الإصابة بالفيروس، في حين طبّق بروتوكول آخر على المواطنين القادمين من مدينة مشهد، التي تبعد أكثر من 600 كليومتر عن "قم"، وفي برتوكول آخر متّبع من المنظمة الصحية العالمية، وهو عبر اتخاذ فحوص مخبرية والاكتفاء بالحجر المنزلي ما لم يكونوا قد ذهبوا الى مدينة قم.وبيّن أنه تم الكشف عن المسافرين القادمين من إيران في مطار سعد العبدالله، من خلال اتباع بروتوكول متّفق عليه عالميا، وأخذت منهم عيّنات "من سوائل الجسم"، وهو الإجراء المعتمد في الكشف عن الإصابات المبكّرة من المنظمات العالمية، وظهرت النتائج سليمة، ولا توجد إصابات من الرحلات الـ6 التي قدمت من إيران، باسثتناء الحالات الثلاث التي أعلنت، وهي اثنان تم اكتشافهما مبكرا، قبل ظهور أعراض عليها، والحالة الثالثة تقدّمت الى وزارة الصحة بعد إعلان إجراءات الوزارة ودعوتها إلى التواصل معها ممن ذهبوا الى المدن الموبوءة، ولم يكن صاحب الحالة الثالثة من ضمن العائدين بالإجلاء الجوي الأخير من إيران، وتم نقل المصابين الى الحجر العلاجي للتعامل معهم.وأكد أن الإجراءات للقادمين من مدينة قم مشددة، ووضعوا في الحجر الصحي في أحد الفنادق، ولم يتم استثناء أيّ من القادمين.لا ضغوط نيابية
وردا على سؤال "الجريدة" عّما إذا كانت وزارة الصحة قد تعرّضت لضغوط نيابية لإخراج أحد من الحجر الصحي، قال الوكيل رضا "لم ولن نتعرّض لأي ضغوط لإخراج أي شخص من الحجر الصحي، الأمر يتعلّق بصحة وسلامة وأمن مجتمع بالكامل، وجميع العائدين على علم بالإجراءات التي ستتخذ معهم قبل صعودهم الى الطائرات والعودة إلى البلاد، ووزارة الصحة لن تجامل بصحة المجتمع، ونحن كوننا أطباء أدّينا القسَم على حماية المجتمع، ولن نتهاون في أخذ أي إجراءات احترازية، وقد تكون بعض إجراءاتنا سبّاقة لبعض دول المنطقة، إلا أن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق المجتمع أيضا لا الحكومة، وذلك من خلال اتباع وسائل الحماية الشخصية من هذا الوباء الذي ينتشر عبر الرذاذ.نسبة عالية جداً
وقال إن هناك 28 دولة ظهر فيها الفيروس بأعداد متفاوتة، ووضع بعضها على أعلى القائمة، ومنها إيران، وتحديدا مدينة قم كمدينة مصدّرة للوباء، خصوصا أن اكتشاف الحالات تم بعد وفاة المصابين بالفيروس، مبينا أن معدل الوفيات العالمي يتراوح بين 2.5 و2.85 في المئة من المصابين بالفيروس، إلا أنه في مدينة قم بلغت النسبة 25 في المئة، وهي نسبة عالية جدا.وأكد أن وزارة الصحة حددت أماكن جديدة أخرى للحجر الصحي كإجراء احتياطي تحسّبا لأي تطورات، واتخذت إجراءات أكثر تشددا من بقية الدول الأخرى، حفاظا على سلامة المجتمع الكويتي، مضيفا أن الوزارة تتخذ كل الإجراءات، ووضعت خططا مستقبلية تحسّبا لأي طارئ، ونتمنى ألا نحتاج إلى تطبيقها.وكشف أنه تم تزويد وزارة التربية بـ 1100 جهاز كشف ومستلزمات وقائية، حرصا على سلامة وصحة أبنائنا الطلبة، وهذا الإجراء تم الترتيب له منذ بدء إعداد خطة مواجهة انتشار الفيروس.إجلاء 825 مواطناً
من جهته، قال مساعد وزير الخارجية للشؤون القنصلية، السفير سامي الحمد، إن تم اتخاذ الإجراءات المتفق عليها مسبقا لإجلاء المواطنين من إيران، وبلغ عدد من تم إجلاؤهم حتى الآن 825 مواطنا، وقد كُللت الجهود بالنجاح، بعد التنسيق مع الجهات الحكومية في البلاد وسفارة الكويت لإجلاء المواطنين من المدن الإيرانية المختلفة، ومنها طهران ومشهد وقم، وهناك نحو 200 مواطن سيتم إجلاؤهم قريبا.وأكد الحمد أنه تم إغلاق منافذ الكويت مع العراق، كإجراء احترازي لمنع انتشار الفيروس.وبيّن أنه لم تكن هناك أيّ صعوبات في إجلاء المواطنين القادمين من إيران أو أي معوقات، وحتى الآن، وبفضل جهود اللجنة التي شكّلها مجلس الوزراء، الأمور تسير في الطريق نفسها التي رُسمت لها، مضيفا: ندعو الجميع الى التعاون واتباع التعليمات التي تصدر من الجهات الرسمية، منعا لأي معوقات في احتواء الوضع.وعن إجلاء المواطنين من العراق، قال الحمد إنه سيتم التعامل مع كل دولة على حدة، والآن أغلقت المنافذ مع العراق، وبإمكان المواطنين العودة إلى البلاد عبر رحلات جوية أخرى (ترانزيت)، وهو المتاح الآن.